موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصّين مَصنع العَالم وبيئَته وأمَانه..

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
فيصل ناصيف صالح
*:

تحوّلت الصين خلال العشرين سنة الأخيرة من عمر (حركة الاصلاح والانفتاح) التي بدأت نحو سنة 1978م، الى مصنع حقيقي لكل العالم، حيث تأخذ الدنيا منه كل احتياجاتها الصناعية وبأثمان مُفضّلة، بينما صارت البيئة في الصين من أولى أولويات الحكومة المركزية والحكومات المحلية في الأقاليم لتغدو مِثالا يُحتذى من حيث الاهتمام الرسمي بها، وتقدير أهميتها الانتاجية ليس للصين وحدها فحسب، لكونها تُشكّل ثُلث العالم بشرياً، بل وللإنسانية جمعاء.

ومنذ توليه مهام إدارة الحزب والدولة في الصين عام 2012، دأب الأمين العام – الرئيس (شي جين بينغ)، على طرح أفكاره السياسية لتطوير عمل الحزب الشيوعي  الصيني وتعزيز فعاليته واستهدافاته وتطبيقاتها، ومن خلال التمسّك بِـ “الاشتراكية ذات الخصائص الصينية” وتطويرها، بخاصة للمرحلة الجديدة التي تتطلب تسريع قواها وحوافزها بتعزيزها بما يتلاءم نوعياً وتطورات العصر والتغيرات العميقة التي تحدث في عالمنا اليوم. وتصدق الصحافة الصينية بالإشارة الى أنه يمكن القول إن معظم أفكار الرئيس “شي” تصلح للقضايا الإقليمية والعالمية، فهي وطنية ومحلية في كل إقليم ومنطقة، وعالمية وأممية على صعيد شامل، وتنسجم أجزاؤها وكلّياتها في وحدة واحدة متناغمة؛ فهو الزعيم الداعي إلى “مواصلة الإصلاح والانفتاح والتنمية المشتركة” “ذات المنفعة المتبادلة”، إضافة الى الحوكمة والعدالة، وهو كذلك الذي طرح فكرة “بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية” لتشد بعضها أزر بعض جماعةً، وبالتالي برز القائد “شي” راعياً للعولمة الاقتصادية، والمعارض للانغلاقية والحِمائية الكابحة لتحرير التجارة العادلة والاستثمار المنفتح والعقلاني وخلق فرص العمل وازدهار حياة الانسان.

في دول غير الصين تتدهور البيئة الطبيعية وتُنفث ملايين الأطنان من الغازات والملوثات في الأجواء، لكن وسائل الإعلام العالمية لا تدق أجراس الانذار جرّاء ذلك ولا تركّز حديثها على تلك الدول، بل تجَمّلها وكأنها مثالية في تعاملاتها مع البيئة النباتية والحيوانية المؤثرة على الانسان وحياته ومستقبله وأمانه الحياتي.

وبينما تهاجم تلك الوسائل الإعلامية الصين لدرجة يُستشعر منها بأنها تنفّذ أجندة محدّدة بعيدة عن الملف البيئي، سياسية المرامي، تعمل الحكومة الصينية المركزية على “تحسين حياة مواطنيها وأنسنتها”، والمحافظة على “الفلورا” و”الفاونا” كجزء من أمان الانسان نفسه، واتخاذ إجراءات نافعة ومستمرة في هذا المضمار، لكن الانتقادات لا تخف ولا تخفت في بعض البلدان ضد الصين، وكأن تلك الوسائل وبلدانها تستخدم في حربها وتوظف المَثل القائل: “أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم”!، مُخفيةً بالتالي أهداف مُشغليها وحُرّاسها في مواصلة الحرب الاعلامية على الصين، أملاً في إحباط خطط الصين المصنعية العالمية، وإفساح المجال بالتالي لمن يُنازعها من دول الضد للحلول محلها، ولن تستطيع!

نعم، الصين تعاني من شبه قضية بيئية، ومَن هي الدول التي لا تعاني منها بدرجات متفاوتة؟!، ولماذا التركيز في هذا المجال على الصين فقط” والصين ولا أحداً غير الصين”؟!، برغم أن الصين تعمل على تنفيذ مختلف القرارات التي تتخذها لمعالجة هذه الأزمة والتخفيف من حِدتهاً في المدن الصناعية الرئيسية، عِلماً بأن الكثير من مناطق الصين لا تعاني من هذه المشكلة، فغالبيتها ريفية وزراعية وخدماتية.

في الصين يُقيمون الآن مُدناً وقرى ومناطق ضخمة تتسع بلا توقف وتتسم بصداقتها للبيئة، بحيث يَكسون فيها البنايات وكل ما يتم إنشاؤه والارتفاع به إلى ما فوق الأرض باللون الاخضر، حيث تُزرع جدرانها وأسطحها وما حولها من مساحات بالنباتات المناسبة لامتصاص ثاني أكسيد الكربون والملوثات المختلفة، فصارت هذه الفضاءات مواقع كبيرة ومناسبة لتنزّه المواطنين والسيّاح، وجنّة حقيقية وقطعة من الغابات البكر، وتحسّنت فيها الأجواء المطَرية وطبيعة الرياح واتجاهات حركتها، وازداد الاكسجين المُنعش فيها، كما وتحسّن متوسط مستوى جودة الهواء بشكل لافت للمواطن والزائر (في عام 2016)، لكن أين هي وسائل الإعلام الأجنبية مِن كل هذا التقدم والازدهار؟ إنها لا تُقيم وزناً لهذه النجاحات الصينية التي يَندر أن نعثر على مَثيل لها في دولة أخرى بهذا الحجم الضخم والمُتضخّم على الدوام والشامل؟!

في الصحافة الصينية، أن الصين دأبت في السنوات الاخيرة على دفع الالتزام بالخط الأحمر لحماية البيئة الإيكولوجية على نحو شامل، كما تواصل تعزيز قدرة الإدارة للمحميات الطبيعية، التي تشغل مساحتها أكثر من 15 بالمئة من مجموع مساحة الأرض الصينية، حيث تم تشكيل شبكة من المحميات الطبيعية في البلاد تتميّز بالتنوّع الكامل، والتخطيط المعقول. علاوة على ذلك، حقّقت الصين تقدّما هاماً في حماية التنوع البيولوجي، وواصلت تحسين تخطيط المحميات الطبيعية، وتعزيز الحماية والإصلاح البيئي في المناطق الرئيسية، ورفع قدرتها على الرقابة وإنفاذ القانون وتفعيل العقوبات في مجال حماية البيئة.

وفي نهاية العام الماضي 2017م، أي بعد انتهاء المؤتمر ال19 للحزب الشيوعي الصيني، وبدء تفعيل وتنفيذ قراراته البيئية وغير البيئية، أماطت الصين اللثام عن أنها وضعت أكبر نظام لتوليد الطاقة النظيفة التي تعمل بالفحم على مستوى العالم خلال السنوات الخمس الماضية، من خلال استكمال التحول “منخفض الانبعاثات للغاية” لمحطات توليد الطاقة العاملة بالفحم بقدرة مشتركة تصل إلى 640 مليون كيلووات أي 68 بالمئة من إجمالي الطاقة التي توجد في البلاد من وحدات التوليد التي تعمل بالفحم، وأدى التحول إلى انخفاض بنسبة 83 بالمائة من انبعاث ثاني أكسيد الكبريت وخفض 50 بالمئة من أكسيد النيتروجين، وخفض غبار الدخان بنسبة 67 بالمئة.

وتنبّه صحيفة (الشعب) الصينية العريقة بقولها في هذا المجال، إن الحكومة المركزية تطبق خطة عمل وطنية نظيفة لمدة خمس سنوات، ابتداءً من عام 2013م، تهدف إلى تحسين نوعية الهواء، من خلال إجراءات مثل إغلاق المصانع، والحد من السيارات، واستبدال الفحم بالطاقة النظيفة، كما كانت اتخذت أيضاً إجراءات فعّالة في مجالات أخرى: ففي عام 2015، أصدرت البلاد خطة عملها لمنع تلوث المياه ومواجهته، بهدف الحد من الملوثات وتحسين مياه الشرب، وتعزيز الحفاظ على المياه بحلول عام نهاية 2020م. بينما في عام 2016م، أصدر مجلس الدولة الصيني خطة عمل لمعالجة تلوث التربة في الصين، بهدف تحسين نوعية التربة وضمان المنتجات الزراعية الآمنة وبيئة معيشة صحية.

في الصين تشجّع الدولة المواطنين، فُرادى وجماعاتٍ ومن خلال المدارس ومواقع الاعمال والمنشآت الاجتماعية والتوعوية، على المشاركة في حماية البيئة والدفاع عنها. لذا، أنشأت خطّاً ساخناً لحماية البيئة، وزادت من إصدار المعلومات البيئية في نشرات خاصة ومتواصلة، والاحتفال الكبير سنوياً باليوم العالمي للبيئة، الذي يُصادف في الخامس من شهر يونيو/ حزيران من كل عام، بينهما هنالك دول عديدة بينها غربية لا تحتفل بهذا اليوم ولا تنتقد صحافتها هذا السلوك بحق البيئة!

الصين أعلنت الحرب على التلوث منذ زمن بعيد، وهي واثقة من انتصار “حربها على التلوث”، لاسيّما بعد تشديد القوانين وتعزيز إجراءات المراقبة وكبح مئات من الشركات التي تلوث البيئة، ومنها بالمناسبة، الشركات المتعددة الجنسيات “الاجنبية” العاملة في الصين، وعدد منها لا يلتزم بمعايير بيئية وقوانين الصين في هذا الصدد، لكن الدعاية الاجنبية لا تمس هذه الشركات حرصاً منها على تسويق أمثل لصادراتها الى العالم، بينما تهاجم هذه الدعاية الشركات الصينية وتطعن بها(!!!)، وهنا يتضح بجلاء أن الهدف هو النيل بدون وجه حق من (مصنع العالم الصيني)، الذي يُراد له ان يُحاصر ويَضمر ويَضمحل لصالح مصانع أخرى، تتبع لجهات غير صينية، وبعضها يعمل في الصين.. وينشط في قلب الصين وبين شعبها وقومياتها، ويستخدم ثرواتها وخبرائها وعُمّالها في صِناعتها وتصدير صَادراته منها الى العالم!!!

*#فيصل_ناصيف_صالح: خبير تصوير ومصوّر إعلامي مُعتمد وخاص بالإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العَرب أصدقاء  (وحُلفاء) #الصين، وكاتب، ومتخصص بفنون نباتات الـ”#بونساي” والبيئة والانسان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.