موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق: وسط الوضع الوبائي الجديد…”التنمر الجديد” لا يجدي نفعا والتعاون العالمي أفضل “ترياق”

0

وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
تشير البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن الحصيلة العامة لحالات الإصابة المؤكدة بمرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) حول العالم تجاوزت مؤخرا 2.4 مليون حالة. ورغم هذا الوقت العصيب من مكافحة جائحة تعصف بالعالم برمته، إلا أن بعض الساسة الغربيين انشغلوا بالإدلاء بتصريحات تشوه سمعة الصين، محاولين بذلك إثارة التناقضات والتهرب من مسؤوليتهم المتمثلة في حماية أبناء وطنهم من خطر الفيروس.
إن سلوكهم لهذا المنحى لن يساعد على التعامل بشكل جيد مع الوضع الجديد، وسيكون له أيضا تأثير سلبي على التعاون الدولي لدرجة أنه قد يلحق الضرر بمصالح البشرية جمعاء. وقد وصف الخبراء هذا الوضع بـ”التنمر الجديد” في ظل الوضع الجديد.
ومن علاج المرضى وصولا إلى تطوير الأدوية واللقاحات، ومن اتخاذ إجراءات دولية مشتركة للوقاية والسيطرة وصولا إلى دفع التعافي الاقتصادي العالمي وسط الإغلاق، تعد الوحدة والتعاون في عصر العولمة أقوى أسلحة الاستجابة في المجتمع الدولي وكذا أفضل “ترياق” للفيروسات التي لا تعرف الحدود.
أولا، يتطلب تطوير اللقاحات تعاونا عالميا. وفي هذا الصدد، قدم الجانب الصيني مساهمات إيجابية: في 7 يناير، نجح المركز الصيني لمكافحة الأمراض في عزل أول سلالة جديدة من الفيروس؛ وفي 8 يناير، أكد الجانب الصيني أن فيروس كورونا الجديد هو العامل المسبب للمرض؛ وفي 9 يناير، تم الحصول على التحديد الأولى للعوامل المسببة للمرض وتقاسم هذا التقدم مع منظمة الصحة العالمية؛ وفي 12 يناير، تم تقديم المعلومات المتعلقة بالتسلسل الجينومي للفيروس إلى منظمة الصحة العالمية ونُشرت في قاعدة البيانات العالمية بشأن الإنفلونزا لتعزيز أعمال البحث المشتركة العالمية. وأشار المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إلى أن “الصين حددت العوامل المسببة للمرض في غضون وقت قياسي قصير وتقاسمت المعلومات المتعلقة بالتسلسل الجينومي للفيروس بالكامل مع منظمة الصحة العالمية وبلدان أخرى”.
ومن المعروف أن المعلومات المتعلقة بالتسلسل الجينومي للفيروس الجديد توفر أساسا مهما لتطوير اللقاحات وإجراء البحوث الدوائية ومكافحة الأوبئة في جميع أنحاء العالم. واعتمادا عليها، يستطيع العلماء في جميع أنحاء العالم تطوير اللقاحات. وقد بدأ بالفعل خبراء من الصين والولايات المتحدة في تطوير لقاحات للعلاج من الفيروس. وأشار الموقع الإلكتروني لشركة (مودرنا) الأمريكية المتعاونة مع مؤسسات حكومية أمريكية إلى أنه قد تم تطوير لقاح بشكل أولي ارتكازا على المعلومات المتعلقة بجينوم الفيروس التي قدمتها الصين في 11 يناير؛ فيما استفاد علماء من بريطانيا وأستراليا وألمانيا وبلدان أخرى من هذه المعلومات بسرعة للعمل بنشاط على تطوير لقاحات وقائية وكواشف تشخيصية.
ولكن على الجانب الآخر، أخذ بعض الساسة الأمريكيين، في المرحلة الحرجة قبل الانتخابات، يكرسون طاقتهم لتوجيه اتهامات لدول أخرى بهدف تحويل انتباه الرأي العام لديهم، وهذا يدل على أنه لا توجد في أذهانهم وقواميسهم سوى مصالح سياسية وحسابات انتخابية، حيث يفتقرون إلى الإحساس بالمسؤولية والشعور بالوضع الإنساني لحياة الكثيرين. وقد أشارت صحيفة ((نيويورك تايمز)) إلى أن الاستجابة لتفشي كوفيد-19 في الولايات المتحدة “تغلفها إلى حد كبير حسابات سياسية”، وهذا “الفيروس السياسي” أكثر ضررا من فيروس كورونا الجديد نفسه.
ثانيا، تتطلب إجراءات الوقاية من انتشار الفيروس تعاونا عالميا. فقد عُقد مؤتمر عبر الفيديو لوزراء الصحة في دول مجموعة العشرين قبل بضعة أيام، ليرسل مرة أخرى إشارة واضحة، مفادها إنه من الضرورة بمكان سد الفجوات في القدرة على التأقلم وإعداد البلدان على نحو جيد من خلال تبادل المعرفة لتحسين فعالية النظام الصحي العالمي.
فقد قدمت الصين، ومازالت تقدم، مساعدات مادية لأكثر من 120 دولة ومنظمة دولية، وأرسلت فرقا من الخبراء الطبيين إلى أكثر من 12 دولة بهدف مساعدة سكان هذه الدول على مكافحة فيروس كورونا الجديد. كما تقاسمت الصين حتى الآن خبراتها في الوقاية من تفشي الفيروس والسيطرة عليه وكذا برامج التشخيص والعلاج مع أكثر من 100 دولة وأكثر من 10 منظمات دولية وإقليمية.
ثالثا، تتطلب الاستجابة للانكماش الاقتصادي تعاونا عالميا. فصندوق النقد الدولي يتوقع أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 3 في المائة هذا العام، وهو ركود يتجاوز بكثير الركود الاقتصادي الناجم عن الأزمة المالية العالمية لعام 2008. وفي هذا الصدد، سارع القادة إلى تقديم حلول لتنسيق سياسات الاقتصاد الكلي، والحفاظ على استقرار الأسواق المالية العالمية، والسلسلة الصناعية، وسلسلة التوريد، ومنع حدوث تدهور اقتصادي.
فخلال القمة الاستثنائية لقادة مجموعة العشرين التي عُقدت في نهاية مارس، تم الاتفاق على ضخ 5 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي لمواجهة جائحة كوفيد-19. ومنذ مارس، عقدت مجموعة العشرين ثلاثة اجتماعات لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، حيث عملوا بشكل مكثف على صياغة خطط عمل للتعامل مع تأثير الجائحة. وأعلنت مجموعة العشرين مؤخرا تعليق الدين على الدول الفقيرة من دون شروط لمدة عام. وركز اجتماع عُقد مؤخرا لوزراء الزراعة في دول مجموعة العشرين، اقترحته الرئاسة السعودية الدورية للمجموعة، ركز على الحفاظ على الاستقرار والأمن العالميين للإمدادات الغذائية.
ومع انتشار فيروس كورونا الجديد على مستوى العالم، يشعر المزيد والمزيد من الناس في العالم أن البشرية مجتمع ذي مصير مشترك. لهذا السبب، عندما أعلنت الولايات المتحدة تعليق دفع مساهمتها المالية في منظمة الصحة العالمية، قوبل ذلك على الفور بإدانات من جميع أنحاء العالم. وهذا يدل على أن جميع أعمال تسييس الجائحة لا تلقى قبولا ويمكن أن يطلق عليها “تنمر جديد” في ظل الوضع الجديد، “تنمر” لا يطال بلد بعينه فحسب وإنما البشرية بأسرها. وكما قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، فإنه فقط من خلال التكاتف في مكافحة فيروس كورونا الجديد، يمكن للجنس البشري أن يوقف انتشاره، وإلا سيستغل الفيروس ضعف المجتمع الدولي المنقسم ليسرع وتيرة انتشاره ويطيل نتيجة لذلك أمد الجائحة ويزهق المزيد من الأرواح البشرية.
في عصر العولمة، لن تكون حالة الطوارئ الكبرى المتمثلة في أزمة فيروس كورونا الجديد هي الأخيرة. ومن أجل مواجهة الاختبارات الجديدة التي تفرضها الجائحة الحالية أو التحديات الأخرى التي قد تنشأ في المستقبل، فإن أي توجيه للشكاوى أو إلقاء للاتهامات واللوم لن يجدي نفعا. وسيظل أفضل “ترياق” متجسدا في أن تعمل الدول معا يدا بيد وتزيد من متانة التعاون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.