موقع متخصص بالشؤون الصينية

زعماء عرب يزينون معرض صور مشوار إنجازات وتحديات الصين خلال 70 عاما (تحقيق خاص مع صور)

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
بكين ـ محمود سعد دياب:

زينت صور زعماء وقادة عرب، قاعة معرض الصور الضخم في قلب العاصمة الصينية بكين، الذي أقامته اللجنة المنظمة للاحتفالية بالذكرى السبعين لتأسيس الجمهورية الجديدة عام 1949، وقدمت من خلال أجنحة متعددة مشوار تطور الصين خلال السبعة عقود الماضية، مستخدمة التكنولوجيا في العرض مع مجسمات توضح وتشرح فكرة كل جناح.

شي – السيسي – سلمان توافق رؤى

حيث جمعت الصورة الأولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع الرئيس شي جين بينج، خلال زيارة الأول العاصمة بكين للمرة الأولى عام 2014، بعد انضمام مصر رسميًا إلى مبادرة الحزام والطريق التنموية التي أعلن عنها الثاني، والتي تتوافق مع أهداف “رؤية مصر 2030” للتنمية الشاملة، حيث قال بينج وقتها إن بكين تعتبر القاهرة شريك استراتيجي.

فيما تضمنت الصورة الثانية صورة جمعت بينج مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين، عندما استقبل الأخير الرئيس الصيني في العاصمة الرياض، بشكل رسمي يليق بالضيف، حيث رقص الزعيمان بالسيف تجاوبًا مع الجماهير خلال فعالية فنية، وتتوافق رؤى التنمية المستدامة في الدولتين مصر والسعودية، مع مبادرة الحزام والطريق التي أعلن عنها الرئيس الصيني عام 2013.

ناصر وماو مشوار من الصداقة

وتضمنت الصورة الثالثة، لقاء جمع الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر مع شو آن لاي أول رئيس وزراء في جمهورية الصين الجديدة، والأمير فيصل بن عبد العزيز رئيس الوزراء السعودي، في مؤتمر باندونج لدول عدم الانحياز عام 1955، في وقت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي عندما انقسم فيه العالم إلى معسكرين .

مصر مفتاح علاقة الصين بالعرب والأفارقة

حيث كان اللقاء الحميمي الذي جمع ناصر مع شو آن مفتاح الصين الجديدة للتفاعل مع دول الشرق الأوسط، ودشنت مصر بعدها بأشهر أول علاقات دبلوماسية في الوطن العربي وإفريقيا مع الدولة الوليدة، دفعتها الصداقة بين الزعيمان ماو وناصر، ونشطت التجارة بين الجانبين مصر والصين حيث ساعدت الصين مصر في استيراد القطن المصري ذات السمعة العالمية والذي تعرض لخسائر وقتها بسبب العقوبات الأمريكية ضد مصر في أعقاب قرارات تأميم قناة السويس وبناء السد العالي وغيرها من قرارات خطت بها مصر طريقها نحو التنمية والاستقرار، فيما تبعت مصر الدول العربية والإفريقية وأقامت علاقات دبلوماسية وتجارية مع الصين الجديدة.

 

من البدر إلى عرفات

وتضمنت الصور، لقاء الزعيم ماوتسي تونج مع محمد البدر بن حميد الدين، ملك ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع اليمني، ووقتها بدأ الزعماء العرب في التوافد على الصين بعدما أصبحت المنطقة في قلب الاهتمامات الخارجية لبكين، بهدف كسر العزلة الدبلوماسية واكتساب الدعم الدولي.

وتوالى التقارب بين الصين والعرب، ففي عام 1964 استقبلت بكين الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لحضور تجمع عربي أقامه الشعب الصيني لدعم الشعب الفلسطيني، وذلك في أعقاب تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وهو ما يعتبر استجابة سريعة من بكين للقضية الفلسطينية الإنسانية، وتبع التجمع افتتاح المنظمة مكتبًا لها في العاصمة الصينية مع دعم مالي مقدم من الحكومة الصينية .

 

مشوار التحدي من الصفر إلى القمة

وقد كشف المعرض عن التحديات والصعاب التي واجهت الصين على مدار العقود السبعة والتي تنوعت ما بين مشاكل اقتصادية وتحديات إقليمية ودولية وكوارث طبيعية، وكيف أنها واجهتها بصلابة وشجاعة مكنت التنين الصيني من التحول من دولة فقيرة ترزح تحت نير المشاكل الاقتصادية والاجتماعية إلى دولة قوية نجحت في لفت أنظار العالم إليها بما حققته من تنمية كبيرة على كافة الأصعدة خلال تلك العقود، وصولا إلى إطلاق أول قمر صناعي واستكشاف الفضاء بمركبات فضاء متطورة ومبادرة الحزام والطريق وريادة التكنولوجيا الحديثة والهواتف المحمولة والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى نموذج أتوبيس ذاتي القيادة يستخدم حاليا في بعض المدن الصينية، وغيرها

 

تيان آن من ضربة البداية

يحمل المعرض الزائر في رحلة طويلة بداية من أحداث 1949، عندما أعلن الزعيم ماوتسي تونج تأسيس الجمهورية في الأول من أكتوبر على برج بوابة تيانآنمن بقلب العاصمة بكين، ثم ينتقل بعد ذلك من عام إلى عام من خلال وثائق وصور ومجسمات، إلى أول سيارة صنعت في الصين وأول تليفزيون محلي الصنع تم وضعهم في المعرض، ورغم قدمهم إلا أنهم يكشفان مدى إصرار الصين في الاعتماد على نفسها منذ البداية في مشوار الصعود، وعدم الاستعانة إلا بالدول النامية الراغبة في تحقيق النمو والازدهار.

 

قيمة العمل

ركز المعرض على قيمة العمل، حيث أبرز مجسمات لعمال المناجم والمصانع وهم يمارسون عملهم، كذلك العمال وأفراد الجيش الذين قاموا بجهود في إنقاذ المواطنين وقت حدوث الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والبراكين على اتساع الصين البالغ 10 مليون كلم مربع تقريبًا، فيما عرضت الأدوات التي ترمز العمل مثل المنجل والقادوم وهما شعار الحزب الشيوعي الصيني، مع تماثيل نحاسية تعرض العادات والتقاليد للصينيين خلال تلك الفترة من مجموعة أناس يجلسون في تجمع كبير واثنان منهما يلعبان إحدى اللعبات التقليدية التي تشبه “الطاولة”، وتجمع أخر لقيادات الحزب الشيوعي وهم يتدارسون الخطط المستقبلية، وأمامهم أكواب الشاي الأخضر وبعض الأوراق، فضلا عن خطب واجتماعات الزعيم ماوتسي تونج ولقاءاته مع رؤساء الدول مثل الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في فترة السبعينات وهو اللقاء الذي أنهى عداوة بين الجانبين استمرت طويلا، ورئيس وزراء الهند وغيرهم.

 

قطار التنمية السريع

وتناول المعرض كذلك أهم حقبة في التاريخ الصيني، التي بدأت وقت إطلاق سياسة الإصلاح والانفتاح عام 1978، والتي كانت مثالًا لاعتراف الصين بأن إدارة الاقتصاد وفقًا للنظام الاشتراكي أمر لم يعد مناسبًا للعصر الحديث، وقرارها بالاعتماد على الرأسمالية بما يتوافق مع الظروف المحلية، وهي التي عرفت فيما بعد بسياسة “الاشتراكية ذات الخصائص الصينية”، تلك السياسة التي زادت من سرعة قطار التنمية الصيني، ودفعت البلاد لتحقيق قفزة كبيرة أذهلت العالم.

 

قفزة عسكرية

وأبرز المعرض القفزة التي حققتها الصين على المستوى العسكري، من تطوير أسلحة وصواريخ وغواصات وطائرات ومركبات عسكرية مختلفة، باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي طورتها الصين بالاعتماد على نفسها أيضًا وأصبحت تحتل المرتبة الثالثة فيها بعد الولايات المتحدة واليابان، فضلا عن حاملات الطائرات المتطورة التي تستخدم كقواعد عسكرية تدافع عن حدود الصين مترامية الأطراف، والغواصة “جياولونج” المصنعة محليًا أيضًا والتي يمكنها الوصول لأعماق تصل 1000 متر تحت سطح البحر، وطائرات الركاب المدنية كبيرة الحجم وأكبر طائرة برمائية في العالم “AG600” التي بإمكانها الطيران والسير فوق الماء.

 

 

تطور زراعي

وتضمن المعرض أيضًا، التطور الذي حدث في المجال الزراعي، خصوصًا في مجال الهندسة الزراعية، وتطور الآلات الزراعية من الجرار القديم الذي يسير على جنزير مشابه للدبابات الحربية، إلى الأشكال الحديثة له، ومختلف الآلات الأخرى، التي ساعدت في تنفيذ سياسة التنمية الزراعية، ما ساعد في تنوع ووفرة الإنتاج مع استخدام وسائل الري الحديثة واستقدام أنواع محاصيل من الخارج واستزراعها في الصين، فضلا عن استحداث أجيال جديدة من الأرز الهجين على يد يوان لونج بينج، لزيادة الإنتاج وتغطية السوق المحلي والتقليل من الاستيراد، تلك السياسات التي رفعت إجمالي إنتاج الحبوب في الصين من 113.18 مليون طن عام 1949 إلى حوالي 657.89 مليون طن في عام 2018.

 

مكافحة الفقر بالتنمية

جهود مكافحة الفقر كانت حاضرة في جنبات المعرض، حيث أبرز نجاح الصين في انتشال 750 مليون مواطن من تحت خط الفقر، وذلك بالترافق مع ارتفاع المستوى المعيشي والرفاهية لمعظم المواطنين انعكاسًا لأثار التنمية الاقتصادية ما خفض عدد سكان الريف الصيني الواقعين تحت خط الفقر الوطني إلى 16.6 مليون، ومن المتوقع أن يتم انتشالهم جميعا من الفقر بحلول عام 2020.

وفي نفس الإطار، تناول المعرض القفزة الاجتماعية والاقتصادية الهائلة التي حققتها الصين خلال العقود السبعة، ومساعدة الفقراء الذين يسكنون في أكواخ صغيرة ومنازل آيلة للسقوط في الريف ومنطقة “هوتونج” في قلب العاصمة، للانتقال إلى منازل حديثة ومتطورة، ضمانًا لتوفير حياة كريمة لهم وخدمات أفضل، مع تطوير تلك المناطق واستغلالها وتأهيلها بشكل أفضل، مع تطبيق النظام الاجتماعي للتكافل الذي يوفر رعاية طبية وتعليم مدعم، ما رفع متوسط الأعمار المتوقع للصينيين من 35 عاما في عام 1949 إلى 77 عاما في عام 2018.

فيما عرضت الصور تطور الخدمة الطبية المدعمة والمنازل من البساطة إلى الحداثة، حيث كان يتضمن المنزل في السابق منصة أسمنتية عالية تستخدم كمان للجلوس واستقبال الضيوف عليها يجلس فيها الجميع على الأرض مع “طبلية” مستديرة، فيما كان المطبخ عبارة عن “بوتجاز” بدائي فيه حلة نحاسية ضخمة وفي أسفله فرن تقليدي قديم، إلى المنازل التي تتضمن تليفزيون وراديو وأسٍرة حديدية وغسالات كهربائية يدوية ومرواح، حتى المنازل الحديثة المزودة بوسائل الراحة والرفاهية.

 

تطوير البنية التحتية

كما سرد المعرض، قصة الصين مع تطوير البنية التحتية ووسائل النقل، باعتبارها العامل الرئيسي في قفزتها الاقتصادية، من خلال عرض الموانئ التي تستخدم الوسائل الحديثة في استقبال الحاويات، والمطارات المزودة بالخدمات التكنولوجية، والقطارات الكهربائية السريعة وكيف أن الحكومة دشنت خطوط سكك حديدية تمر من قلب الجبال في أنفاق استغرق حفرها سنوات، وتشير الأرقام الرسمية إلى وصول إجمالي أميال السكك الحديدية لـ 132 ألف كيلومتر، والتي تشمل السكك الحديدية فائقة السرعة التي بلغت 30 ألف كيلومتر لتحتل الصين بذلك المرتبة الأولى في العالم وتمثل ثلثي الإجمالي العالمي، ما ضاعف الناتج المجلي الإجمالي 174 مرة من من 67.91 مليار يوان عام 1952 إلى 90.03 تريليون يوان عام 2018.

وأوضحت الصور أطول جسر عبر البحر في العالم، وهو جسر “هونج كونج ـ تشوهاي ـ ماكاو”، والذي شيدته الصين ويجمع بين الجزر الثلاثة وباقي الأراضي الصينية، وإطلاقها “قطار الرصاصة فوشينج”، الذي يعتبر أسرع قطار ركاب في العالم بعد زيادة سرعته إلى 420 كلم في الساعة، ويمكن له أن يسير بسرعة وبشكل مستقر ومريح للركاب، حتى أنه أمكن وضع قطع نقدية بشكل أفقي في القطار لم تسقط، فضلا عن إنجاز مشروع ميناء يانجشان العميق في شانغهاي، وهو مشروع تجاري يهدف إلى التعامل مع أكبر سفن الحاويات في العالم بحلول عام 2024، ومشروع نقل المياه من الجنوب إلى الشمال في الصين الذي يعتبر أكبر وأحدث مشروع في الحفاظ على الماء في العالم.

 

الطاقة المتجددة

وأوضح المعرض، كيف أصبحت الصين الدولة الأولى في العالم، استخدامًا للطاقة الجديدة والمتجددة، منذ بدء اكتشاف النفط والغاز حتى محطات توليد الكهرباء العملاقة من الطاقة الشمسية الرياح، والطاقة الكهرومائية من السدود المقامة على الأنهار المختلفة وفي منابعها بأعالي الجبال، وصولا إلى محطات الطاقة النووية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.