موقع متخصص بالشؤون الصينية

الوزير رائد خوري يتحدث عن مشاركته في منتدى التعاون العربي الصيني: المهم اليوم أن تتطور العلاقة أكثر مع الصين

0

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
محمود ريا ـ علي ريا:

 

انعقد المؤتمر الوزاري الثامن لمنتدى التعاون العربي الصيني يومي العاشر والحادي عشر من هذا الشهر في العاصمة الصينية بكين، وشارك فيه ممثلاً للبنان وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري على رأس وفد.

“موقع الصين بعيون عربية التقى الوزير خوري وسأله عن انطباعاته عن هذا المؤتمر وعن رؤيته لتطور العلاقات العربية الصينية بشكل عام والعلاقات اللبنانية الصينية بشكل خاص، وكانت هذه المقابلة:

ـ شاركتم في الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني. كيف تقيّمون هذا الاجتماع، وإلى أين ـ برأيكم ـ تسير العلاقات العربية الصينية؟

ـ ما تبيّن لي من خلال هذا المؤتمر الذي شاركت فيه، ومما سمعته خلاله من تصريحات، سواء من الطرف الصيني، أو من طرف البلاد العربية، أن هناك إرادة ونيّة واضحة للتقارب وتفعيل العلاقات بين الطرفين.

نحن، في لبنان بالتحديد، علاقتنا مع الصين جيدة جداً من الناحية السياسية، وقد وقفت الصين مع لبنان في العديد من المحطات المهمة في المجتمع الدولي، الأمر الذي كان له تأثيره الإيجابي على لبنان.

الرغبة في التقارب واضحة جداً، حتى أن الطرف الصيني يتحدث عن وحدة المصير بينه وبين الدول العربية، وربط ذلك بطريق الحرير الجديد الذي أصبح مشروعاً أساسياً في إطار العلاقات الاقتصادية بين الصين وجميع الدول العربية.

 

ـ ما هو انطباعكم خلال انعقاد المؤتمر، وكيف رأيتم ردود فعل الوفود العربية على كلمة الرئيس الصيني وعلى المحادثات التي دارت خلال الجلسات؟

ـ لقد كان الانطباع خلال الجلسة إيجابياً جداً تجاه الرغبة في رفع مستوى العلاقات بين الطرفين، ولا سيما مع حديث الرئيس الصيني عن المصير المشترك للبشرية، حيث كان هناك تجاوب شامل مع هذه الفكرة.

ـ هل لاحظتم أن الخلافات القائمة بين الولايات المتحدة والصين انعكست على هذا المؤتمر، وهل لمستم رغبة صينية في شرح وجهة نظرهم بشكل يجعلهم يكسبون الجانب العربي في هذا الصراع الاقتصادي القائم بين القطبين العالميين الكبيرين، الصين والولايات المتحدة؟

ـ لا يمكن حصر العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدان في بلد واحد، والمصالح في هذا المجال هي مصالح متفرقة وليست استراتيجية. لذلك ينبغي أن تكون البلاد العربية منفتحة على كل الدول، كالصين والولايات المتحدة وغيرها. في عصر العولمة فإن كل بلد في العالم عنده قيمة تفضيلية في مُنتَج معين، ويجب ان يستفيد الجميع من الجميع.

ما فهمته من خلال لقاءاتي أن الدول العربية لن تأخذ جانباً معيناً ولن تكون مع طرف ضد طرف في هذا الصراع الاقتصادي الموجود بين الصين والولايات المتحدة، وإنما هي غير معنيّة بهذا الصراع، فعلاقات الدول العربية جيدة جداً مع الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك علاقاتها جيدة جداً مع الصين.

والمهم اليوم أن تتطور العلاقة أكثر مع الصين، لأن هذا بلد ناشئ، وهناك الكثير من المجالات المهمة جداً التي لم تأخذ حتى الآن الاهتمام اللازم في العلاقات بين الجانبين العربي والصيني، ربما بسبب اللغة والثقافة والبعد الجغرافي، ونحن ما زلنا في بدايات هذه العلاقات، ما يعني أن احتمالات تطورها كبيرة جداً. فإذا انطلقنا في الاستثمار في هذه العلاقات فسنرى نتائج أفضل بسرعة أكبر لهذه العلاقات.

 

ـ ستقدم الصين قروضاً بقيمة عشرين مليار دولار للدول العربية التي تحتاج لإعادة الإعمار وذلك لتعزيز العلاقات مع العرب. كما ستقدم مساعدات لأكثر من بلد عربي بينها لبنان. كيف ترَون هذه التقديمات، وما نصيب لبنان من هذه المساعدات؟

ـ لقد تحدث المسؤولون الصينيون عن عشرين مليار دولار من القروض المدعومة للاستثمار في البلاد العربية، ولكن لم يتم تحديد كيفية توزيع هذه القروض على الدول، وقد تم ربطها بالمشاريع المتاحة أمام الصين لتنفيذها، وخاصة مشاريع البنى التحتية.

نحن مقبلون على مرحلة إعادة إعمار لبنان، ومن أجل ذلك عُفقد مؤتمر في باريس شاركت فيه الدول المانحة، وتم الوصول إلى مبلغ 11 مليار دولار أميركي.

بالنسبة إلى المبلغ الذي وعدت به الصين وهو عشرون مليار دولار، لا أعتقد أن كل الدول العربية بحاجة للاستفادة منه، ولا كل البلاد العربية هي في مرحلة إعادة إعمار. من أجل ذلك أرى أن هناك إمكانية كبيرة جداً للاتفاق مع الصين على الاستفادة من نسبة كبيرة من هذا المبلغ في لبنان. ولكننا ما زلنا في الإطار العام ولم يتم الدخول في تفاصيل هذا الموضوع، ولا سيما فيما يتعلق بالحديث عن القطاعات التي يمكن صرف هذه المبالغ فيها، وعلى أي أساس سيتم تقديم القروض، وكيف ستشارك الشركات الصينية في تنفيذ المشاريع. وما نفضله نحن هو أن تتعاقد الشركات الصينية مع مقاولين فرعيين في لبنان، وذلك بهدف خلق فرص عمل للمواطنين اللبنانيين، وليس فقط أن نبني جسراً أو خط سكك حديدية دون أن يستفيد المواطن اللبناني من عملية البناء هذه.

 

ـ كان هناك حديث ايضاً عن مساعدات ستُقدم لبنان، من ضمن دول عربية أخرى كسوريا والأردن وغيرها. ما طبيعة هذه المساعدات؟

ـ لقد اجتمعت مع وزير الخارجية الصيني السيد وانغ يي، وهو تحدث في الاجتماع عن مبلغ 600 مليون يوان، منها مئة مليون للبنان. نحن نشكر الصين على هذه المعونة، وبالرغم من أن هذا المبلغ متواضع، حيث يوازي حوالي 15 مليون دولار أميركي، ولكن المبادرة جيدة جداً ومشجعة، وتكمن أهميتها برمزيتها.

 

ـ لقد أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ عن تأسيس الرابطة العربية الصينية للبنوك، وانضم أحد البنوك اللبنانية إلى هذه الرابطة. ما فائدة هذه الرابطة وما هو انعكاسها على البنوك اللبنانية؟

ـ المصرف هو بمثابة مسهّل للاقتصاد. عندما تصبح هناك علاقات بين المصارف الصينية والمصارف اللبنانية تصبح عملية تحويل الأموال بين البلدين سهلة جداً. كما أن المشاريع التي تنوي الدولة الصينية أو القطاع الخاص الصيني تنفيذها في لبنان ينبغي ان يواكبها علاقات قوية بين البنوك اللبنانية والصينية، كي تسهّل تنفيذ هذه المشاريع، وبدون العلاقات بين المصارف يكون هناك حلقة ناقصة في هذه العلاقة، ولا يمكن أن تتطور العلاقات بين البلدين نحو المستوى المأمول.

نحن نعلم أن المصارف الصينية كبيرة ويهمّها الدخول في علاقات مهمة مع المصارف اللبنانية، وهذا سينعكس بشكل إيجابي على القطاع المصرفي في لبنان وعلى لبنان ككلّ.

ـ كيف تقيّمون العلاقات التجارية اللبنانية الصينية؟

ـ العلاقات التجارية بين لبنان والصين ما تزال في مستوى خجول جداً، فنحن لا نصدّر إلى الصين إلا بما يعادل عشرين أو ثلاثين مليون دولار أميركي، فيما نستورد بقيمة تزيد عن ملياري دولار. هذا الأمر لا ينبغي أن يستمر على هذه الحال، لأنه وضع غير منطقي، فنحن لدينا منتجات تحمل قيمة تفضيلية، وينبغي أن تنعقد اجتماعات جدية لدراسة هذه المنتوجات التي يمكن أن نصدّرها إلى الصين، ويمكن أن يكون فيها مصلحة مشتركة للطرفين. إن أي علاقة بين أي طرفين يجب أن تكون متكافئة، حتى نضمن استمرارية هذه العلاقة، وكي لا يحس أي طرف بأنه مظلوم بسبب هذه العلاقة.

ـ ما هي المنتوجات التي ترى أن لبنان يمكن أن يصدّرها إلى الصين، والتي تلقى اهتماماً من الجانب الصيني؟

ـ هناك الكثير من المجالات التي يمكن أن نقدمها في هذا المجال، كالصناعات التكنولوجية أو الصناعات الغذائية. كما أن هناك قطاع السياحة الذي يمكن أن يتطور بشكل كبير، فالسياحة الصينية في لبنان خجولة جداً، في حين أن في لبنان إمكانيات سياحية ضخمة جداً، فنحن لدينا سياحة دينية وسياحة ترفيهية، كما لدينا تجهيزات عقد المؤتمرات واجتماعات رجال الأعمال. لذلك من المهم جداً أن نقيم علاقات مع شركات سياحية صينية، ولكن ينبغي أن تكون العملية ممنهجة.

نحن اليوم نعمل على تقوية علاقاتنا الدبلوماسية مع الصين عبر سفارتنا في الصين، وأعتقد أن هذا الأمر سيكون له مردود كبير جداً على مجمل العلاقات بين البلدين.

ـ كم من الجهد ـ برأيكم ـ مطلوب أن يقوم به الطرفان العربي والصيني للنهوض بالعلاقات العربية الصينية، تطبيقاً لمبادرة الحزام والطريق؟

ـ لا ينبغي أن تبقى العلاقات متوقفة عند النيات الطيبة، وإنما ينبغي وضع خطة طريق واضحة، مرتبطة بخطة تنفيذية لكيفية تطوير العلاقات العربية الصينية في مختلف المجالات. لذلك ينبغي الانتقال إلى المرحلة العملية من خلال إنشاء فرق مختصة من الطرفين تجتمع لتحديد النقاط التي يمكن التعاون فيها، ومن ثم ندعو القطاع الخاص كي يكون شريكاً في هذه العملية ويقوم بمواكبة هذه القرارات المهمة التي يتخذها الطرفان، وبذلك ننتقل إلى عالم الواقع في تطوير العلاقات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.