موقع متخصص بالشؤون الصينية

قلب التصنيع في الصين يسرع من تحوله الرقمي

0

حسبما هو موضح في خطتها للتنمية خلال ما بين الأعوام الخمسة إلى الـ15 عاما المقبلة، ستدفع الصين التكامل العميق بين التكنولوجيا الرقمية والاقتصاد الحقيقي، وستعزز تحول الصناعات التقليدية وتحديثها، من أجل حفز النمو الاقتصادي.

ومع وصفها بأنها “مصنع العالم”، تضم مقاطعة قوانغدونغ بجنوبي الصين، قرابة 3 ملايين شركة صناعية. ويسرع هذا المركز الصناعي حاليا تحوله الرقمي ويستكشف سبلا لتحديث صناعته التحويلية.

— “المصنع المنارة”

على شاشة رقمية عملاقة تحاكي العملية الرقمية للتصنيع في مصنع لأفران الميكروويف تابع لـ “ميديا جروب”، عملاق صناعة الأجهزة المنزلية الصيني، في مدينة فوشان بمقاطعة قوانغدونغ، تومض أجهزة إنذار حمراء لتنبيه المهندسين لأي مشاكل في معدات الإنتاج.

ويعد المصنع واحدا من أكبر قواعد إنتاج أفران الميكروويف في العالم، مع طاقة إنتاج سنوية تتجاوز 44 مليون وحدة. ويتم في هذا المصنع إنتاج نحو 47 بالمئة من إجمالي المغنطرونات التي تستخدم لإصدار الموجات الدقيقة، في العالم، ما يجعله مُوَرِّدا رئيسيا للمكونات بالنسبة لمنتجي أفران الميكروويف حول العالم.

وفي مارس الماضي، أدرج المنتدى الاقتصادي العالمي هذا المصنع ضمن أحدث أعضائه لشبكة المنارة العالمية، والتي تهدف إلى اختيار المصانع الرائدة في توظيف ودمج التكنولوجيات الفائقة للثورة الصناعية الرابعة.

وحتى الآن، تم إدراج ما إجماليه 69 مصنعا في أنحاء العالم على قائمة شبكة مصانع المنارات، بينها مصنعان تابعان لـ “ميديا جروب”، التي انضم مصنعها لإنتاج مكيفات الهواء المنزلية في قوانغتشو، حاضرة قوانغدونغ، إلى القائمة العام المنصرم.

وقال تشو شياو لينغ، مدير تكنولوجيا المعلومات لدى “ميديا جروب”، إنه بفضل الرقمنة عزز المصنع كفاءته الداخلية العامة بنسبة 28 بالمئة، وحسن مؤشرات جودة المنتج بمعدل 15 بالمئة، وقلص وقت تسليم الطلبات بواقع 53 بالمئة.

وأوضح تشو أن “ميديا جروب باشرت تحولها الرقمي في عام 2012، وارتفعت عائدات الشركة بواقع 150 مليار يوان (حوالي 22.85 مليار دولار أمريكي) بينما انخفض عدد الموظفين بمقدار 40 ألفا خلال الفترة من 2012 إلى 2019″، مضيفا أن “التحول الرقمي ضخ زخما تنمويا قويا في قطاع التصنيع التقليدي”.

— منصات الإنترنت الصناعي

وفي قوانغدونغ، حقق ما إجماليه 15 ألف شركة التحول الرقمي وتمكنت 500 ألف شركة من الوصول إلى الخدمات السحابية، وذلك بفضل منصات الإنترنت الصناعي، وفق ما ذكرت مديرية الصناعة وتكنولوجيا المعلومات بالمقاطعة.

وخلال الأعوام الأخيرة، نمت بسرعة الشركات الرائدة في مجال الإنترنت الصناعي مثل “هواوي” و “ميديا” و “تنسنت” و “روت كلاود”. ولم تصبح هذه الشركات مرشدا للتحول الرقمي بحد ذاتها فحسب، بل دفعت التحول الرقمي في عدد كبير من الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وبحسب شيوي تشي جيون، الرئيس المناوب لشركة “هواوي”، فإنه بنهاية عام 2020، بنت الشركة أكثر من 40 مركزا لابتكار الإنترنت الصناعي في الصين، لتقدم بذلك خدمات تحول رقمي لأكثر من 20 ألف شركة صناعية فيما يزيد على 30 تجمعا صناعيا.

وقال خه دونغ دونغ، المدير التنفيذي لشركة “روت كلاود”، وهي شركة مزودة لخدمات الإنترنت الصناعي مقرها في قوانغتشو، إنه بالعمل مع شركات رائدة أخرى في الصناعة، تمكنت “روت كلاود” من تأسيس أكثر من 20 منصة سحابية صناعية ذات صلة بمجالات بناء المعدات والحماية البيئية والمنسوجات والمفروشات المنزلية. وتقدم الشركة حاليا خدمات تحول رقمي لشركات في 81 قطاعا صناعيا فرعيا.

وفي عام 2019، أطلقت “روت كلاود” منصة سلسلة صناعية لمفروشات منزلية مخصصة. واتصلت أكثر من 20 شركة في قوانغتشو وفوشان ومدن أخرى بالمنصة، حيث يمكنها إكمال التصميم الأولي والتصنيع والأعمال اللوجستية والنقل للمفروشات المنزلية بمساعدة شبكة الإنترنت، وهو ما عزز كفاءة تشغيل تلك الشركات بشكل كبير.

وأضاف أن “الرقمنة تمثل قفزة كبيرة للصناعة التحويلية التقليدية. فمنذ عام 2016 ينمو حجم أعمالنا بأكثر من 100 بالمئة سنويا، وهو ما يظهر طلبا قويا على التحول الرقمي في الصناعة التحويلية”.

— تحديات في الأفق

رغم التقدم والإنجازات التي تحققت حتى الآن، إلا أن التحول الرقمي للصناعة التحويلية في قوانغدونغ لا يزال يواجه مهاما شاقة.

وبحسب قه تشانغ وي، مدير لجنة التنمية والإصلاح في مقاطعة قوانغدونغ، فإن نحو سدس ما يقارب ثلاثة ملايين شركة صناعية في قوانغدونغ، فقط هو الذي يتمتع بخدمات سحابية.

وقال تو قاو كون، مدير مديرية الصناعة وتكنولوجيا المعلومات في قوانغدونغ، إن أغلب الشركات الصناعية في المقاطعة صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، مضيفا “إنها لا تجرؤ ولا ترغب ولا تقدر على التغيير”.

وأوضح تو أن بعض الشركات يساورها القلق بشأن الاستثمارات الكبيرة وفترات العائد الطويلة في الصناعة، وتعتمد بشكل كبير على طريق التنمية التقليدي، بينما تفتقر بعض الشركات إلى التكنولوجيا والمواهب اللازمة للتحول الرقمي.

ولتسريع التحول الرقمي، تعتقد الشركات أن ثمة حاجة إلى المزيد من الجهود في بحوث البرمجيات الصناعية وغيرها من المجالات الرئيسية. ومن جهة أخرى، يحتاج رواد الأعمال إلى زيادة وعيهم بشأن الرقمنة، كما يجب أن يكون هناك خدمات رقمية أكثر وضوحا وقابلية للاستخدام للشركات الصغيرة والمتناهية الصغر.

ولفت تو إلى أنه في الخطوة التالية، ستطلق قوانغدونغ مشاريع بحوث تكنولوجية وتطبيقات توضيحية في مجالات البرمجيات الصناعية والذكاء الاصطناعي والتصنيع الذكي، وستسعى جاهدة إلى تقديم المزيد من الدعم التكنولوجي للتحول الرقمي بالصناعة التحويلية، ولا سيما للشركات الصغيرة والمتناهية الصغر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.