موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين وضربة معلم إشتراكية في المرمى الرأسمالي الأوروبي

0


صحيفة القدس العربي من لندن:
أ . د . علي الهيل:

يبدو أن الصين باتت قارئة جيدة للخريطة الإقتصادية (لمنطقة اليورو) المتأزمة. فقد ارتأى رئيسها (هْيو جِنْتاوْ) أن ينقض كالنسر على الحَبارى المنهكة والجريحة و (الحَبارى) هي (منطقة اليورو) التي تترنح تحت وقْع شطب مليار يورو من ديون اليونان واستماتتها في إقناع البنك الأوروبي المركزي برفع رأسمال (صندوق الإستقرار المالي الأوروبي) إلى ثلاثة تريليونات بَيْدَ أنها لم تحصل سوى على تريليون واحد على إثْر مفاوضات معقدة وشائكة كما وصفها الرئيس الفرنسي.
ويبدو أن رئيس البنك الأوروبي المركزي المستقيل (جينْ كْلود تْريخِت) بسبب خلافه المفترض مع منطقة اليورو حول دعم البنك الأوروبي المركزي لصندوق الإستقرار المالي الأوروبي لإنقاذ اليور الذي يبدو أنه يحتضر، قد أحس ببعض الغضاضة من قِبَلِ بعض الأمريكيين والأوروبيين من إستجداء الصين لتمد اليد (لمنطقة اليورو) التي تغرق شيئاً فشيئاً في محيط الهوس بحماية (منطقة اليورو) مما حدا به إلى القول: ‘إنه لَأمرٌ عادي تماماً أن تطلب دول (منطقة اليورو) الدعم المالي من الصين لإعانتها على الإحتفاظ (بمنطقة اليورو).
وبعد بضعة أيام من طلب (منطقة اليورو) من الصين إنقاذها من وهدتها المالية قرر الرئيس الصيني أن يضرب ضربته ويزور دول (منطقة اليورو) لتوقيع إتقافيات إقتصادية وتجارية معها على غرار (إضرب الحديد وهو ساخن) منتهزا أزمتها المالية مقرونة مع إضرابات واحتجاجات في دول منطقة اليورو وسائر دول (الإتحاد الأوروبي) وفي الولايات المتحدة الأمريكية (زعيمة النظام الرأسمالي العالمي) وكندا واستراليا على فشل النظام الرأسمالي وإخفاقه في توفير سبل الرفاهية للأوروبيين والأمريكيين والأستراليين تزامنا مع انخفاض سعر (الإيوان) العملة الصينية التي يتيح تعويمها فرص التصدير بكميات هائلة تفوق ما ذي قبل والتي يرجح كثير من المحللين الإقتصاديين أن تحل محل الدولار واليورو كعملة عالمية في المستقبل المنظور على خلفية الأزمات المالية الأمريكية والأوروبية التي يتوقع كثيرون أن تراوح مكانها إنْ لم تتفاقم وتيرتها وتزداد سوءاً رغم أن الصين تعدُّ الدولة الوحيدة في العالم تقريبا المحافظة على نهجها الإشتراكي الماركسي. ولقد صدقت تنبؤات (كارل ماركس الذي كانت نظريته الإشتراكية المعروفة (بالماركسية) متوقَّعا لها أن تنتشر وتسود في أوروبا الغربية وشمال أمريكا لا أن تسود في (الإتحاد السوفيتي) السابق ودول ما كان يُعرف (بالكتلة الشرقية المتحالفة معه والتي كانت تسير في ركابه) ولكنْ ربما لأسباب سياسية واقتصادية وأيديولوجية لم تتبنَّ هذه الدول (الماركسية) فقد ضمّن (ماركس) رأيه في كتبه ‘النظام الرأسمالي وتقسيم العمل والعدالة الإجتماعية’ بقوله: إن النظام الرأسمالي سيتيح الفرصة للجماهير لشراء ما يودون شراءه عن طريق الإقتراض ثم لن يستطيعوا سداد ديونهم فتبدأ أعراض إنحلاله فيثور الناس ضد تكوم التريليونات في يد حفنة من الأفراد مهيمنة على حياتهم ومصادرة لها كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا حيث تبلغ ثروات أفراد معينين ومعظمهم يهود صهاينة داعمون لإسرائيل وأعضاء في (الإيباك) زهاء ثلاثة تريليونات. وقد حاول جاهداً الرئيس الأمريكي الديمقراطي الحالي فرض ضرائب عليهم وعلى أمثالهم من الأثرياء إلا أن قائمة الجمهوريين المسيطرين على مجلس النواب قامت معترضة عليه وكاد أن يُنعتَ بأنه ضد السامية ولكنْ ‘لِعِلّةٍ لم يُنعتِ’ والوضع في دول الإتحاد الأوروبي مماثل لنظيره الأمريكي. وهذا ما حذر منه ومن غيره (ماركس) وما بدأ يحدث الآن وإن كانت مؤشراته بدأت قبل بضع سنين، غير أنه بلغ بعض أوجه هذه الأيام وهو مرشح للتصعيد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.