موقع متخصص بالشؤون الصينية

سياحة طريق الحرير تسهم بانتشار أوسع للأطعمة الصينية في العالم العربي

0

 

طاه يصنع اللاميان الصيني (طبق معكرونة) يدويا في عشاء استضافه المركز الثقافي الصيني في مصر بمناسبة رأس السنة القمرية الجديدة (عيد الربيع الصيني) في القاهرة يوم 13 فبراير 2018.

وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
“رغم عودتي إلى الصين منذ فترة، لا زلت أتذكر المذاق الشهي لطبق شعيرية الرز الصيني الذي يقدمه مطعم صيني شهير يقع بجوار جامعة الأزهر”، هكذا قالت الفتاة الصينية وانغ شيو شي، وهي موظفة في شركة صينية للتجارة الإلكترونية، بعد قيامها برحلة إلى مصر في نوفمبر الماضي، معربة عن دهشتها إزاء تذوّق الطعم الأصيل لهذا الطبق في مصر التي تبعد نحو 7 آلاف كم عن بلادها.

تضرب التبادلات الصينية العربية بجذورها في أعماق التاريخ، وبفضل طريق الحرير القديم أصبح هذا الطبق الصيني شائعا في العالم العربي. وبعد تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح وخاصة طرح مبادرة الحزام والطريق، مع ما تنطوي عليه من فرص وإمكانات، من بينها ما يتعلق بمجال السياحة، أصبحت الأطعمة الصينية أكثر انتشارا في العالم العربي.

وبغية الترويج للأطباق الصينية في خارج البلاد، نشط بعض الصينيين في الاجتهاد بأعمالهم، من بينهم فان تشوان كوي، صاحب مطعم “تيان آن من”، الذي يُعتبر أول مطعم صيني في المغرب.

وقال فان، مستذكرا بداية افتتاح مطعمه، “آنذاك، قابلتني صعوبات جمة”. وبدأ فان بإعداد وتقديم أطباق تتوافق مع الذوق الصيني، لكنها كانت ذات طعم حار ومالح بالنسبة للمغاربة، وهو ما انعكس في عدم رضا الزبائن عن الأطباق.

وتابع “بعد ذلك، فكرت أنه بما أنني افتتحت مطعمي في بلد غريب، فيجب أن أضع في الحسبان الذوق المحلي. ونظرا لأن الأطباق الصينية الأصيلة تختلف في الطعم عن الذوق المغربي، لذا كان لا بد من إجراء تعديلات”. ونتيجة لبعض التعديلات البسيطة في الطعمات والتقنيات، بدأ مطعم “تيان آن من” يشتهر تدريجيا بين المغاربة. “يفضل الزبائن المغاربة الدجاج مع الفول السوداني وجبن فول الصويا المطبوخ والزلابية المقلية أكثر”، بحسب ما ذكره فان.

وساعد استمرار تكثيف وتعميق التبادلات الصينية المغربية على زيادة عوائد مطعم فان، ولا سيما إعلان المملكة المغربية عن قرار إعفاء الصينيين من التأشيرة في يونيو من عام 2016، ما أدى إلى زيادة عدد السياح الصينيين إلى المغرب بشكل مضطرد، الأمر الذي جلب معه المزيد من الزبائن إلى مطعمه. ويقول فان “يكفي أن تذكر اسم المطعم لكثير من سائقي سيارات الأجرة في الرباط، ليقوموا بإيصالك إلى هنا”.

أما تشانغ تشينغ، مدير قسم المنتجات في شركة ((فيفو)) الصينية في مدينة دبي الإماراتية، فقد أرجعه مذاق حساء القدر الساخن “هوت بوت” الذي تناوله في أحد المطاعم الصينية بالمدينة إلى بلدته. وقال “عندما تمتعت بمذاق طعم القدر الساخن اللذيذ، الذي تم إعداده بشكل احترافي، أعادني هذا الشعور إلى مسقط رأسي”. وجاء تشانغ إلى دبي قادما من مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين، والتي تشتهر بأطباق القدر الساخن.

وتُعد دبي إحدى المراكز التجارية والاقتصادية في الشرق الأوسط، وحتى في العالم، لذا يتواجد فيها أكثر من 200 ألف صيني للعمل وكسب الرزق وتحقيق الأحلام، وسوف يزيد هذا العدد في الفترة المقبلة بفضل تعميق وتكثيف التعاون الصيني الإماراتي في كثير من المجالات، وهو ما أتاح الفرصة لأصحاب الأعمال الصينيين للتوجه إلى الشرق الأوسط. وتُعتبر ليو مي إحدى المستثمرات في مطعم القدر الساخن “هوت بوت” في دبي.

وأشارت ليو مي، وهي رئيسة مجلس إدارة شركة “ليو يي شو” المحدودة الصينية لإدارة الطعام، إلى أن الوقت الصحيح والبيئة المناسبة يعطيها وشركتها إمكانية نجاح الاستثمار في دبي وكل الدول الواقعة على طول خط مبادرة الحزام والطريق. وأوضحت أنه “من ناحية، أعطتني المبادرة الفرصة والدافع لتأسيس مطعم القدر الساخن في دبي، ومن ناحية أخرى، ساعدت كثرة العمال والسياح الصينيين الذين يتواجدون في دبي ويرغبون بالحصول على وجبات صينية شهية ولذيذة في رواج أعمال المطعم”. بالنسبة إلى ليو مي، فإن انفتاح بلادها المستمر يعود عليها بعوائد كبيرة في مطاعم القدر الساخن الـ3 التي تستثمر فيها في دبي.

وقالت وانغ شيو شي “ذات مرة، حجزت تذكرة عودة إلى الصين مع محطة توقف في دبي، وكنت سعيدة لاغتنامي هذه الفرصة للقيام بجولة فيها، وذُهلت لإمكانية تذوّق أي نوع من الطعام الصيني الذي أريده وحتى شرب شاي الحليب الذي أفضله”.

ولا يعود رواج الطعام الصيني في دبي إلى مكانتها العالمية فقط، بل أيضا للخطوات التي اتخذتها السلطات هناك. ففي عام 2017، أطلقت السلطات مشروع “مجمع دبي للأغذية” التابع لشركة “دبي القابضة” لتجارة الجملة بتكلفة قدرها 5.5 مليار درهم، حيث يهدف المجمع إلى توفير بيئة جاذبة للتجار والمستثمرين في قطاع الأغذية للوصول إلى أسواق جديدة مع زيادة مستوى جذب الاستثمارات العالمية في هذا المجال، والاستفادة من البنية التحتية المتميزة لإمارة دبي في قطاع الشحن البري والبحري والجوي فضلا عن الدور الإستراتيجي المهم الذي سيسهم به المجمع في دعم تحقيق الأمن الغذائي في الإمارات. وساعد ذلك على ازدهار قطاع أعمال المطاعم الصينية.

بالإضافة إلى الإمارات، تحاول الحكومة المصرية جذب السياح الصينيين إلى المدن المصرية غير القاهرة، وتسعى السلطات في شرم الشيخ إلى زيادة عدد المطاعم الصينية في أماكن الجذب السياحي بالمنطقة.

وقالت رئيسة الاتحاد العالمي للصناعة الصينية لخدمات الإطعام يانغ ليو إن “الأطعمة الصينية التي يرجع تاريخها إلى أكثر من 5 آلاف سنة تعد من بين أولى التجارب التي تمهد لمعرفة الثقافة الصينية”. وكثير من الأجانب تعرفوا على الصين وثقافتها عن طريق تذوّق الأطعمة الصينية، التي توفر تجربة حسية وشعورية، وتُعد علامة ثقافية صينية بارزة.

وكما يقول المثل الصيني، “الغذاء هو الضرورة الأولى للشعوب”. ومع تواصل عملية بناء مبادرة الحزام والطريق في العالم العربي، تحظى تجربة الأطعمة الصينية بإشادة وإقبال متزايدين، لتمثل بذلك منصة ثقافية فريدة تتيح فرصة فهم المزيد عن الثقافة والشعب الصيني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.