موقع متخصص بالشؤون الصينية

طريق الحرير … يُنهي الحرب ويبعث السلام

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
الدكتور سمير حمدان*:

شكلت مبادرة الرئيس الصيني (شي جين بينغ) المتعلقة ببعث الحياة لطريق الحرير التاريخي في العام 2013 ، نقطة تحول في الفكر الاقتصادي العالمي ، وضربة موجعة للهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العالم . تنبّهت القيادة الصينية للدور الذي تلعبه تجارة السلاح في العالم والتي تقودها وتهيمن عليها الولايات المتحدة الامريكية، وما ألحقته هذه السياسة من قتل ودمار وتخريب في بقاع شتى من العالم، بدأ من تفكيك الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية، وأخيراً بتدمير عددٍ من البلدان العربية وفي مقدمتها سوريا. لقد جاءت المبادرة الصينية لتشهر السلم في وجه الحرب والحياة في وجه الموت والتعاون في وجه الشقاق والنزاع. جاءت المبادرة لتقول للعالم في قاراته الخمس أن هناك طريقاً للعالم أجمع غير الطريق الذي يبدأ وينتهي بأمريكا .
لقد تنبهت القيادة الصينية لأهمية إعادة تشكيل العالم على أساس من تعاون الحضارات لا تنافرها . ولا يمكن أن يتم هذا الأمر بدون إحياء طريق الحرير القديم الذي يتم تجديده منذ عدة سنوات، من خلال مبادرة دولية تقدّم بها الرئيس الصيني (شي جين بينغ)، موسومة بِـ”الحزام والطريق”، وفي سبيل التعريف بها والترويج إليها، تنادت صحيفة الشعب اليومية الصينية لسان حال الحزب الحاكم، الى دعوة مئات الصحفيين والإعلاميين والكتّاب والبحّاثة والمتخصّصين بشؤون الصين والعالم، لحضور منتدى دولي ضخم يتناولها ويعرّف بها ، تم عَقده مؤخراً في مدينة دونغهوانغ، بمنطقة غانسو الصينية الغربية الذي يَطغى عليها الطابه الإسلامي.
طريق الحرير البري والبحري القديم كان ولد مع ولادة الانسان القديم، حيث ربط روما وبارثيا وكوشان، ولاحقا أسيا بأفريقيا بأوروبا، وكان للعالم العربي نصيب حيث الاردن ومصر وسوريا ولبنان شكّلت الحاضنة التاريخية لطريق الحرير في الحقب التاريخية القديمة .هذا الطريق يمتد لألاف الكيلومترات براً وبحراً، ويربط معظم بلدان العالم بممرات برية وبحرية تجعل من انسياب البضائع والبشر سِمة من سِمات العالم الحديث، الذي ستسير في طرقه وممراته السفن والقطارات والشاحنات، وهي سُبل بلدان مثلتها في المنتدى المذكور شخصيات دولية وقارية معروفة بكتاباتها وسعة معارفها وموضوعيتها .
هكذا نفهم لماذا رصدت الصين مائة وخمسون مليار دولار لترميم وتطوير وإعادة أحياء الطريق التاريخي. هذا الطريق الذي ساهم في نقل الحرير الصيني للعالم، حيث وصل دمشق ومدن ومناطق الاردن القديمة، وصنع فيها وصدر لبقية دول العالم ، وتبع الحرير الشاي والورق وأدوات الطباعة . وفي المقابل وعبر هذا الطريق عبرت الصين الخيول العربية والمصنوعات الاوروبية والتوابل الهندية .
بين عام 1877 وعام 2013 يولد التاريخ من جديد . حيث شكل الاول حصول الطريق على إسم الحرير، وشكل الثاني ولادة الحرير من جديد .
إننا في العالم العربي أشد شعوب العالم ترحيباً بالمبادرة الصينية الجديدة لأحياء الطريق القديم، حيث انضم للمبادرة التي واصلت انطلاقتها بزخم كبير وملحوظ في العام 2017 أكثر من سبعين دولة في القارات الأربع ومن عالمنا العربي الاردن وسوريا ومصر، كذلك نحن أشد المرّحبين بمبادرات صحيفة الشعب اليومية الصينية لتعريف العالم العربي بتلك المبادرة الشيجينبينغية، وتسهيل طريقها إلينا، وهي الصحيفة التي طالما وقفت بالكلمة الشريفة الى جانب الحقوق الفلسطينية والعربية.
لقد خبرنا الصين على مدى سنوات طويلة صديقاً موثوقاً للعرب . صديقاً يحترم الإرث التاريخي والعلاقات الانسانية التي ربطت الحضارتين العريقتين الصينية والعربية بأوثق الروابط . حيث كانت الصين على الدوام داعية للسلم ورافضة للعدوان ووقفت مع قضايا العرب في المحافل الدولية وخاصة القضية الفلسطينية .
لقد تساءل البعض عن الفيتو الصيني الروسي لأكثر من مرة في مجلس الأمن لإحباط مشاريع أمريكية أوروبية كانت تهدف لتدمير الدولة السورية . كان يمكن أن يكفي الفيتو الروسي ، ولكن الصين أرادت أن تؤكد حضورها ، كدولة كبرى تؤسس لعالم جديد، عالم قائم على التعاون والمصالح المشتركة ، عالم خال من الحرب والدمار ، عالم قائم على احترام الانسان واحترام حرية الشعوب .
نحن على ثقة أن ثقافة السلم ستهزم ثقافة الحرب، وسيكون طريق الحرير قبراً منتظراً لتجارة السلاح، التي انعشتها أمريكا وساهمت في تدمير العالم . ونحن كعرب أحق الناس في أن نأخذ نصيبنا من خيرات هذا الطريق الذي كان لأجدادنا فيه صولات وجولات . ولتكن المبادرة الصينية الجديدة هدفاً لمحبي السلام في العالم، ولنعمل سوية لتشجيع كل الدول العربية للانضمام لمبادرة الطريق والحزام والذي هو اقرب للواقع من أي زمن مضى .
*الدكتور سمير حمدان: عضو عامل في قيادة الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين وناشط اجتماعي وثقافي في الاردن ومتخصص باللغة الانجليزية وعلومها – الاردن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.