موقع متخصص بالشؤون الصينية

شو إن لاي …. السياسي المحنك

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
صالح عيدروس علي:

ولد شو إن لاي في 5 مارس/ آذار عام 1898م في مقاطعة كيانغسو الصينية وتوفي في 8 يناير/ كانون الثاني عام 1976م. كان مولده في عصر أسرة تشينغ، آخر الأسر الإقطاعية الصينية في ظل ظروف عصيبة تمر بها الصين حيث تحوّلت إلى مجتمع شبه استعماري وشبه إقطاعي.

لعب شو إن لاي دوراً بارزاً وكبيراً في الحزب الشيوعي الصيني، وفي إنجاح الثورة الصينية عام 1949م، وكان من أقرب المقرّبين للزعيم الصيني ماو تسي تونغ، وشغل منصب رئيس مجلس الدولة الصيني “مجلس الوزراء” من أكتوبر/ تشرين الثاني 1949م حتى وفاته. وهو الرجل الذي وجّه سياسة الصين الخارجية أيضاً، ويعتبر من أعظم المفاوضين في ذلك الزمان، ومن خلال مقالتي سأستعرض دور هذا الدبلوماسي في إرساء أسس العلاقات العربية الصينية في العصر الحديث.

بعد قيام جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر/ تشرين الأول 1949م توجهت الجمهورية الوليدة إلى الدول العربية والإسلامية عام 1950م وبذلت الجهود بهدف التوصل إلى إقامة العلاقات الدبلوماسية معها، ولكن الدول العربية كانت تنقصها المعرفة بالصين الجديدة التي يقودها الحزب الشيوعي الصيني.

في أبريل/ نيسان عام 1955م عُقد مؤتمر باندونغ في إندونيسيا كأول مؤتمر آسيوي أفريقي شارك في أعماله رؤساء دول وحكومات من ثلاثين دولة آسيوية وأفريقية يمثّلون أكثر من نصف تعداد سكان العالم، ومنها 18 دولة لم تكن تعترف بالصين الجديدة.

شاركت الصين بمؤتمر باندونغ بوفد رفيع المستوى برئاسة شو إن لاي رئيس الوزراء الذي عقد عدة اجتماعات مع قادة الوفود المشاركة من قارتي آسيا وأفريقيا، ما ساعد على إرساء أسس علاقات الصداقة مع هذه البلدان والصين، ومن بينها الدول العربية التي لم تكن حينها قد أقامت علاقات صداقة مع الصين، ودعا شو إن لاي إلى اتخاذ المبادي الخمسة للتعايش السلمي كمبدأ أساسي في العلاقات بين الدول.

وخلال مؤتمر باندونغ أعلن شو إن لاي دعم حكومته الكامل للموقف العربي في القضية الفلسطينية، وطالب المؤتمر بإصدار قرار أقوى من مشروع القرار الذي قدمته أفغانستان وقبلت به الوفود العربية.

في مايو/ أيار عام 1956م أقامت مصر العلاقات الدبلوماسية مع الصين كأول دولة عربية وأفريقية، تلتها سوريا واليمن في العام نفسه، ليصل عدد الدول العربية التي أقامت علاقات صداقة مع الصين في عهد شو إن لاي إلى ثلاث عشرة دولة عربية.

 

في ديسمبر/ كانون الأول عام 1963م ويناير/ كانون الثاني قام شو إن لاي رئيس مجلس الدولة الصيني مع نائبه وزير الخارجية الصيني تشن يي بزيارة إلى خمس دول عربية هي مصر والجزائر والمغرب وتونس والسودان. وكانت هذه أول زيارة يقوم بها للمنطقة العربية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، وخلال زيارته لمصر أجرى محادثات مع الرئيس جمال عبد الناصر. وخلال هذه الزيارة أعلن شو إن لاي المبادئ التي تعتمدها الصين في علاقاتها مع مصر والدول العربية وهي:

أولاً: إن حكومة الصين تدعم نضال أبناء الدول العربية كافة من أجل تحقيق الاستقلال الوطني بدءا بالاستقلال السياسي ومرورا بالاستقلال الاقتصادي.

ثانياً: إن حكومة الصين تدعم حكومات الدول العربية كافة في انتهاج سياسة الحياد وعدم الانحياز.

ثالثاً: إن حكومة الصين تدعم تضامن ووحدة أبناء الدول العربية كافة، وتحترم ما تتخذه في هذا الشأن من خطوات وإجراءات دون تدخل.

رابعاً: إن حكومة الصين تدعم حكومات الدول العربية في انتهاج الأساليب السلمية لحل النزاعات بينها وعدم اللجوء إلى القوة.

خامساً: إن حكومة الصين تدعو الدول غير العربية إلى احترام سيادة الدول العربية بدون تدخل، وترفض كل التدخلات من قبل الدول الغربية أو الدول الأخرى.

وخلال زيارته إلى الجزائر طور شو ان لاي هذه المبادئ الخمسة فجعلها المبادئ التي تتمسك بها الصين في علاقاتها مع الدول العربية والأفريقية.

هذه المبادئ المرشدة دفعت تطور العلاقات بين الصين والدول العربية بصورة فعالة.

 

لقد لعب شو إن لاي دوراً رئيسياً في إقامة العلاقات العربية الصينية المتينة، ومع كافة دول العالم بفعل شخصيته وعلاقاته الشخصية مع عدد غير قليل من زعماء العالم وخاصة العالم الثالث، انطلاقاً من المبادئ الخمسة للتعايش السلمي التي أقرها مؤتمر باندونغ والتي اصبحت من أسس السياسة الدولية.

 

*ممثل رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين في اليمن، ورئيس منتدى قراء مجلة “الصين اليوم” في اليمن، ورئيس منتدى مستمعي القسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI ومنتدى أصدقاء مجلتها “مرافئ الصداقة” باليمن، ورئيس نادي مشاهدي القسم العربي للفضائية الصينيةCCTV في اليمن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.