موقع متخصص بالشؤون الصينية

سلاماً على هونغ كونغ..

2

موقع الصين بعيون عربية ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:
بالرغم من الاتفاق الذي أبرمته جمهورية الصين الشعبية مع بريطانيا، والقاضي بعودة هونغ كونغ للبر الرئيسي الصيني، إلا أن البريطانيين وحلفاءهم الأمريكيين بخاصةٍ والغربيين عموماً لم يُصدّقوا يوماً، أن تعود هذه المساحة الصغيرة المُقتطعَة من وطنها الأُم إلى حضن شعبها الأصيل.
للغربيين منطقهم الفلسفي والتاريخي الخاص بهم من زاويتهم الخاصة، لكن الواقع والجغرافيا والمنطق وليس أخيراً القانون الدولي والشرعية كلها تقول بعكس ذلك تماماً.
نعم هونغ كونغ صغيرة، لكنها كبيرة وكبيرة جداً بكل المقاييس والأهميات على إختلافها، وهي كبيرة لقيادتها وبهذه القيادة وفي أعين أبنائها الصينيين من شتى القوميات، وبرغم كل ذلك بالذات لم يَحلم أحد من صُنّاع السياسة الغربيين بإعادة هذه القطعة لوطنها، فقد كانوا يَعتقدون بأن الإعادة وإن حصلت، ستكون رمزية وسطحية والحُكم سيَبقى للعِرق الأنجلوسكسوني “الى يوم الدين!”، تماماً كما طبّقوا أحلام يقظتهم على دول كثيرة “تحرّرت واستقلّت” لكنها بقيت ضمن قَيِدهم وأغلالهم.
في الأول من تموز/يوليو 1997، عادت هونغ كونغ إلى البرِّ الصيني الرئيس، الذي يُمثِلها ويُمَثِّل الصينيين كافة في الوطن التاريخي والشتات.
هونغ كونغ كانت مستعمرة بكل المقاييس الاستعمارية، وكانت كذلك ضمن مُلكِية حربية لبريطانيا، ومن هناك حاول الغرب محاصرة الصين ومحاولة التدخل في شؤونها الداخلية، والتأثير عليها سياسياً وفكرياً وإقتصادياً، فقد تحوّلت المنطقة الى ما يُشبه جدار خط الفصل الأمريكي – الجنوب كوري الاستعماري والتدخلي الضخم بكل المفاهيم، والذي شيّدته واشنطن على طول خط الفصل العسكري ال38 بين شطري كوريا المُعذّبة غربياً، وأُرِيد لمنطقة هونغ كونغ أن تبقى خارج إطار وطنها كما جنوب كوريا، لكن أن تنطلق منها الأفكار الغربية المُعادية للصين، من خلال أبواق كثيرة، تبث ليلاً ونهاراً ضد النظام الإشتراكي الصيني والشعب الصيني الصديق، داعية إيّاه وبكلِ صلفٍ إلى الانتفاض على وطنه والانقضاض على كل منجزاته التاريخية وتدميرها!
استمر الاستعمار البريطاني لهونغ كونغ طويلاً (156 عاماً)، وبعودة المنطقة للوطن، انتصرت الإرادة السياسية الوطنية للصين وحزبها الشيوعي على أعتى وأكبر إمبرطورية شهدها العصر الحديث، غابت عنها الشمس الإنجليزية بغيابها عن هونغ كونغ، فاضطرت هذه الامبرطورية “الجبارة” للخضوع لمشيئة الصين حزباً ودولة وإرادةً، وأضحت هونغ كونغ بتحرّرها أول منطقة إدارية خاصة في جمهورية الصين الشعبية، واستمرت المنطقة بنمطها في الإدارة الذاتية المُبدِعة، في إطار النظام الاشتراكي الصيني، وتمكّنت من الازدهار في إطار النظام الاقتصادي الصيني والانتعاش والإبداع مع العالم وفيه، وفشلت بالتالي المؤامرات على هونغ كونغ بفضل إرادتها وتوجهاتها الوطنية في شلِّ ساعد التدخلات الغربية، الهادفة الى إختلاق إزمات داخلية فيها، تأكّد من خلالها أن الغرب لم ولن يُسلّم بإعادتها للصين، كونه خسر منطقة جيوإستراتيجية كُبرى ومُقرّرة في العَالم الآسيوي، ومَجالاً إقتصادياً وسياسياً رَحباً، وهو ما يَدل على ذكاء القيادة السياسية والحزبية الصينية في استرجاع الأرض السليبة للوطن الأُم، بآليات سلمية وبدون إراقة قطرة دم واحدة، مما أبهر العالم، وجعله يُكبر في الصين خِبراتها السياسية وأفكارها البنّاءة، واستراتيجيتها الأمنية التي لا تُضير أحداً، لكونها تقف دوماً في صفِّ المَسلوُبة حقوقهم على امتداد اليابسة.
هونغ كونغ ستبقى جزءاً أصيلاً في الصين، وبكونها هذا الجزء من الكل سوف تنتصر على كل المُعيقات الاقتصادية والسياسية التي يحاول الغرب زجها في أتونها، فلم ولن يتوقف التدخل الغربي الفظ في شؤونها، ولن يُسلّم الغرب السياسي والحربي بفقدان هذه المنصّة الاستراتيجية على أقصى شرق آسيا، إلا أن الصين وقائدها شي جين بينغ يَعيان هذه الأخطار، ويُدركان ما هي وأبعادها، لذلك تتمسك الصين دائماً وبثبات بسياسة “دولة واحدة ونظامان”، وكما أكد الرئيس شي، بأن الصين “ستضمن تطبيقها بالكامل في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة حرفياً ودون تشويه”.
مِثال عودة هونغ كونغ سلمياً يؤكد أن القوة هي أيضاً في البناء الداخلي والذاتي الحقيقيين، وفي الاستقلالية الكاملة والحرفية لمعانيها، ورفض الذيلية والتبعية للخارج، والاستمساك بالبناء الداخلي وقواعِده المَتينة في كل مجال فكري وسياسي ومادي وروحي كفيل بِردّ المعتدي على أعقابه ودَحره وتحرير الأرض، فمن يُنادي بالسلام قادر على الحرب، لكن السلام هو هدف الصين والهدف الأعلى لأصدقائها وحُلفائها على مِنوالها.
وفي هذه المناسبة التاريخية العظيمة، نتوجه للرفيق العَزيز والحَكيم والقائد الأُممي شي جين بينغ، الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية، بتحية الإجلال والإكبار والمحبة والتعظيم بهذه المناسبة العَطرة بنفض الاستعمار عن جزء عزيز من الصين وعودته للوطن الأم، بعد طول انتظار، ونؤكد له بأننا في المَشرق العربي ندرس الخبرات السياسية الصينية لنستفيد منها في قضايانا العربية، لبناء الجبهة الداخلية الصَّلبة وبالتحالف مع الصين وبقية حلفائنا في العالم، لدحر العدوان والاحتلال عن أراضينا العربية، وفي مقدمتها فلسطين السليبة الحبيبة، التي نؤمن إيماناً ثابتاً لا يتزعزع بعودتها إلى أبنائها وإن طال الزمن، كما عادت هونغ كونغ وماكاو للوطن وأبناء الوطن الصيني الأجلاّء.

* #مروان_سوداح: رئيس #الاتحاد_الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين – الاردن.

2 تعليقات
  1. مروان سوداح يقول

    شكرا للنشر استاذ محمود ريا المدير العام للموقع.. العرب بحاجة لدراسة التجربة الصينية باسترجاع الاراضي الصينية المحتلة استعماريا.. ونحن والصين نشترك في نضال واحد لكنس القوى الاستعمارية وإن بوسائل مختلفة تبعاً لاختلاف الظروف والموقع والقوى .. لكن الحق يعود الى أصحابه وان طال الزمن وبوسائل شتى..

  2. بشار جابر يقول

    تحياتي لصاحب القلم الحر الراقي الاستاذ مروان، موضوع مهم وحساس وابدعت بتغطيته

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.