موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين والولايات المتحدة في عهد بايدن: تفاهم أم تصادم؟

0

 

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
محمود ريا*:

تقف العلاقات الصينية الأميركية عند مفترق طرق، فإما أن تخرج من النفق الذي دخلت فيه خلال السنوات الماضية بفعل حالة الفوضى التي سببتها سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب، فيتم حل العقد وفتح آفاق جديدة مشرقة للبلدين وللعالم، وإما أن تشهد المزيد من التدهور الخطير الذي قد يوصل إلى حرب باردة جديدة لا يريدها أحد.

الفيصل في الاتجاه الذي ستأخذه هذه العلاقات هو النهج الذي ستسلكه إدارة الرئيس الجديد جو بايدن تجاهها، والاستراتيجية التي تتبناها في مواجهة ما بات مصطلحاً في الطبقة السياسية الأميركية على تسميته بـ “الخطر الصيني”.

التصريحات التي أدلى بها بايدن وأركان إدارته قبل استلامه الحكم وبعده لا تبدو مبشرة بشكل كبير، وإن كانت تبدي تخفيفاً في اللهجة عما كان يستخدمه ترامب وإدارته، وتحول العنوان الرئيسي للسياسة المنوي اتباعها من “الصدام” إلى “التعاون في إطار التنافس”، وهو ما بعني الإبقاء على حالة الاشتباك مع المبل إلى التعاون في العديد من الملفات، كتغيّر المناخ ومكافحة جائحة كورونا وغيرها.

واللافت في نهج بايدن المعلن هو التشديد على التعاون مع الحلفاء الأوروبيين والآسيويين لاحتواء الصين وتطويقها بدل نهج إذلال الحلفاء وإقصائهم الذي كان ترامب يعتمده.

إلا أن هذه التصريحات والمواقف تبقى في إطار الكلام، بانتظار معرفة الاتجاه الحقيقي والعملي الذي ستسير فيه واشنطن في علاقتها مع بكين، ولذلك تبقي القيادة الصينية أجواء التفاؤل غالبة عند حديثها عن هذه العلاقات، دون أن تخفي توقعها لكل الاحتمالات.

الرؤية الصينية، بكل تركيز، أن الصين تأمل بأن يحل التفاهم والتعاون على أساس بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية محل الصدام والتناحر كعنوان للعلاقة بين الدولتين، لأن هذا هو السبيل الوحيد لإنقاذ العالم من الأزمات الكبرى التي يعاني منها. وتبدي الصين كل الاستعداد لدعم هذا المسار وتقديم كل التسهيلات اللازمة لإنجاحه، بغض النظر عن كل الهجمات والاتهامات التي توجه إليها من الطبقة السياسية الأميركية بمختلف تلاوينها.

ولقد عبّر الرئيس الصيني شي جينبينغ عن هذه الرؤية خلال الاتصال الذي تلقاه من الرئيس الأميركي جو بايدن للتهنئة بعيد الربيع والسنة الصينية الجديدة، وهو الاتصال الذي “شكل فرصة لاستكشاف آفاق العلاقات بين البلدين”، كما ذكرت مصادر رسمية صينية، في حين كان وصف المصادر الأميركية للاتصال ينطلق من المعزوفة القديمة التي تتحدث عن حقوق الإنسان والتنافس وغيرها من المصطلحات التي باتت متكررة في الأدبيات الأميركية.

وتشكل إثارة واشنطن لملف حقوق الإنسان بالذات في وجه الصين دليلاً على مدى خبث أساليب التعامل الموروثة من إدارة إلى أخرى، فهذا الملف يُغذى إعلامياً بمئات التقارير الكاذبة والمحرفة والمختلقة، ثم يُستخدم سياسياً لممارسة الضغوط على الصين من أجل تقديم تنازلات اقتصادية وسياسية واستراتيجية، في لعبة  تتقن سلطة الهيمنة الغربية ممارستها منذ عقود. إلا أن ما لا يلتفت إليه الأميركيون هو أن ما يسري على الدول الضعيفة لا يمكن أن يًطبق على دولة كبيرة وفاعلة كالصين التي تملك من الإرادة والقوة ما لا يمكن كسره بالتهويل والتصعيد الإعلامي.

وهذا ما تعمل الصين على تأكيده في خطابها الرسمي ومن خلال إعلامها، حيث تمدّ يد التعاون بكل ودّ، ولكنها لا تخفي أبداً اسنعدادها للسير في سياستها الردعية الحالية، لا بل وتصعيدها حسبما يقتضي الموقف، في حال اختارت الولايات المتحدة السير في طريق تسميم العلاقات وتفجيرها، حتى واو أدى ذلك إلى اندلاع حرب باردة جديدة لا تفيد أحداً.

من هنا، تبدو الكرة من الآن فصاعداً في ملعب واشنطن، التي ينبغي عليها أن تقرر الاتجاه الذي سيسيير فيه العالم، هل هو اتجاه تفاهم وتعاون وتطور اقتصلدي وعلمي، أم أنه اتجاه التصادم والمغامرة.. وصولاً إلى الخراب؟

*مدير موثع الصسن بعيون عربية ـ لبنان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.