موقع متخصص بالشؤون الصينية

إنتهاء الشراكة عبر المحيط الهادئ تشير إلى فقدان القيادة الأمريكية شرعيتها في آسيا والمحيط الهادئ (العدد 52

0

صحيفة غلوبال تايمز الصينية
23- 1- 2017
لي هايدونغ ـ تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”:
كتب مؤخرا ست سفراء أميركون سابقون في آسيا، بما في ذلك ماكس بوكس، سفير الولايات المتحدة إلى الصين، نداءا أخيرا إلى الكونغرس الأمريكي مطالبين بدعم مستمر للشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP) والمرتبطة ب “مصداقية الولايات المتحدة باعتبارها أحد قادة المنطقة وشريكا تجاريا “في آسيا والمحيط الهادئ. لكن احتمال اطلاع الرئيس دونالد ترامب على طلب السفراء وتعديل معارضته الصارمة للشراكة عبر المحيط الهادئ يبقى ضعيفا.
اعترفنا بذلك أم لم نعترف، فإنه حتى السفراء القادرون وذوو الخبرة باتت سياساتهم بالية في مواجهة التغييرات الجذرية في سياسة الولايات المتحدة تجاه آسيا والمحيط الهادئ، واصبح هؤلاء يعانون لفهم ما يجري في العالم.
بالنسبة للمبتدئين، إن الشراكة عبر المحيط الهادئ تسير ضد التكامل الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، ولذلك ينبغي وضعها جانبا أو التخلي عنها. إن موقف واشنطن تجاه التكامل يعتمد على ما إذا كان الأخير يساعدها على الحفاظ على ريادتها في آسيا.
في العقد الأول التي تلا انتهاء الحرب الباردة، قادت الولايات المتحدة التكامل الإقليمي بشكل كامل ودفعته قدما. ولكن في العقد الذي تلا ذلك، بدأت بتحويل تركيزها من التكامل الى قيادة عمليات مكافحة الإرهاب العالمية. خلال هذه الفترة، اصبح مجتمع شرق آسيا أقوى عبر إنشاء آليات اقتصادية وأمنية متعددة الأطراف تمركزت في جنوب شرق آسيا.
وفي العقد الثالث بعد إنتهاء الحرب الباردة، أدركت الولايات المتحدة أن التكامل الاقتصادي لشرق آسيا لا يواتي بالضرورة تفوقها في المنطقة .
فعززت إدارة أوباما الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP) بشكل كبير لإعاقة وتمزيق التكامل الإقليمي لآسيا والمحيط الهادئ أكثر منه لصوغ آلية تجارية متعددة الأطراف بمعايير أعلى. هذه النية المقنّعة تجعل نكسة الشراكة عبر المحيط الهادئ نتيجة غير متوقعة. لكن بعض سفراء الولايات المتحدة يتظاهرون أنهم لم يدركوا الحقيقة المرة الحقيقة المرة أو ربما قد فشلوا في ذلك بالفعل.
وبالإضافة إلى ذلك، إن القيادة الأميركية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والتي منحتها لنفسها، التي تبدو عميقة الجذور في ذهنية السفراء الستة، قد بنت نفسها على تفتيت وحدة اقتصاد وأمن آسيا والمحيط الهادئ.
تقوي واشنطن تحالفاتها الثنائية في المنطقة، والتي هي حصرية بشكل كبير، من خلال خلق وتأجيج التوترات الإقليمية. وقد اقصت الشراكة عبر المحيط الهادئ بعض دول آسيا والمحيط الهادئ، وخلقت مفهوما لا يستفيد منه سوى أعضائها.
وبعبارة أخرى، لقد جلبت كل من التحالفات الأميركية وحلف الشراكة عبر المحيط الهادئ نزاعات وانقساما دائما الى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بدلا من جلب السلام والازدهار. وبالتالي، إن القيادة الأمريكية تفقد شرعيتها فيما ترفضها العديد من البلدان. لكن سفراء الولايات المتحدة قد نسوا وضع أنفسهم مكان الآخرين.
لقد تخوف السفراء الست أن تتنازل الولايات المتحدة عن دورها القيادي في تجارة الصين الإقليمية، لكنهم لم يدركوا أن آسيان (رابطة دول جنوب شرق آسيا)، وليس الصين، هي التي تقف في صلب التجارة الحرة لدول آسيا والمحيط الهادئ. بالنسبة للسفراء، إن بناء اتفاقيات تجارية في المنطقة هو عملية حصرية. وبالتالي، فإنه على الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP) أن تتنافس مع الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP) للهيمنة على الاقتصاد الإقليمي. لقد ظنوا أن الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة تبرز القيادة الصينية ونفوذها العملي.
لسوء الحظ، لقد تجاهلوا الطبيعة الشاملة للتكامل الاقتصادي في المنطقة ومنافعه المتبادلة واساؤوا فهم الدور المركزي لرابطة دول جنوب شرق آسيا (اسيان). إن الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة ((RCEP تدعم رابطة دول جنوب شرق آسيا (اسيان) دعما كاملا وكانت مفتوحة امام البلدان من المنطقة وخارجها، الأمر الذي ترحب به الصين.
ومع ذلك، فإن السفراء يميلون إلى رؤية أي ترتيب يمكن أن تستفيد الصين منه على أنه محاولة لكسف القيادة الأميركية، وهو ما يعني في الواقع فقدانهم الثقة ببلدهم.
ما خلف سطور الرسالة هو أن الولايات المتحدة في عهد ترامب يجب أن تتكيف سريعا مع عالم متعدد الأقطاب. واستنادا إلى خطابهم، لقد أساء ترامب وفريقه التقدير في عدة مواقف خطيرة تتعلق بالوضع في الولايات المتحدة وخارجها. إن خططهم لفرض رسوم جمركية عالية واعتماد سياسات لحماية التجارة تسير ضد تيار العولمة. انهم يحمّلون بلدانا مثل الصين مسؤولية الإقتصاد الأميركي الضعيف وارتفاع معدل البطالة في البلاد.
في الواقع، إن التجارة مع الصين ساعدت في انتعاش الاقتصاد الأميركي وفي خلق فرص عمل، ومشاكل الولايات المتحدة سببها التطور التكنولوجي، لا التجارة الثنائية. إن اتهام دول أخرى بمشاكل الولايات المتحدة سيؤدي فقط الى “عزل” البلاد عن بقية العالم.
ما تولاه ترامب هو بلد يعاني من انقسامات واسعة في الجبهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويصعب على الرئيس الجديد قلب تسوس البلاد. وبالتالي سيكون على الولايات المتحدة أن تتعلم التكيف مع عالم متعدد الأقطاب.
لقد ترك السفراء الستة مناصبهم منذ فترة وجيزة. وإذا ما انحرفت عقلية ترامب وسياساته عن توجه الاقتصاد العالمي، فإنه سيترك منصبه أيضا في المستقبل القريب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.