موقع متخصص بالشؤون الصينية

منتدى لمُبادرة شيجينبينغية لإعادة صِياغة العَالم (العدد 85)

0

نشرة الصين بعيون عربية ـ م. يلينا نيدوغينا*

الصينيون قليلو الحديث في كل شيء، وفي القضايا المرتبطة بمصائرهم حتى، ناهيك عن مصائر البشرية. ويبدو أن تاريخ الصين منذ غابر الأزمان بقي على ما هو عليه اليوم أيضاُ، بخاصة في جانب الحفاظ على الأعمال والمُخطّطات والقضايا في حالةٍ من الصّمت المُطبق أو الصّمت النسبي!
هذا “الأمر – الصّمت”، يَنسحب على انعقاد المنتدى الإعلامي لمبادرة الحزام والطريق في مدينة دونغهوانغ بمحافظة قانسو الصينية، إذ تناول الإعلام العربي هذا المنتدى باتّساع واضح، يبدو أنه أكثر تفصيلاً وعدداً خبرياً وتحليلاً من تناوله في الإعلام الصيني نفسه الناطق بالعربية!
لقد بحثت كثيراً عن معلومات مفصّلة عن هذا المنتدى الدولي في وسائل الإعلام الصينية المقروءة، فلم أجد سوى أخبار متشابهة أُعيد نشرها في شتى تلك الوسائل، إذ يَبدو أن مندوبي الوسائل الصحفية في الصين لم يَجهدوا بترجمة واسعة ذات إفادة خبرية أو فكرية لمختلف مجريات المؤتمر وتصريحات وكلمات المشاركين فيه من صينيين وأجانب، لذلك تكوّن لدي إنطباع بأن المؤتمر موجّه للداخل الصيني أساساً وليس للخارج، برغم أن المنتدى بحث قضايا في غاية الأهمية للعَالم أجمع، وعلى رأسها مسألة إعادة صياغة العالم إقتصادياً (وبالتالي وبالطبع سياسياً)، من خلال مُبادرة الرئيس (شي جين بينغ) المَوسومة بالحزام والطريق، ورغبة الصين بتجسير علاقاتها وتناغمها مع جميع الدول والشعوب، من خلال سير هذه المبادرة في أراضي عشرات الشعوب والبلدان.
مُنذ الثورة الصناعية الشهيرة التي حوّلت البشر العاملين وعائلاتهم مِن المُجتمع الزراعي والرِّق والإقطاعية الى أُجراء وكَسَبَةٍ ومُستخدَمِي مَياومة لدَى مُكدّسي أموال المجتمع، (الذين عُرفوا فيما بعد بممثلي الحُكم المُطلق والرأسماليين)، نجحت الدوائر المالية المُهيمنة بالانتقال الى مرحلة الاستعمار العالمي، ومِن بَعدِه تمكّنت وَليِدَاتُها قوى الإمبريالية و (المِيغا إمبريالية)، من إنجاز صياغات عديدة لهذا العالم الواسع، لمزيد من نهب المستعمرات المُباشرة وغير المُباشرة، ولربطها بأربطتها الجشعة والقاسية والقاتلة، فأتبعت شعوبها ودولها إلى مراكز القرار الحصري فيها، لكن الوقت قد دنا اليوم لإعادة صياغة هذا العالم، لكن بطريقة مختلفة هذه المرة، ليس من خلال “اللوبيات” والنوادي السرية النفعية ورأس المال “المُتذاكي”، ومجمعات صناعة الأسلحة ونوادي القمار والرذيلة والتخطيط للحروب والويلات، بل بواسطة الإقتصاد النافع والجَماعي والجَمعي والمَنفعة المتبادلة، دونما ربط للفقراء والدول الفقيرة بالديون وهراوات القمع السياسي وأغلال نهـب ثـروات بواطـن أراضيها.
المنتدى الصيني، أقصد منتدى “التعاون الإعلامي على طول الحزام والطريق 2017″، الذي التأم بشعار “مصير مشترك وآفاق جديدة للتعاون”، لا يُعلن صراحةً أو مواربةً عن هدفه الكوني النهائي، لكن هذا الهدف يُقرأ في طيّات هذه المبادرة الشيجينبينغية العظيمة والإنسانية، التي ستعمل روافعها على الانتقال بهذا العالم وشعوبه، من وضع بائس الى آخر حِراكي مُزدهر فكرياً ومادياً، حيث ستتحوّل جماعة الأفراد الجُدد الواعين إلى آلية استثمار وإنتاج وتسويق ضخمة، وإلى مُنتجين يُسوّقون إنتاجهم في كل العالم المُنفتح دون حِمائيات غبية صُمّمت في مختبرات مُتخلّفة لحماية الكسالى والدول المُعَتاشة على الضرائب والجشع بعصر مواطنيها وهرسهم بعجلات “المكوس”.. إن أفراد الغد القادم لـِ”الحزام والطريق” سيرتقون بثقافاتهم ومكاناتهم الاجتماعية والعقلية، ليتساووا على صعيد العالم، الذي بات يتطلّب الانتاج الذكي والأنفع وتطويره المتواصل، والمُنتَجُ من خلال ثقافة العمل المُجيّشة يومياً بالعلوم التطبيقية.
فهنيئاً لهذا المنتدى الشيجينبينغي الطليعي.. ومعاً نحو التحويل الذكي للعالم..

*رئيسة الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (حُلفاء) الصين ورئيسة تحرير الملحق الروسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.