موقع متخصص بالشؤون الصينية

“شي” مهندس تحديث الصين وشينجيانغ في العصر الجديد

1

 

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
علاء ساغه*:

في بدايات كانون الثاني/ يناير الماضي (2018)، أعربت جمهورية الصين الشعبية، عن استعدادها التام لاستضافة مسؤولي هيئة الأمم المتحدة، ممن يرغبون في زيارة منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم في غربي الصين، للإطلاع على الأحوال المختلفة، وتلك التي هي محل اهتمامهم فيها.

كما تقدّمت الصين أنذاك إلى مَن يهمّه أمر هذه المنطقة الصينية (من جميع الأطراف)، إلى زيارتها، مرفقةً بضرورة الالتزام باحترام الصين وقوانينها وسيادتها وشعبها.

لقد أدركنا وقتها فوراً، أن هذه الدعوة الصينية للأُمم المتحدة، ولكل مَن يهمه الأمر، أُعلنت لإظهار وحدة الشعب الصيني أمام جميع دول وشعوب ومنظمات العالم، ولتأكيد مقولة الصين بأن إثراء الشعب وتنشيط شينجيانغ هما مفتاحان أساسيان لبلوغ الأهداف الاستراتيجية الصينية عموماً في تحقيق قفزة لنمو شينجيانغ وتمتعها بالاستقرار الدائم، ولتعرية الهجمة الظالمة والفبركات الإعلامية والحرب النفسية التي تتعرّض اليها شينجيانغ والصين من الخارج، ولعرض منجزات هذه المنطقة على العالم، أملاً في أن تلتزم وسائل الإعلام الأجنبية بعرض موضوعي وغير متحيّز لواقع شينجيانغ ومشاهدات المدعوين فيها.

منذ بدايات “حركة الاصلاح والانفتاح” الصينية الشهيرة – التي قضت بجهود مُتدرّجة على الفَقر المُدقع، وجفّفت شريحة المُعدمين بصورة جذرية، ونقلت الصين الى القمر والفضاء البعيد -، وضعت الحكومات الصينية المتعاقبة تصوّر الحزب الشيوعي الصيني القائد موضع التنفيذ، بهدف تطوير كل مناطق الصين بشكل شامل، وبضمنها منطقة شينجيانغ، وأتمتة زراعتها، والارتقاء بمستويات سكانها ومنهم الويغور وفي مجالي التعليم وخدمة الطبابة. وفي شينجيانغ، أرتقت الدولة الصينية بقوميتها المحلية إلى مستويات أعلى، أسوة بأوضاع المناطق الصينية الأُخرى بخاصة الشرقية منها، وما تزال أعمال التطوير جارية في شينجيانغ على قدم وساق إلى يومنا هذا، وستبقى تجري، وستزدهر المنطقة أكثر مما هو حالياً، من خلال إثمار متواصل لمبادرة الحزام والطريق التي سوف تطرق دروبها وتسلك من خلال مدنها وقراها وواحاتها وسهولها.

وفي النجاحات التي تشهدها هذه المنطقة، فقد نَسبت وكالة أنباء “شينخوا” إلى “شيويه بين”، مسؤول بمكتب الإحصاء المحلي في شينجيانغ، إلى أن المنطقة ركّزت جهودها في العام الماضي 2018 على دعم التوظيف وريادة الأعمال. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الحكومات المحلية في شينجيانغ، تشجّع تعديل هيكلة الانتاج في الأرياف التي يعيش فيها عدد كبير من المواطنين من ذوي الدخول المنخفضة. وترمي هذه السياسة إلى تخلّص الانتاج الزراعي في المنطقة من إنتاج الحبوب والقطن بشكل منفرد، والتحوّل إلى الاعتماد على إنتاج الفواكه من المذاق الفريد والتي تشتهر بها منطقة شينجيانغ، لذلك كانت زراعة واسعة لفاكهة المشمش والرمان والجوز والإجاص وغيرها من الأصناف التي تستفيد بوفرة موارد المياه النظيفة في هذه المنطقة الجافة، وتقليل التأثيرات السلبية للبيئة الطبيعية قياساً إلى زراعة القطن والحبوب.

ولا بد هنا من الإشارة، إلى أن الحكومة المركزية الصينية وحكومة المنطقة، شرعتا في وقت سابق، الى بناء البيوت الجديدة والآمنة من الزلزال ومنحها مجاناً لضحايا زلزال وقع في السابق، وهذه المنازل لا تتميز بوجود غرف خاصة للطبخ والاستحمام فقط، بل وبباحاتها الواسعة التي تم تزويدها بحظائر للخراف والدواجن دفعاً لزيادة دخل الفلاحين من خلال الانتاج الأوسع، ما يؤدي إلى رفع مستوى حياتهم خطوة بعد أخرى، وهو تأكيد آخر على اهتمام الصين بأرواح وحياة الشعب في شينجيانغ والصين عموماً، وما تزال حكومات شينجيانغ المتعاقبة وبتوجيهات من الحزب، تتسابق في تنفيذ سياسات جديدة لتحسين حياة المواطنين هناك، ممن ينتمون إلى نحو 14 قومية.

 

وفي الاحصاءات، فقد بلغ دخل الفرد من سكان شينجيانغ – الحضر 21953 يوانا، بزيادة 6 بالمئة مقارنة مع العام الأسبق، فقد وصل نصيب الفرد من الدخل الموجّه للإنفاق في شينجيانغ إلى 21500يوان (3188 دولاراً أمريكياً) العام الماضي 2018، أي بزيادة 7.6بالمئة على أساس سنوي. وذكرت السلطات المحلية، أن نصيب الفرد من الدخل المُستَهِدف للإنفاق على سكان الريف والحضر في المنطقة‘ فقد بلغ11975 يواناً و32764 يواناً، أي بزيادة قدرها8.4 بالمئة و6.5 بالمئة على الترتيب.

وفي واقع شينجيانغ، فإن جوهر ومحور أعمال الحكومات المتعاقبة فيها وعلى مختلف المستويات بالمنطقة، يتمحور على ضمان ورفع مستوى حياة المواطنين المحليين من القوميات المختلفة. لذلك ظل الانفاق الحكومي في هذا الشأن يُشكّل نصيب الأسد من إجمالي الانفاق الحكومي المحلي، وخصوصاً زيادة الانفاق في توظيف المواطنين والضمان الاجتماعي والتربية والتعليم والرعاية الطبية والصحية، وفي إنشاء مساكن تؤجّر بأسعار معقولة، وغيرها من أعمال تحسين أحوال الحياة اليومية للمواطنين المحليين. وتدعم منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم التنمية المحلية للزراعة وتربية الحيوانات على نطاق واسع. كما زاد نصيب الفرد من سكان الريف فيها من دخل الأعمال بواقع6624 يواناً، أي بزيادة 9.7 بالمئة على أساس سنوي.

 

يَعود الفضل في “التطوير الجذري” لمنطقة شينجيانغ الى أفكار وجهود وتوجيهات الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية الرفيق شي جين بينغ، الذي دعا الى تطوير غرب الصين تطويراً لائقاً وجاذباً في الدولة الاشتراكية التي تسلك النمط الصيني وألوانه، ولأجل أن يوازي هذا التطوير ذات التطوير الذي وصلت إليه المناطق الشرقية وذات الوجهات البحرية للصين، ذلك أن فكرة الأمين “شي” تتمحور حول الارتقاء بالتطوير في كل المناطق، ورفض الابقاء على أي منها دونه، لجعل الصين وحدة واحدة متطورة وذات قدرات تنموية من تلقاء نفسها، ومن خلال إبداعات شعبها وكادحيه وأفكارهم الخلاّقة، وفي مجال تخليق الأفكار الإبداعية، وهنا نشير إلى كيفية إضافة مجموعة كبيرة من الأفكار والاستراتيجيات الجديدة التي قدمتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وفي القلب منها شي جين بينغ، إلى مواد الدستور الصيني، مثل إطلاق العنان للدور الهام لقوى السوق في توزيع الموارد، ودفع الإصلاح الهيكلي في جانب العرض، وتعزيز القوى الثقافية الناعمة للبلاد، وتعزيز ثقافة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لا سيّما في دستور الحزب، وتحقيق متطلبات الشعب وازدهاره المادي والروحي في كل المناحي، لذلك قال الأمين شي جين بينغ، أمين عام اللجنة المركزية الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، أن الأمة الصينية “حقّقت تحولاً كبيراً ونهضت وأصبحت غنية وقوية”، وأدلى “شي” بهذه التصريحات خلال كشفه عن خطة من مرحلتين لجعل الصين “دولة اشتراكية حديثة قوية” بحلول أواسط القرن ال21، ذلك أن فكر شي جين بينغ يُقدّم عند المنعطف التاريخي الحالي توجيهات نظرية مهمة للإصلاح والانفتاح الأوسع القادمين للصين، مؤكداً في الوقت نفسه “أن العالم يتطلع إلى خلق الصين روائع جديدة”، ويتطلع “شي” إلى “تمتع الشعب بحياة أفضل، ويؤكد بأن هذا “هو هدف نضالنا”، وهذا يتضمن “تعليماً أفضل، ووظائف أكثر استقراراً، ودخلًا أكثر إرضاءً، وضماناً إجتماعياً أكثر موثوقية، ومستويات أعلى من الخدمات الطبية والصحية، وظروفاً معيشية أكثر راحة، وبيئة أكثر جمالاً، وهلمّ جرّا، وهو ما يجري تطبيقه يومياً وبإبداعية في غرب الصين وبضمنه في شينجيانغ.

ختاماً، لا بد لي من التأكيد على أهمية إرشادات الأمين شي جين بينغ، والذي هو بحق مهندس تحديث الصين وشينجيانغ على أوسع نطاق في العصر الجديد، والذي دعا في كلمة ألقاها العام الماضي، إلى ضرورة “تعزيز قدرات الصين على المشاركة في التواصل الدولي “لكي ننشر القصص الخبرية الصينية على نحو أفضل”، و “لكي نجعل صوت الصين يصل إلى الآخرين، ولكي نقدّم إلى العالم صورة حقيقية ومتعددة الأبعاد وشاملة للصين”، وعلى مِثال شينجيانغ، فإن هذه الدعوة التي تحدث عنها الأمين “شي”، تكتسب اليوم أهمية استثنائية ومتميزة على خلفية الصراع الدولي في وسائل الإعلام والذي تقوده دول توسعية معروفة، رغبة من الصين بإعلاء الحقيقة وإقتصاد السلام وكسب العقول في مواجهة التخرّصات التي تسعى من خارج الحدود للإضرار بمكانة جمهورية الصين الشعبية وتشويه صورتها، التي ستبقى جميلة ومُحبّبة إلينا في الاردن والبلدان العربية ولجميع الشعوب والأُمم المحبة للعدالة والمساواة بين البشر.

ومن المهم كذلك انعقاد المزيد والمزيد من المؤتمرات والفعاليات في شينجيانغ ونينغشيا وفي غيرها من مناطق التواجد الإسلامي في الصين، وتناول وسائل الإعلام الصينية بلغات مختلف الشعوب الإسلامية وبصورة واسعة الأوضاع الواقعية في المناطق الصينية ذات الكثافة الإسلامية، ونشر مطبوعة ورقية واستحداث موقع إنترنت باللغة العربية، يتم توجيههما على نطاق شامل للعالمين العربي والإسلامي، ليُناط بهذه كلها وغيرها، لعب دور بارز في تعزيز التواصل المتعدد المنافع بين الصين والبلدان العربية والاسلامية، وتعزّز مسيرة التعاون المشترك فيما بينها.

  • #علاء_ساغه: كاتب #أُردني ومستثمر، ومساعد пرئيس #الاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء #الصين وعضو قديم بالاتحاد الدولي.
تعليق 1
  1. مروان سوداح يقول

    مقالة مهمة وغاية في الدقة والتميز للاخ الاستاذ علاء ساغه، مستشار ومساعد رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين والاعلاميين والكتاب العرب اصدقاء وحلفاء الصين، وهي تتحدث عن منطقة شينجيانغ الصينية التي ينتقل منها طريق الحرير الصيني بنسخته المعاصرة للرفيق الامين العام للحزب ورئيس الدولة شي جين بينغ الى الغرب نحو قارتين قديمتين وعشرات الشعوب التي تنتظر سلوك المبادرة على اراضيها لتغيير وجه العالم سلميا وفي صالح الشعوب.. تحية لشينجيانغ صانعة السُّبل العالمية والتي هي فاتحةً لحقبة انسجام الثقافات والعقول والعواطف بين الدول والامم والقوميات والشعوب وسواد البشر – المسالمين..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.