موقع متخصص بالشؤون الصينية

مقالة : الحزام والطريق وقناة السويس .. رهان على تناغم تحرّكه المصالح المشتركة

0


وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
خلال السنوات الثلاث الأخيرة شهدت عملية بناء الحزام والطريق تطورات ناجحة وحققت سلسلة من الإنجازات المبدئية. وقد وقعت، بحسب الأرقام الأخيرة، نحو 68 دولة بما في ذلك مصر على اتفاقيات تعاون تحت إطارها فتحت تلك الاتفاقيات آفاقا جديدة لتطوير علاقات الصين مع الدول التي تطل على خطوط الحزام والطريق.
وقد ارتقت تلك الاتفاقيات التي أبرمت بين مصر والصين في ضوء مبادرة الحزام والطريق وآخرها 6 اتفاقيات يوم 15 مايو الماضي على هامش منتدى الاستثمار المصري -الصيني “قناة السويس بوابة طريق الحرير”، بمستوى التعاون الصيني المصري ونوعيته وضخت حيوية جديدة فيه، إذ أنه قد تم التوقيع من بينها على اتفاقيتين في مجال الفضاء كمجال جديد واتفاقيات أخرى بشأن ميناء ونقل الكهرباء وقرض بقيمة 500 مليون دولار.
– – خطاب شي حافز جديد
وحمل خطاب الرئيس شي جين بينغ في منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي العديد من الحوافز التي يمكن أن تعزز مسعى مصر في ترجمة أهدافها بصفتها إحدى الدول الهامة الواقعة على خطوط المبادرة، وتنقل التعاون إلى مستوى أرقى يتناسب مع حجم شراكتهما الإستراتيجية الشاملة.
وأعلن شي عن دعم مالي ضخم لمشاريع المبادرة من بينها تخصيص 100 مليار يوان (نحو 14.5 مليار دولار أمريكي) لدعم صندوق طريق الحرير، وما يساوي 380 مليار يوان على هيئة قروض لمشروعات البنية التحتية والتنمية، علاوة على تخصيص 300 مليار يوان لتنفيذ الأعمال عبر البحار التي يتم تمويلها باليوان الصيني وكذا تم تخصيص 60 مليار يوان كمساعدة لتطوير البلدان النامية والمنظمات الدولية.
ويتفق الخبراء على أن مصر التي شاركت في تأسيس بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية وأعلنت دعمها للمبادرة تكون في وضع مميز للاستفادة من تلك الفرص لدعم بنيتها التحتية ومشاريعها التنموية، وذلك من خلال عمل صانعي القرار في الجانبين على تنسيق السياسات الاقتصادية والبحث عن مشاريع مشتركة تحقق المزيد من الفوائد للشعبين والبلدين.
— مبادرة مهمة
وأكد رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية والأفريقية محمد الوكيل أهمية مبادرة الحزام والطريق بأنها “ستساعد في دفع عجلة التنمية بدول الحزام والطريق، وضخ استثمارات أكثر، وإقامة مشروعات جديدة، ما يخلق مزيدا من فرص العمل للشباب”.
وتابع الوكيل في تصريحاته لـ((شينخوا)) على هامش المنتدى بقوله إن إحياء طريق الحرير القديم سوف يوسع مساحات الأسواق بالنسبة للمنتجات المحلية للدول المطلة على مسارات الحزام والطريق ما سيؤدي إلى تسهيل النقل والتنقل للأفراد والمنتجات وخاصة فيما يتعلق بالشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتهدف مبادرة الحزام والطريق الصينية التي اقترحها الرئيس الصيني عام 2013 إلى ربط قارات العالم القديم الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا بشبكة من مشاريع البنية التحتية والتجارة على طول مسارات التجارة القديمة. وقد جاءت في توقيت مهم في مواجهة اتجاهات الحمائية والتباطؤ القائم في مجال التجارة.
وأسهم التعاون بين مصر والصين في ضوء المبادرة في زيادة عدد الشركات الصينية في مصر من 40 في عام 2014 إلى أكثر من 100 حاليا فضلا عن توسع حجم الاستثمارات الصينية في مصر إلى 700 مليون دولار وهو حجم لا يزال ضئيلا ولا يعبر حقيقة عن عمق العلاقة بين البلدين سياسيا.
لكن في العموم يسير التعاون بين الجانبين في ترقية شبكة الكهرباء الوطنية المصرية بصورة جيدة ويسرع صندوق الحرير خطواته على الاستثمار في المجالات المحددة ويجرى التعاون حول بعض المشاريع الثنائية ومتعددة الأطراف بصورة سليمة في وقت يدفع فيه التعاون في القدرة الإنتاجية.
— قناة السويس فرس الرهان
وبينما تراهن مصر على قناة السويس، يتوقع أن يزداد التعاون في ضوء تكامل المبادرة الطموحة مع المحور الاقتصادي للمنطقة، الذي يعد الجانب الصيني أكبر مستثمر فيه ممثلا في شركة تيدا الصينية التي توسعت مساحتها من 2 كم إلى نحو 7.5 كم حاليا.
وتحظى قناة السويس بأهمية لدى الجانب الصيني إذ يمر بها طريق الحرير البحري للقرن الـ21، الذراع البحري للمبادرة. وقد قام نائب رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس عبد القادر درويش على هامش منتدى قناة السويس بوابة طريق الحرير بالتوقيع على اتفاقية إطارية بشأن ميناء عين السخنة مع الجانب الصيني، ممثلا في ميناء تشينغداو وصندوق التنمية الصيني، يمكن أن تعد خطوة على صعيد تعاون مشترك أوسع بين الجانبين في المنطقة.
وينظر إلي الاتفاقية على أنها حجر زاوية لمجالات التعاون وتصب في مصلحة إنجاز المبادرة الصينية، “حيث أنها ستساعد على استدامة وتأمين سلاسل الإمداد الخاصة بكل من الاقتصادين المصري والصيني وتسهيل نفاذ تجارة دول الجوار الإفريقي والعربي ودول البحر المتوسط إلى الأسواق العالمية مما يدعم التبادل التجاري”، حسبما قال عبد القادر درويش.
وتتطلع مصر إلى تطوير 6 موانئ على الأقل استعدادا لاستيعاب الحجم المتزايد المتوقع للتجارة العالمية في السنوات القادمة وآفاق التجارة بعد تطوير منطقة قناة السويس. وقد عرض الوفد المصري على الجانب الصيني الاستثمار في تطوير 3 موانئ على الأقل حسبما قال مصدر مطلع على المفاوضات لـ ((شينخوا)).
ومن شأن جذب الاستثمارات الصينية إلى المشاريع ذات الأولوية التي تعتزم الحكومة المصرية إقامتها في المنطقة من أنشطة إنتاجية وخدمية ولوجيستية أن يصب بالقطع في خدمة الجانبين والتجارة العالمية. فمصر تعتبر من أهم محاور حركة التجارة العالمية وبقيامها بإنشاء قناة السويس الجديدة أكدت على الدور الإستراتيجي في تمكين حركة التجارة الدولية.
كما تعد الاتفاقيات التجارية الموقعة بين مصر ومحيطها الإقليمي العربي والإفريقي وكذا الاتحاد الأوروبي منطقة جذب محورية للمستثمرين العالميين المؤثرين في مجالات مثل الطاقة والاتصالات والصناعات بكافة أنواعها وأنشطة القيمة المضافة واللوجيسيات.
وينظر الصينيون إلى الجهود والإجراءات التي اتخذتها مصر لتحسين مناخ الاستثمار والتشريعات ذات الصلة مؤخرا بشكل إيجابي. وقد أعرب العديد من ممثلي الشركات الصينية أثناء حضورهم منتدى قناة السويس بوابة طريق الحرير عن رغبتهم في تنفيذ تلك الإجراءات سريعا.
— طريق الحرير الرقمي
ويرى مهتمون بالتعاون التجاري بين البلدين أن طريق الحرير الرقمي يحمل فرصا طيبة للجانبين لتعزيز التبادل التجاري في ضوء اهتمام بعض الشركات الصينية الذي تجلى في المنتدى بهذا المجال. ويمكن لمصر أن تحقق الاستفادة من مشروع طريق الحرير الرقمي من خلال مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في الاتجاه نحو العالمية من خلال التجارة الإلكترونية.
وهذا من شأنه أن يحقق فائدة مزدوجة، فبالإضافة إلى زيادة التشغيل وخلق فرص العمل التي تتيحها للمحليين المصريين ووصول منتجات يحتاجها المستهلكون الصينيون، يمكن أن يؤدي ذلك على الجانب الآخر إلى تحقيق بعض الإتزان للميزان التجاري الذي يميل في معظمه إلى الصين.
ويتسق أكسبو الواردات الصيني لدول طريق الحرير الذي أعلن الرئيس الصيني عن تدشينه ابتداء من العام المقبل مع مسعى الجانبين المشترك لعلاج الخلل كخطوة لتعزيز وصول صادرات الدول الواقعة على طول المبادرة ومنها مصر إلى الصين.
وهناك جهد يبذل حاليا من الجانب المصري مع الجانب الصيني لو انتهى إلى نتيجة فسيكون نقطة مضيئة أخرى في التعاون الصناعي أو القدرة الإنتاجية بين الجانبين ويسهم أيضا في علاج قضية الخلل التجاري وهو ما صرح به وزير الصناعة والتجارة المصري طارق قابيل في المنتدى ردا على سؤال لـ((شينخوا)).
وكشف قابيل أن الجانب المصري يتفاوض مع الجانب الصيني في نقل وتطوير هياكل إنتاجية مثل مصانع الغزل والنسيج إلى مصر بهدف الإنتاج وتصدير المنتجات فيما بعد إلى الصين وأسواق أخرى.
–مصلحة مشتركة
إن الصين تمتلك حاليا وفرة في رأس المال بعد عقود من الإصلاح والانفتاح والنمو السريع. وتزخر مصر بالعديد من الفرص الاستثمارية الواعدة في مختلف القطاعات منها تنمية منطقة قناة السويس والعاصمة الإدارية ومشروع الجلالة ومشروع المثلث الذهبي ومشروع مدينة العلمين، وتحتاج جميعها إلى استثمارات أجنبية جنبا إلى جنب مع الاستثمارات المحلية، ما يفتح المزيد من الفرص لتكامل الاقتصادين.
ويعتقد مستشار وزير النقل محمود علام أن “التعاون بين مصر والصين في مشاريع مثل بناء البنية الأساسية والتسهيلات في الموانئ والمناطق اللوجستية من شأنه أن يفيد الجانبين ويخدم حركة التجارة العالمية بشكل أسرع وبشكل تنافسي وأسعار أقل”.
وقال لـ((شينخوا)) إن “كل المؤشرات تشير إلى أنها (المبادرة) من الممكن أن تنقلنا نقلة عالمية وخاصة الدول النامية التي تستطيع أن تستفيد من الفرص التي تتيحها”.
فمن منغوليا إلى ماليزيا إلى تايلاند إلى باكستان إلى لاوس إلى أوزبكستان، يتم في الوقت الراهن إنشاء الكثير من المشروعات التي تشمل السكك الحديدية فائقة السرعة والجسور والموانئ والمجمعات الصناعية وخطوط أنابيب النفط وشبكات الطاقة. وكنتيجة لذلك، ارتفعت مستويات معيشة الكثيرين على طول طرق المبادرة.
وفي مصر، يتطلع الشعب إلى تحسين مستوى معيشته وحياة أفضل وهو ما يطمح إليه ويسعى من أجله صانعو القرار المصريون بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ويتفق تماما مع طموح الشعب الصيني وهدف الرئيس الصيني شي جين بينغ من وراء إطلاق مبادرة الحزام والطريق، وكلها أسباب في النهاية تؤكد على وجود مصلحة مشتركة وعلى ضرورة الاهتمام المشترك بدفع التعاون بين الجانبين للاستفادة من الفرص ومواجهة التحديات معا لتحقيق تطلعات الشعبين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.