موقع متخصص بالشؤون الصينية

تونس والصين.. تواصل الصداقة والتعاون

0

 

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
سناء كليش*:

تشهد العلاقات التونسية الصينية معالم بارزة إبتداءً بتأسيسها ومروراً بتطورّها السريع، فقد كان الاعتراف المتبادل بين الدولتين وإقامة العلاقات الدبلوماسية والسياسية وتوطيدها نتجية مباشرة لزيارة رئيس مجلس الدولة الصيني الراحل (شو إن لاي) الى تونس، في سنة 1964. وفي العام 2014، تبادل الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره التونسي المنصف المرزوقي، برقيات التهنئة بمناسبة الذكرى الـ50 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين (10 يناير/ تشرين الثاني1964)، إذ تمكن البلدان خلال تاريخهما المشترك والحافل بالانجازات، من بناء علاقات صداقة متينة وتعاون بنّاء وشراكة خلاّقة، من أجل بلوغ المرحلة التعاونية الإستراتيجية التي جُلّها ثقة متبادلة وترابط وثيق، وقد بلغاها وأكداها بجهود ثنائية دؤوبة.

ترتكز علاقات تونس بالصين الى مبادىء واضحة وثابتة حاكمة لها. ودلالة على ذلك، قال الامين العام الرئيس شي جين بينغ بمناسبة ذكرى نصف قرن على تأسيس هذه العلاقات، أن الصين وتونس تتمتعان بصداقة تقليدية، وبأن العلاقات بينهما قد شهدت  تنمية سليمة ومطردة ضمن التعاون المثمر في شتى المجالات، على أساس الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة، الأمر الذي عاد بمنافع عملية على الشعبين في البلدين، وهما ناميان ويواجهان مهام شاقة من أجل التنمية. كما أكد “شي” حينها، أن بلاده تولي أهمية كبيرة لتطوير العلاقات مع تونس، ومستعدة لتدعيم الثقة السياسية المتبادلة وتعميق التعاون، وبضمنه الثقافي، بهدف مواصلة الإرتقاء بالعلاقة التعاونية الودية بينهما، وقد بادله الرئيس التونسي أنذاك ذات الافكار والآراء، وزاد عليها “استعداد تونس للعمل مع الصين لتطوير العلاقات وإثراء محتوى الصداقة ورفعها الى مستوى شراكة استراتيجية بهدف تحقيق المنفعة للشعبين”.

تثمن تونس وقوف الصين معها في مكافحة الارهاب بأشكاله المختلفة، وتشيد بمواقفها في هذا المجال، وبخاصة خلال السنوات الأخيرة، ولجهودها الهادفة إلى تحقيق التنمية الجهوية وتطوير الاقتصاد. ومن المحطات المشهودة للعلاقات بين بلدينا، زيارة وزير الشؤون الخارجية الصيني السيد وانغ ييى إلى تونس في ماي أيار 2016، وقد مثّلت دفعاً كبيراً لعلاقات التعاون الثنائي بين البلدين، ومواصلة انجاز مشاريع صينية هامة في تونس لاسيما وأنها تتوافق مع حاجات الدولة التونسية، وقد كان أخرها أنذاك مشروع المستشفى الجامعي بصفاقس الذي انطلقت أشغاله منذ شهر ديسمبر كانون الاول 2016، والتي تعد جزءاً من المشاريع الصينية في تونس وواحدة من المساهمات في إنجاز المشاريع المدرجة ضمن المخطط الخماسي للتنمية 2016-2020.

لا تتوقف الصين عن تأييد تونس واحترام خيارات شعبها وطموحاته، وتعمل على تعزيز قدرات الدولة التونسية في مواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية والأمنية الراهنة، لاسيّما أن الصين تعتبر تونس “شريكاً مثالياً ومهماً على المستوى الإفريقي”، الى ذلك تجد الجهود التونسية بإتجاه الصين تثميناً عالياً وإيجابياً من لدن القيادة الصينية والشعب الصيني ومن ذلك بخصوص المقترحات والمبادرات والمشاريع الصينية التاريخية، الهادفة إلى دفع العلاقات الدولية الى الامام وأمانها، ومنها مشروع إحياء طريق الحرير القديم، بمبادرة “الحزام والطريق” التي يتبّناها فخامة الرئيس شي جين بينغ.

وشهدت العلاقات التونسية الصينية تطورات ملحوظة في الآونة الاخيرة، لاسيّما افتتاح منظمة طريق الحرير للتعاون الثقافي والاقتصادي الدولي الصينية (سيكو)، مكتباً لها في تونس (سيكو تونس)، وهو الاول بافريقيا،
ويهدف هذا المكتب الذي يترأسه، رئيس الغرفة التونسية الصينية، الى دفع علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين وتنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية المشتركة، وانجاز مشاريع ضخمة بتونس في قطاعات تشمل البُنية التحتية والمناجم والطاقة والعقارات، فضلاً عن إحداث منشآت سياحية، إضافة الى تعزيز مجالات التعاون ليشمل مجالي الثقافة والتكنولوجيا، بحسب تصريحات أمين عام منظمة سيكو (منظمة صينية غير حكومية)، هونغ هونغ خلال زيارته الى تونس.

وفي واحدة من أهميات العلاقة التونسية الصينية بتأسيس منظمة (سيكو) والاتفاقيات المشتركة بين البلدين، هو إعتماد تونس بوابة للصين لمزيد من ولوج العمل الاقتصادي والاستثماري الصيني الى أفريقيا، زد على ذلك أن المشاريع الصينية في العالم العربي باتت تطلب تشغيل اليد العاملة المحلية، وهذا يصب في مصلحة تونس لتحسين القدرات الشرائية للمواطنين التونسيين، ولأجل بروز طبقة متوسطة قوية في البلاد، وبالتالي تنشيط الحركية الاقتصادية والسكانية في الدولة، إضافة الى إطمئنان الصين لجهة الاوضاع الاستثمارية المناسبة في تونس، والتي من شأنها زيادة عديد السياح الصينيين الى البلاد بصورة ملحوظة، وجعل تونس محطة أولى لهم أسوة بالسياح الوافدين الى تونس من البلدان الاوروبية، والذي جعل منها وجهة أساسية ومفضلة بالنسبة إليهم .

وتنبع أهمية التعاون التونسي الصيني في مجال (سيكو تونس)، في طبيعة عمل منظمة طريق الحرير للتعاون الاقتصادي والثقافي، التي تنشط ضمن مبادرة صينية عالمية تضم 61 غرفة تجارة دولية، تهدف الى تدعيم المبادلات التجارية بين الصين وباقي البلدان المتواجدة على خريطة طريق الحرير القديم.

الحديث عن العلاقات التونسية الصينية طويل وكثير وممتع، ولا يسعنا هنا سوى بذل المزيد من الجهود لأجل تعميق العلاقات مع الاصدقاء الصينيين في مسار الكسب والمنفعة المشتركة وتعزيز المصالح والصداقة والوفاء المتبادل.

*#سناء_كليش: كاتبة وصحفية تونسية معروفة وعضو ناشط في الإتحاد الدولي للصُحفيين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.