موقع متخصص بالشؤون الصينية

خبراء صينيون: تصريحات وزير الخارجية الصيني عن العلاقات الصينية العربية…تؤكد على صداقة وثيقة وشراكة قوية وتعاون شامل

0

“الصداقة شجرة جذورها الوفاء وأغصانها الوداد”، إنه لقول عربي مأثور استشهد به عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي مؤخرا تعليقا على العلاقات الصينية العربية خلال مؤتمره الصحفي الذي عُقد على هامش الدورتين السنويتين الصينيتين.

ويعتبر خبراء صينيون متخصصون في شؤون الشرق الأوسط أن تصريحات وانغ جاءت لتؤكد مجددا على متانة أواصر الصداقة والتعاون بين الصين والعالم العربي وقوة العزم على تعزيز الشراكة التي تربط بينهما، الأمر الذي يساهم في دفع التنمية المشتركة وحماية السلم والأمن الإقليميين.

— فصل جديد من التعاون الصيني العربي

فقد أشار الدكتور هو يوي شيانغ، عميد كلية الدراسات الشرق أوسطية بجامعة الدراسات الدولية ببكين، في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) إلى أن “العلاقات الصينية العربية حققت قفزة نوعية في السنوات الأخيرة. وتجلى ذلك بشكل أساسي في جانبين: أولهما هو التكاتف معا، إذ إنه في ظل جائحة كبيرة لا تحدث سوى مرة واحدة في القرن، مضت العلاقات بين الجانبين قدما متغلبة على هذا الاتجاه وواصلت نموها. وثانيهما هو التعاون البراغماتي، الذي انعكس بشكل خاص في تعزيز البناء المشترك للحزام والطريق واستئناف العمل بعد الجائحة.

“لذلك، فإن تطور العلاقات الصينية العربية على مدى فترة طويلة من الزمن، وخاصة ما ترتكز عليه من صداقة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، صار اليوم ينبض بحيوية جديدة ويشهد قفزة نوعية، وهو أمر يبعث السرور في نفوسنا جميعا”، حسبما قال هو يوي شيانغ.

ومن جانبه، ذكر الدكتور وانغ جين الأستاذ المساعد في معهد بحوث الشرق الأوسط بجامعة شمال غرب الصين أن “الجانبين الصيني والعربي حققا إنجازات مشهودة في التعاون الاقتصادي ومكافحة الجائحة. فقد زادت وتيرة التبادلات الاقتصادية والتجارية بين الصين والدول العربية، وأنشأت الصين مجمعات صناعية في دول عربية مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري للعالم العربي. وفي إطار مكافحة الجائحة، أمدت الصين الدول العربية بكميات كبيرة من اللقاحات المضادة لكوفيد-19. كما قدمت الدول العربية دعما ومساندة قويَّين لجهود الصين في مكافحة الجائحة وعارضت بحزم محاولات بعض الدول لوصم الصين”.

كما سلط الدكتور دينغ لونغ، الأستاذ بمعهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة شانغهاي للدراسات الأجنبية، الضوء على ما قاله وزير الخارجية وانغ يي بأن العلاقات الصينية العربية حققت تقدما كبيرا في العام الماضي. ففي البداية، تكاتفت جهود الجانبين في مجال مكافحة الجائحة، حيث قدم الجانبان كميات كبيرة من مواد مكافحة تفشي المرض لبعضهما البعض في بداية الجائحة وخلالها. وفي فترة لاحقة، نظمت دولة الإمارات العربية المتحدة المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح صيني. وبعد ذلك، قدمت الصين لقاحات صينية إلى الإمارات العربية المتحدة ومصر والعديد من الدول العربية الأخرى، وسوف تحصل المزيد من الدول العربية على لقاحات صينية الصنع.

ومن ناحية أخرى، تناول دينغ لونغ تصريحات وزير الخارجية وانغ يي عن التعاون الاقتصادي والتجاري، والتي أشار فيها إلى أن إجمالي حجم التبادلات الاقتصادية والتجارية للصين بلغ 240 مليار دولار أمريكي، وهو ثاني أعلى مستوى له في التاريخ، ومنه يمكن القول إنه وسط مكافحة الجائحة وانخفاض أسعار النفط، لا يزال حجم التجارة الثنائية مرتفعا للغاية.

— تطلعات تجاه القمة الصينية العربية

فيما يتعلق بالتحضيرات الجارية للقمة الصينية العربية، قال هو يوي شيانغ “أعتقد أن هناك اثنين من التطلعات البارزة في هذا الصدد: يتمثل الأول في دفع المجال محور التركيز قدما، فقد أحرزنا تقدما كبيرا على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، ومن ثم نتطلع إلى تحقيق المزيد من التقدم مستقبلا في مجال التبادلات الشعبية. والثاني في كيفية جعل القمة الصينية العربية نموذجا جديدا ومثالا جديدا يحتذى به. لذا فإن العلاقات الصينية العربية يجب أن تنطلق من الاستجابة لقضايا الحوكمة العالمية؛ وتحدونا الثقة بأن العلاقات الصينية العربية ستوفر مستقبلا سبلا ومجالات جديدة للتعاون في مجال الحوكمة العالمية، وخاصة مع الارتكاز على الصداقة الراسخة بين الجانبين”.

وفي نفس السياق، ذكر دينغ لونغ “أعتقد أن هذه هي القمة الأولى من نوعها في التاريخ، كما إنها تعد توافقا هاما تم التوصل إليه في الاجتماع الوزاري التاسع لمنتدى التعاون الصيني العربي الذي عقد العام الماضي”، مضيفا أن “هذا الحدث سيؤدي إلى الارتقاء بالتعاون الإستراتيجي بين الصين والعالم العربي إلى مستوى جديد، وسينشئ أيضا منصة جديدة للحوار والتواصل. كما من المقرر أن يتم خلاله اعتماد خطة تعاون شاملة بين الجانبين في مجال الطاقة والتكنولوجيا والاتصالات والذكاء الاصطناعي. ومن شأن الخطوات التالية أن ترسم خارطة طريق جديدة لمزيد من التعاون الإستراتيجي بين الصين والدول العربية”.

— السعى لحماية الاستقرار الإقليمي

لدى تطرقه بالحديث عن الملف النووي الإيراني، قال وانغ جين إنه “في استجابة الصين للوضع في منطقة الخليج، لم تأخذ في الاعتبار فقط نتائج تعددية الأطراف التي حققها الاتفاق النووي الإيراني، وإنما أيضا الشواغل الفعلية لدول المنطقة بشأن القضايا الأمنية، مضيفا أن “الصين تقترح إنشاء آلية حوار إقليمية جديدة لحل أزمات المنطقة. وستواصل الصين حتما لعب دور نشط وبناء للمساعدة في حل النزاعات الإقليمية والحفاظ على النظام والاستقرار بالمنطقة”.

كما لفت دينغ لونغ إلى أن “وزير الخارجية وانغ يي أكد على موقف الصين، المتمثل في أن الخطوة الأولى تكمن في إحياء الاتفاق النووي الإيراني. والخطوة التالية تشير إلى أن الاتفاق النووي الإيراني وحده لن يحل كل المشكلات في الخليج، لذا من الضروري أيضا إنشاء آلية أو منصة حوار متعددة الأطراف بشأن الأمن في الخليج. وفي هذا السياق، لابد من طرح جميع القضايا المتعلقة بأمن الخليج على الطاولة ومناقشتها بما يسهم في تشكيل مثل هذه الآلية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.