موقع متخصص بالشؤون الصينية

الرئيس الفلبيني دوتيرتي سيبقي على علاقات وثيقة مع الصين (العدد 79)

0

صحيفة غلوبال تايمز الصينية ـ
شيو لي/
19– 7- 2017
تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”

 

بعد تسلمه السلطة في حزيران/ يونيو العام 2016، عدّل الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي سريعاً استراتيجية بلاده تجاه الصين وطبّع العلاقات وحسًن العلاقات الاقتصادية الثنائية خلال فترة قصيرة جدا. وخلال عام واحد فقط، غيّرت الفلبين موقفها الهامشي على خريطة مبادرة الحزام والطريق الصينية. ومن خبرات سابقة، يتخوف العديد من العلماء الصينيين من أن تتغير سياسة دوتيرتي الصينية الحالية مرة أخرى، وبالتالي يرفضون إنفاق الكثير من الموارد الاستراتيجية على البلاد.
والسؤال هو، هل سيُبقي دوتيرتي على استراتيجيته الصينية؟ وجوابي هو: من المرجح جدا أن يواصل دوتيرتي سياسته الحالية تجاه الصين حتى نهاية ولايته عام 2022.
إن مركز الجذب الاقتصادي في الفلبين هو مانيلا والمناطق المحيطة بها، حيث الطبقة الوسطى كبيرة وحيث تلعب الولايات المتحدة دوراً مؤثراً. والعائلات الكبيرة في المنطقة مؤيدة دائماً للولايات المتحدة، وعائلة أكينو تشكل نموذجاً ممثلاً. لقد اتبع الرئيس السابق بينينو أكينو الثالث سياسة مؤيدة للولايات المتحدة ومعادية تجاه الصين، على الرغم من كونها غير مواتية لتحقيق القدر الأكبر من المصالح الوطنية. بدوره، اكتسب دوتيرتي التأييد الشعبي بسبب سمعته النظيفة، ودعمه لمكافحة المخدرات، وجهوده لتحسين معيشة الشعب من خلال تنظيم الضمان الاجتماعي. إن إحدى السمات المميزة للإيكولوجيا السياسية في الفلبين هي سياسة العائلات، فمن دون دعم الأسر الكبيرة يصبح على السياسيين الاعتماد على سمعة شعبية حسنة. وتعاني المنطقة الجنوبية من البلاد، حيث راكم دوتيرتي رأس ماله السياسي، من التخلف الاقتصادي، وانتشار المخدرات، والتطرف الديني. بالإضافة إلى ذلك، لقد ترك مقتل السكان المحليين خلال الفترة الاستعمارية الأمريكية انطباعاً عميقاً لدى الناس التي تعيش في المنطقة. ووفقا لهذه الخلفية، غيّر دوتيرتي السياسة الخارجية المؤيدة للولايات المتحدة في الفلبين بعد توليه السلطة العام الماضي.
وبناءً عليه، خفضت الفلبين تعاونها العسكري والأمني ​​مع الولايات المتحدة. كما نحى دوتيرتي جانباً بشكل مؤقت قرار التحكيم بشأن بحر الصين الجنوبي وسعى إلى تطوير علاقات أوثق مع الصين من خلال إجراءات مختلفة لاقت رداً متحمساً من قبل بكين. وقد تحسّنت العلاقات السياسية بين الفلبين والصين بشكل كبير فيما ازداد التعاون الاقتصادي الثنائي بشكل مطّرد. وقد أولى دوتيرتي اهتماماً كبيراً بعلاقات البلاد مع اليابان، أكبر مصدر للاستثمار في الفلبين. وستساعد جميع هذه الجهود الاقتصاد الفلبيني. فالمساعدات الأمريكية للحلفاء تركز بشكل رئيسي على الأمن، مصحوبة بغياب للاستثمارات واسعة النطاق. إن إستراتيجية دوتيرتي هي أكثر انسجاماً مع المصالح الوطنية الفلبينية من سياسة أكينو، لذلك إن سلوك المسار الحالي خيار منطقي.
ليس لدى دوتيرتي أي سبب يستدعي تعديل سياسته الحالية بشأن بحر الصين الجنوبي. فهو يركز على القضايا الداخلية، وبالتالي لا يرغب في إهدار الكثير من الطاقة على المشكلة الشائكة لبحر الصين الجنوبي. وحل النزاع على بحر الصين الجنوبي سيستغرق وقتاً طويلاً فعلاً. قد يتفوه دوتيرتي أحيانا بكلمات قاسية تجاه الصين فيما يتعلق بتوترات بحر الصين الجنوبي متأثراً بفعل الوضع السياسي المحلي للفلبين وضغوط دول أخرى، لكنه لن يتخذ بالضرورة إجراءات ملموسة، وسيكون الضرر محدوداً.
لا يدير دوتيرتي سفينة الدولة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية وفقا لعواطفه وإنما بالاعتماد على استراتيجية تمت دراستها بعناية.  إن تفكير دوتيرتي الدبلوماسي هو: الحفاظ على مسافة معقولة مع الولايات المتحدة في مجال التعاون العسكري لكن دون الاستسلام للتحالف العسكري الأمريكي الفلبيني؛ تطوير علاقات أوثق مع اليابان لكسب منافع اقتصادية؛ وضع التوترات في بحر الصين الجنوبي تحت السيطرة؛ بذل قصارى جهده لتعزيز التعاون الاقتصادي مع الصين، مع الاهتمام بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والهند.
إن سياسة دوتيرتي الخارجية توجد مناخاً مواتياً نسبياً للتخفيف من حدة التوترات في بحر الصين الجنوبي. كما أن الوضع السياسي المحلي في فيتنام وماليزيا جيد أيضاً لجلب الدولتين إلى طاولة المفاوضات. فضلاً عن ذلك، إن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القائلة بجعل “أمريكا أولاً” قد تؤثر على عمق تدخل الولايات المتحدة في توترات بحر الصين الجنوبي. وستكون هناك نافذة من الوقت للدول التي لها مطالب في بحر الصين الجنوبي لتسوية خلافاتها بشكل مناسب من خلال المفاوضات، وينبغي على الصين اغتنام هذه الفرصة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.