موقع متخصص بالشؤون الصينية

تشكيل مستقبل الصين

0

 

وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
قاد فقدان الوزن وشرارة الإلهام وانغ نينغ إلى نجاحه في ريادة الأعمال: وهو تطبيق يساعد أكثر من مائة مليون شخص على الحفاظ على لياقتهم البدنية.
قبل خمس سنوات، حينما كان طالبا جامعيا في السنة الرابعة، نجح وانغ في التخلص من حوالي 50 رطلا من وزنه بممارسة التمارين الرياضية، ما دفع العديد من الأشخاص إلى الاستفسار عن سر فقدانه للوزن.
وباستشعارهم فرصة للعمل، أنشأ وانغ وأصدقاؤه تطبيقا للياقة البدنية يسمى “كيب”. وسرعان ما حقق نجاحا كبيرا، حيث ارتفع عدد مستخدمي التطبيق إلى 180 مليونا وما زال آخذا في التوسع.
وقد ولد وانغ في 1990 ونشأ مع تحقيق قطاع الإنترنت في الصين نموا سريعا.
وقال وانغ “بالنسبة لشبابنا، حان وقت الإمكانات الهائلة. وحيثما توجد فكرة، هناك دائما مساحة لك لتجربتها.”
ويعد وانغ واحدا من جيل الشباب الصاعد، الذي لا يقود طفرة الإنترنت فحسب، بل يشكل مستقبل الصين أيضا.
ومع ذلك، فإن الساحة المزدهرة اليوم للشباب لم تكن لتوجد لولا جهود الشباب في الماضي.
ويصادف يوم غد السبت الاحتفال بيوم الشباب في الصين، وهو وقت للتفكير في الأدوار البطولية التي يؤديها الشباب الصيني في التاريخ.
ومنذ قرن من الزمان، في 4 مايو 1919، اندلعت احتجاجات طلابية جماعية ضد استجابة الحكومة الضعيفة لمعاهدة فرساي التي فرضت معاملة غير عادلة على الصين وقوضت سيادة البلاد بعد الحرب العالمية الأولى.
وأُطلقت حركة وطنية للإطاحة بالمجتمع القديم وتشجيع الأفكار الجديدة، بما في ذلك العلم والديمقراطية والماركسية. وبعد ذلك بعامين، تأسس الحزب الشيوعي الصيني.
تعتبر حركة الرابع من مايو حملة وطنية وثورية كبيرة تولي قيادتها المثقفون الشباب التقدميون وانضم إليها أشخاص من جميع مناحي الحياة لمحاربة الإمبريالية والإقطاعية بكل حزم.
وقال الرئيس شي جين بينغ، الذي حضر اجتماعا في وقت سابق من هذا الأسبوع لإحياء الذكرى المئوية للحركة، إن الحركة ألهمت طموح الشعب الصيني والأمة الصينية وثقتهما لتحقيق النهضة الوطنية.
وقال شي، الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس اللجنة العسكرية المركزية، إن الشباب يؤدون دائما دورا طليعيا في تحقيق النهضة الوطنية، الذي هو مهمة الشباب الصيني في العصر الجديد.
ودعا شي جيل الشباب إلى تحمل مسؤوليات العصر والمضي قدما بروح حركة الرابع من مايو التي تركز على الوطنية والتقدم والديمقراطية والعلوم.
مشغول كالنحل
تشاي شان شان، شاب يواجه المصاعب وجها لوجه.
عند ذهابه إلى العمل في شانغهاي منذ أكثر من عقد، بدأ تشاي مسيرته المهنية كحامل للأمتعة في محطات القطار.
كان يكدح تحت أشعة الشمس الحارقة وفي الجو البارد. ومع ذلك، لم يستسلم تشاي، بل أتقن عمله وحصل على دورات لتعلم مهارات جديدة.
واليوم، يعتبر تشاي البالغ من العمر 34 عاما، شخصية مرموقة في صناعة التسليم، وانتُخب كواحد من بين حوالي 3 آلاف نائب في المجلس الوطني الـ13 لنواب الشعب، أعلى هيئة تشريعية في البلاد.
كانت الانطلاقة المهنية لتشاي متزامنة مع تطور قطاع التسليم في البلاد. وفي العام الماضي، تجاوز حجم الطرود البريدية المرسلة في الصين 50 مليار حزمة، وحافظت على مكانتها العليا في العالم وتجاوزت حجم نظيراتها في الاقتصادات المتقدمة مجتمعة بما في ذلك الولايات المتحدة واليابان وأوروبا.
كان سائقو خدمة التسليم الشباب في دائرة الضوء في وقت سابق من العام الجاري، عندما توقف شي خلال زيارته قبيل عيد الربيع، في محطة للتسليم السريع وسط بكين. وأشاد شي بالعمل الشاق لسائقي التسليم، قائلا إنهم “مشغولون كالنحل” لتوفير الراحة لحياة الآخرين.
وفي جميع القطاعات، يُحدث الشباب الصيني فارقا من خلال العمل الجاد، وهو تقليد موروث من الأجيال الأكبر سنّا.
إن العمل الجاد هو ما شجع شي الشباب على القيام به في مناسبات مختلفة.
وأخبر شي الشباب أنه فقط عن طريق العمل الجاد والتفاني سيكون لديهم ذكريات دائمة وحافلة بالإنجاز عن شبابهم دون ندم.
وقال وانغ شنغ بوه، المرشح للحصول على درجة الدكتوراه من جامعة بكين والذي يرأس اتحاد طلاب عموم الصين، إن الشباب يجب أن يكونوا قدوة للعاملين المجدين والمستكشفين والمتفانين في كل العصور.
ليس هناك حلم أكبر مما ينبغي
يأتي جيل الشباب في الصين في عصر من الإمكانات الواسعة.
ينتقل اقتصاد الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى تنمية عالية الجودة. ومع وضع ذلك في الاعتبار، فإن ريادة الأعمال والابتكار بات عليهما طلب كبير.
وفي شهر أبريل، حث شي على بذل الجهود لتهيئة بيئة قوية للشباب من أجل التطور والابتكار والقيام بعمل ريادي.
وتعد السوق الاستهلاكية سريعة النمو وبيئة الأعمال الودية الأكثر انفتاحا والسياسات الملائمة، عوامل تساعد الشباب في تحقيق هذه الأهداف.
وفي عام 2013، نجح وانغ تاو البالغ من العمر 33 عاما وزملاؤه من أعضاء فريقه -ومعظمهم دون سن 30 عاما- في تطوير نموذج للطائرات بدون طيار، فتح سوق هذا المجال أمام المستهلكين في الصين.
وتوسعت شركة (دي جاي آي) التابعة لوانغ والتي تتخذ من مدينة شنتشن مقرا لها، وانفتحت أمام العالم وسيطرت بسرعة على أكثر من 70 بالمئة من سوق الطائرات بدون طيار المدنية العالمية.
وقال وانغ إن النجاح نشأ عن حلم طفولته المتمثل في “إنشاء طائرة ألعاب يمكن التحكم فيها عن بُعد بشكل مرن”.
كما أصبح عدد أكبر من النساء، رائدات أعمال ناجحات كذلك.
وكان حلم هو وي وي “تمكين الناس من الحصول على دراجة في أي وقت يريدون في الشوارع”. وفي عام 2015، أسست الشابة البالغة من العمر 33 عاما شركة (موبايك) لتشارك الدراجات، وهو ما أنشأ نموذجا جديدا تماما للعمل. فمن السهل الآن العثور على الدراجات البرتقالية المميزة للشركة في المدن بجميع أنحاء الصين.
كما وجدت مي ون جيوان نجاحها في تدريس اللغة الإنجليزية. وتعمل المنصة التي أنشأتها لتدريس اللغة الإنجليزية بشكل فردي عبر الإنترنت (فيب-كيد)، على مساعدة عشرات الآلاف من المعلمين الأجانب في التواصل مع الطلاب الصينيين، وهو ما أحدث تحوّلا في صناعة التدريس من المنزل بشكل كامل.
وليس كل شيء يتعلق بقطاع الأعمال؛ ففرق البحث المؤلفة من أعضاء يقل متوسط أعمارهم عن 40 عاما، تقف وراء معظم الإنجازات العلمية والصناعية الحديثة في البلاد -مثل اختراع تلسكوب (فاست) أكبر تلسكوب لاسلكي في العالم (وهو تلسكوب مزود بفتحة كروية يبلغ قطرها 500 متر)، وإنشاء القمر الصناعي لعلوم الكم (موتسي)، وأول مختبر فضائي صيني (تيانقونغ-2)، وأول طائرة مدنية كبيرة (سي919).
وقال وانغ مؤسس تطبيق (كيب): “مقارنة بالجيل الأكبر، نحن أكثر جرأة على الحلم وأكثر قدرة على تحقيق أحلامنا.”

ليس هناك مكان بالغ البعد
شجع شي الشباب الصيني على المواءمة بين طموحاتهم في الحياة والمهام الوطنية الأكبر.
وقال إن الوطنية تقع في القلب من روح حركة الرابع من مايو، وإنه “إذا ما ظلت راية الوطنية عالية خفاقة، حينها يمكن للشعب الصيني أن يطلق العنان لقوة عظمى في مساعيه لتغيير الصين والعالم.”
وقد اهتم كثير من الشباب لكلماته وذهبوا إلى الأماكن الأكثر احتياجا إليهم في البلاد.
وتخلت ليانغ لينا عن فرص للعمل في المدينة عندما تخرجت من الجامعة، وعادت إلى منزلها الريفي في منطقة قوانغشي ذاتية الحكم لقومية تشوانغ لتكون كادرا في القرية.
واستخدمت ليانغ معرفتها لمساعدة القرويين الآخرين على زيادة دخلهم بثلاثة أضعاف من خلال زراعة المحاصيل النقدية وتربية الخنازير.
وبينما تخطط الصين للقضاء على الفقر في الريف بحلول 2020، يعمل أكثر من 2.8 مليون كادر قروي في طليعة هذه الحرب غير المسبوقة على الفقر. وكثير منهم شباب مثل ليانغ.
ولا يهتم الشباب الصيني ببلدهم فحسب، بل يهتمون أيضا بالبشرية.
في عام 2014، عندما أودى تفشي فيروس إيبولا بحياة الآلاف في غرب إفريقيا، تطوعت الشابة وانغ شياو آي التي كانت ستصبح عروسا وتبلغ من العمر 27 عاما للذهاب إلى سيراليون رفقة فريق طبي صيني.
كانت وانغ تخشى ألا تكون قادرة على العودة واقترحت تأجيل حفل الزفاف، إلا أن خطيبها رفض هذا الاقتراح وقدم دعمه الكامل لمساعيها النبيلة وقرر الزواج منها على الفور. لقد تزوجا بسعادة قبل أسبوعين من توجه وانغ إلى أفريقيا.
وبحلول أوائل عام 2016 عندما كان الوباء قد انتهى، كانت الصين قد أرسلت أكثر من ألف طبيب وممرضة ودربت حوالي 13 ألفا من العاملين في المجال الطبي في تسع دول أفريقية.
اليوم، يمكنك أن تجد الشباب الصيني في كل ركن من أركان العالم تقريبا، حيث يشاركون المعرفة، ويحاربون الأمراض، ويحمون السلام ويساعدون السكان المحليين.
وخلال مشاركته في قمة الأمم المتحدة لحفظ السلام في نيويورك في عام 2015، حكى شي قصة عن خه تشي هونغ، الشرطية الصينية التي ضحت بحياتها في مهمة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في هايتي.
واقتبس شي جملة من مذكرات خه تقول فيها: “في هذا العالم الكبير، قد أكون مجرد ريشة صغيرة. ومع ذلك، أريد أن أكون ريشة تحمل أمنية السلام.”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.