موقع متخصص بالشؤون الصينية

مسلمو الإيغور بين الحقيقة والافتراء

0

 

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
د. تمارا برّو*:

 

مجدداً تتعرض الصين لحملة إعلامية شرسة تصل إلى حد مقاطعة الصين وكرهها على اعتبار أنها تقمع وتضطهد المسلمين الإيغور في اقليم شينجيانغ. ليس غريباً ومستغرباً أن تلجأ الدول الغربية إلى هذا الأسلوب لثني الصين عن تقدمها وتطورها. فهي ليست المرة الأولى التي تستغل فيها هذه الدول قضية مسلمي الإيغور للضغط على الصين لتغيير مواقفها إزاء قضية معينة.

دعونا نفكر وننظر إلى قضية مسلمي الإيغور بطريقة عقلانية بعيداً عن منطق العاطفة الجياشة.

أولاً: تقوم الصين باتخاذ تدابير أمنية احترازية في إقليم شينجيانغ بهدف مكافحة الارهاب والتطرف. وهذه التدابير ليست قمعية موجهة ضد المسلمين الإيغور بصفتهم هذه، بل لدرء أي أعمال إرهابية في الصين، خاصة أنه جرت محاولات لأعمال عنف سابقة في شينجيانغ وخارجها. ونعود بالذاكرة هنا إلى حركة شرق تركستان الإسلامية التي ينضوي فيها إيغوريون وتدعو إلى إنشاء دولة إسلامية مستقلة في شينجيانغ ( تركستان الشرقية كما يسميها الإيغور) بايعت القاعدة وحركة طالبان، وتم تصنيفها من قبل الأمم المتحدة عام 2002 على أنها منظمة إرهابية. قامت هذه المنظمة بأعمال إرهابية في العديد من المناطق الصينية بلغت منذ العام 1990 حتى 2014 أكثر من 200 عملية إرهابية وأدت إلى مقتل وجرح العديد من السكان الصينيين. والمعروف عن الصين بأنها من الدول التي لا تتهاون بتاتاً في أي مسألة تخص أمنها القومي وهي إذا كانت تقوم ببعض الاجراءات التقييدية في إقليم شينجيانغ فهي تقوم بذلك دفاعاً عن أرضها وشعبها.

ثانياً: انضمام الإيغور إلى تنظيم داعش في سوريا وتهديد الصين. ففي أواخر العام 2012 بدأت طلائع الإيغور تصل إلى سوريا وتنضم إلى تنظيم داعش وجبهة النصرة. وبعد ذلك أسس الإيغور في سوريا العام 2014 الحزب الاسلامي التركستاني وبقي قسم من الإيغور في تنظم داعش ووجهوا في العام 2017 عبر شريط فيديو بعنوان (أولئك هم الصادقون) تهديداً إلى الصين “بسفك الدماء كالأنهار”. فهل تقف الصين مكتوفة الأيدي بانتظار أن يعود الإيغور من سوريا إلى الصين لتنفيذ هجمات إرهابية ونشر التطرف في اقليم شينجيانغ؟

ثالثا: يثير تقدم الصين وتطورها في مختلف المجالات، لاسيما الاقتصادية والتكنولوجية، خوف بعض الدول الغربية التي تضع العقبات أمامها لثنيها عن التقدم، وما الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية إلا دليل على ذلك . ومن ناحية أخرى تحاول الولايات المتحدة الأميركية إلهاء الصين بمشاكل داخلية كمحاولتها زعزعة الاستقرار في هونغ كونغ.

رابعاً: عينت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في آب/ أغسطس 2019 امرأة أمريكية من أصول إيغورية كمسؤولة عن ملف الصين في المجلس الأمن الوطني الأميركي، فلم يكن مستغرباً ان تشن الهجمات على الصين والادعاء بأنها تضطهد الإيغور.

خامساً: حققت العلاقات الصينية العربية تطوراً ملحوظاً وكبيراً خلال السنوات الأخيرة، وهذا ما أثار استياء بعض الدول التي تحاول زعزعة هذه العلاقات عبر قضية مسلمي الإيغور. والسؤال الذي يطرح هنا هل للصين مصلحة في اضطهاد مسلمي الإيغور وتأليب الرأي العام الاسلامي عليها في ظل تطور علاقاتها بالدول الاسلامية والعربية؟

سادساً: تصريح الرئيس رجب طيب أردوغان في تموز/ يوليو الماضي أن هناك بعض الجهات تحاول استثمار مسألة شينجيانغ والإيغور لزعزعة العلاقات التركية الصينية.

الصين دولة محبة للسلام تقوم سياستها الخارجية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وعلى حل النزاعات بالطرق السلمية بعيداً عن منطق القوة، وتسعى إلى إحلال التنمية لأنها ترى أنها الطريق الوحيد للسلام. فكيف يمكن لدولة تسعى جاهدة وبشتى الوسائل للوصول إلى السلام أن تقوم بقمع المسلمين أو غير المسلمين؟

إن الحملات الإعلامية ضد الصين، برأيي، قد فشلت في تحقيق مبتغاها وهي قد خدمت الصين أكثر من تشويهها، صحيح أنه في بداية الحملات الإعلامية التي جاءت بعد تصريح بعض المشاهير حول وضع الإيغور(ولأسباب معروفة) تم تجيش الرأي العام الإسلامي عامة والعربي خاصة على الصين، ولكن رويداً بدأت تتكشف حقيقة الأخبار المفبركة والكاذبة حول اضطهاد الإيغور، وبدأ الشعب العربي المعروف بانجراره وراء عواطفه يعي الحقيقة . لم تنجح الدول في كسر عصا الصين عبر ورقة الإيغور فهذه الورقة أصبحت خاسرة.

 

*دكتورة في الجامعة اللبناية ـ خبيرة بالشؤون الصينية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.