موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين كما رأيتها.. من الأب إلى الإبن: يوميات رحلة إلى الصين (3) (العدد68)

0

 

نشرة الصين بعيون عربية ـ
علي مهدي محمود ريا:

الصين دولة عظيمة ومتقدمة، ولكن على الرغم من تقدمها فإنها لا تنسى تاريخها، بل تضع الإهتمام بالتاريخ والأماكن التاريخية على رأس سلم أولوياتها.
يوم السبت 22 نيسان 2017 كان اليوم المحدد لزيارة إحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة، وأحد أهم الأماكن التي لا بد للزوّار والسائحين من رؤيتها. في الصباح الباكر استقلينا الحافلة وانطلقت إلى حدود مدينة بكين، ومنها إلى سور الصين العظيم.
سور الصين العظيم هو سور يمتد على الحدود الشمالية والشمالية الغربية لجمهورية الصين الشعبية، من تشنهوانغتاو على خليج بحر بوهاي (البحر الأصفر) في الشرق إلى منطقة غاوتاي في مقاطعة غانسو في الغرب. تم بناء سور آخر إلى الجنوب، وامتد من منطقة بكين إلى هاندن.
وصلنا إلى السور بعد حوالي الساعة بالحافلة. السور كبير جدا ولكننا قصدنا جزءاً منه للصعود عليه.
فور وصولنا إلى المكان لفتننا امتداد السور على اليمين وعلى اليسار، هناك مجموعة كبيرة من المعابد الصغيرة والمحلات التجارية التي تبيع التحف والأطعمة السريعة والمثلّجات والعصائر. أخذنا بعض الماء وبدأنا الصعود، درج عال كأنه لا نهاية له، وعند نهاية كل مجموعة من الدرجات تجد برج مراقبة شاهق الإرتفاع، يطل على جانبي السور.
عدد الزوار كبير جداً، طلاب مدارس، زوار صينيون، وسياح أجانب، على الرغم من ارتفاع السور الشاهق وعدد الدرجات التي تفوق الألف درجة، إلا أن المكان مزدحم جداً، على كل درجة هناك زائر للسور، منهم من يصعد الدرج في محاولة لبلوغ نهاية هذا الجزء من السور، ومنهم من ينزله بعد تحقيق أهدافه، عند وصولك لنهاية الدرج تستطيع أن تحفر إسمك على إحدى الميداليات التي تثبت صعودك للسور وتحصل عليها.
ليس كل من يحاول الوصول إلى القمة يبلغها، أغلب الناس يصلون إلى منتصف الطريق أو إلى أحد أبراج المراقبة ويعودون أدراجهم، وعندما تصل إلى مسافة محددة وتفكر في صعود المزيد عليك أن تنتبه إلى أنه يجب عليك نزول هذه الدرجات مجدداً، وهذا الأمر ليس بسيطاً أبداً، علماً أنه لا يوجد أماكن للإستراحة على الدرج: يجب عليك الصعود والصعود.. ومن ثم الصعود.
على جانبي السور تنتشر الأشجار الخضراء والمساحات الحرجية الشاسعة، ويطل الجزء الذي زرته على بحيرة كبيرة، المنظر من الأعلى رائع بشكل لا تستطيع الكلمات وصفه، فعلاً إنه من عجائب الدنيا.
عندما كنت أحاول صعود السور سألت مرافقينا قائلاً: نحن نحاول فقط صعود الدرجات ونعاني بشدة، كيف استطاع من بناها أن يبنيها، وكيف للجيوش أن تستطيع إختراقها.
نزلنا إلى الأرض، تناولنا المثلجات اللذيذة، ولا أنصحكم بأن تفوتوا تذوق المثلجات الخاصة بمدينة بكين والتي تحمل إسمها، طعمها لذيذ للغاية، عدنا بعدها إلى الفندق متعبين جداً.
في صباح اليوم التالي، والذي من المفترض أن يكون يوم إستراحة من زيارة السور، قررت مع بعض الأصدقاء الإستفادة من النهار لأقصى درجة ممكن، استيقظنا باكراً، تناولنا الإفطار واستقلينا مترو الأنفاق متجهين إلى معبد اللاما (Lama Temple).
دعونا نتوقف قليلاً عند المترو، محطاته منتشرة في كل مكان، تستطيع من خلاله التجول في كل أحياء بكين والتي تمتد على مساحات شاسعة، بأسعار زهيدة جداً لا تتجاوز الأربع يوانات (أقل من 70 سنت)، محطات ضخمة تحت الأرض، طول خطوطه تكفي للتنقل ليس في بيروت فقط بل في كل لبنان، مستوى التنظيم داخل المترو عال جداً، مواعيد القطارات دقيقة للغاية، التنقل بين الخطوط سهل جداً، وعلامات التوجيه موجودة باللغتين الصينية والأنكليزية.
نعود إلى المعبد، وصلنا إلى محطة المترو المقصودة والتي تحمل إسم المعبد، توجهنا بعدها إلى شباك التذاكر، قطعنا تذاكر للدخول، وبدأنا التجول في المساحات المحيطة بالمعبد بما فيها من أشجار وحدائق وورود، بعدها دخلنا البوابة. يحتوي المعبد على عدد كبير جداً من المعابد مقسمة على شكل ساحة من ثم مبنى في المنتصف ومبنى على اليمين ومبنى على اليسار، بعدها ساحة ومن ثم التقسيم نفسه، لما يزيد عن العشر ساحات، كل المباني تحتوي على تماثيل لبوذا وبقية الحكماء الصينيين. تستمر في التنقل بين الغرف والساحات ورائحة البخور تملأ أنفك، وأصوات المصلين لا تفارق أذنيك، حتى تصل إلى القاعة الأخيرة.
كل قاعة من القاعات تملك إسماً وتحتوي على بابها لوحة تعريفية بها وبالتماثيل الموجودة داخلها بعدد من اللغات.
في القاعة الأخيرة تمثال ضخم لبوذا يزيد طوله عن 26 متراً، مصنوع من شجر الصندل الصخم، يغلب على المكان طابع من الخشوع، التصوير ممنوع، وأغلب المتواجدين من الصين والدول المحيطة التي تعتنق البوذية، وهم موجودون هنا للعبادة، حيث يحتوي المعبد على أماكن خاصة للصلاة وإقامة المراسم العبادية.
وفي الجهة المقابلة للمعبد تجد أيضاً معبد كونفوشيوس شاخصاً أمامك.
خرجنا بعدها إلى الشارع، الناس يملأون المكان، سياح، مصلين، زوار من مدن صينية أخرى، الفرح هو أبرز السمات الظاهرة عليهم، والتنظيم يغلب على كل شيء، أنظمة المرور، الإشارات الضوئية وغيرها كما هو الحال في بكين والمدن الصينية الأخرى بشكل عام، يغلب على هذا الشارع الطابع السياحي، أغلب المحال تبيع التماثيل وخاصة التماثيل التي تشخّص بوذا، إضافة إلى أدوات الصلاة، عيدان البخور بكل أنواعها وأشكالها وروائحها، أغراض الصلاة لدى البوذيين من مسابح وسلاسل وغيرها.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.