موقع متخصص بالشؤون الصينية

#الجاسوس بطل.. طالما يعمل للأميركيين (العدد 69)

0

محمود ريا
هل هو أمر عجيب أن تلاحق الأميركي صورة الملاك، في أي مكان كان، وعلى أية حال، ومهما كان الدور الذي يؤديه؟
لا، ليس عجيباً، طالما أن الولايات المتحدة تمسك بالآلة الإعلامية العالمية، وتحرّكها كيف تشاء.
الأمثلة كثيرة وأكثر من أن تُعدّ، ولكن فوقها كلها هناك مثل جديد.
“الصين تقتل أميركيين”، تكاد وسائل الإعلام الأميركية أن توصّف بهذا الشكل ما سرّبته مصادر ما، في مكان ما، لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، ومفاده أن الصين “صفّت” عملاء للاستخبارات الأميركية بين عامي 2010 و2012.
مهلاً.. الصورة ليست دقيقة، فالقتلى ليسوا بالضرورة أميركيين، والقتلى هم جواسيس، إن كان هناك قتلى فعلاً.
هكذا تقلب وسائل الإعلام الأميركية الصورة، وتتبعها وسائل الإعلام العالمية بمختلف لغاتها، فيصبح الأميركي بطلاً، قاتلاً أو مقتولاً، جاسوساً أو ملاكاً، معتدياً على سيادة الدول الأخرى، أو مانعاً الدول الأخرى من العمل على الأراضي الأميركية.
لم تؤكد الصين “الخبر النيويوركي” ولم تنفه. وسائل الإعلام الصينية حاولت الرد على الحملة الأميركية بتذكير العالم أن ما تقوله الصحيفة الأميركية أن هؤلاء الأشخاص الذين تتحدث هم جواسيس، ومنهم من خان وطنه لخدمة جهاز مخابرات لدولة أخرى، وأن إضفاء صورة الأبطال، وصورة الضحايا في الوقت نفسه، عليهم أمر غير منطقي.
وحاولت وسائل الإعلام الصينية فتح أبصار العالم إلى القصص الخيالية التي أوردتها الرواية “النيويوركية”، وإلى ستحالة حصول الكثير من ” التهيؤات” التي وردت في القصة “الجيمس بوندية”، وأن كل ما ورد في القصة المفبركة هو محاولة جديدة لشيطنة الصين وإظهار قيادتها بمظهر القيادة القاسية التي “تقتل المساكين”، الذين هم بالصدفة جواسيس وعملاء لدولة أخرى، هي بالتأكيد ليست دولة صديقة بكل معنى الكلمة، وإن لم تكن دولة عدوة ـ حتى الآن ـ بكل معنى الكلمة أيضاً.
بالطبع، الرد الصيني كان قوياً وحاسماً، ولكنه لن يأخذ صدى عالمياً يوازي ذلك الذي أخذته “القصة الخيالية” لصحيفة نيويورك تايمز، وذلك لأن الآلة الإعلامية العالمية ما زالت بيد الأميركيين، وستبقى كذلك، إن لم يقم تحالف إعلامي عالمي حقيقي لمواجهة هذه الهيمنة الأميركية على الإعلام والمعلومة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.