موقع متخصص بالشؤون الصينية

انتعاش (هجرة العمالة) إلى الصين مجدداً مع ظهور بوادر التعافي الاقتصادي

0


صحيفة الاتحاد الاماراتية:
برزت موجة جديدة من الهجرة إلى الصين مدفوعة بالنمو الاقتصادي الكبير والتحول الذي طرأ على التركيبة السكانية، وأكدت “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” على أنه مع ظهور بوادر التعافي الاقتصادي العالمي، فإن هجرة العمالة المؤقتة للصين تعاود الانتعاش، وذلك بعد أن أدى الركود الاقتصادي إلى تراجع في تدفق هجرة العمالة المؤقتة للصين بنحو 36%.

ويسهم الطلاب الصينيون بنسبة كبيرة في ظاهرة الهجرة الخارجية، حيث كانت الصين في 2009 المصدر الأساسي لهجرة الطلاب لكل من بريطانيا وأميركا خاصة في ظل جيل الأثرياء الجديد والكثافة السكانية العالية.

ومن المتوقع أن تلعب الصين دوراً أكثر ريادة في العالم، حيث تملك طبيعة قادرة على جذب المهاجرين إلى شواطئها، كما أدركت أنها في حاجة للأجانب سواء كزائرين مؤقتين أو مقيمين دائمين، وذلك لتحقيق المزيد من التنمية والعولمة. وشهد النمو الصيني طفرة ملحوظة منذ أن فتحت البلاد أبوابها للعالم الخارجي قبل عقود قليلة وتملك الصين اليوم ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر بنك، من حيث رأس المال السوقي، وكذلك أكبر عدد في السكان بنحو 1,34 مليار نسمة.

وباستمرار اقتصادها في النمو ليس من المستغرب أن تحتوي سيلاً من تدفق الأجانب نحوها من ذوي الخبرات وغيرهم الذين يبحثون عن نصيبهم من كعكة الاقتصاد السريع النمو.

كما شهدت الساحة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تغيرات كبيرة في العقود القليلة الماضية، لها تأثير بالغ على التركيبة السكانية وعلى الهجرة من وإلى الصين.

وبلغ عدد الصينيين الذين يعيشون في الخارج نحو 8,3 مليون شخص في 2010، ما جعلها واحدة من أكبر جاليات الشتات في العالم حيث صنفها “البنك الدولي” الرابعة عالمياً.

وبينما تُعزى الهجرة الخارجية إلى الكثافة السكانية وثراء الأفراد، تدخل الصين في الوقت الحالي في واحدة من أكثر مراحل التطور الاقتصادي استدامة في تاريخها ترتبط ببطء النمو السكاني وانخفاض معدل خصوبة الإنجاب.

ووفقاً للتعداد السكاني الأولي للعام 2010، لم يتعد معدل نمو السكان السنوي في الفترة بين 2000 و 2010 سوى 0,57%، بينما يرتفع متوسط كبار السن بوتيرة أسرع. وكشف التعداد أن نسبة السكان فوق سن 60 بلغت نحو 13,3% في العام 2010، مقارنة مع 10,4% في العام 2000.ومن المتوقع، انخفاض عدد من هم في سن العمل (عمر 15 إلى 64) من 0,95% سنوياً في الفترة بين 2005 و 2010 إلى 0,19% سنوياً بين 2010 إلى 2020.

ويشير ذلك، إلى انتهاء حقبة فائض العمالة في الصين، حيث يعزى ذلك إلى العجز في بنية العمالة التي شهدت عليها نحو 2 مليون وظيفة شاغرة في جنوب الصين في العام 2004 وارتفاع عدد العاملين غير الشرعيين، وكذلك عدد العاملين الأجانب البالغ نحو 2,9 مليون المسجلين بصورة قانونية في 2007.

وكانت الصين بوصفها مصدراً ضخماً للعمالة الاقتصادية المهاجرة إلى البلدان الأخرى وارتفاع عدد المهاجرين إليها بحثاً عن العمل، تعكس مدى السرعة التي يسير بها الاقتصاد الصيني سلم الاقتصاد العالمي والجاذبية التي يتمتع بها. وتشير آخر الأرقام الواردة من “مكتب إدارة الدخول والخروج” إلى أن أكثر من 10% من مجموع المهاجرين البالغ نحو 26,1 مليون الذين دخلوا الصين في 2007، جاءوا بغرض العمل، وأن أكثر من نصف مليون منهم يعملون في شركات أجنبية بالكامل أو في شراكات صينية أجنبية.

وبلغ عدد العاملين الأجانب في شنجهاي نحو 152,100 في 2008 بزيادة قدرها 14,1% عن السنة التي سبقتها.

وفي الوقت الذي تتقلص فيه القوى العاملة ويرتفع فيه معدل سن العاملين، يوفر دور الصين كوجهة ناشئة للمهاجرين، الظروف الضرورية لاستدامة تنمية البلاد ونموها.

وذكر فرانك بيكي من “جامعة ليدين” أقدم جامعة في هولندا، أن ثروة الصين واستقرارها جعلت منها قبلة جاذبة ليس لذوي الخبرات ورجال الأعمال من الدول المتقدمة فحسب، بل لأشخاص لا يملكون خبرة سوقية مباشرة جاء معظمهم من بلدان ربما تكون أكثر فقراً من الصين نفسها، ما أسهم في تدفقات مالية كبيرة كانت السبب وراء نمو المجتمعات العرقية التي تركزت في المناطق السكنية.

ونتيجة لذلك، بدأت الصين في مواجهة قضايا تصدت لها وجهات أخرى قبل وقت طويل، حيث لا تزال تفتقر إلى إطار قانوني واضح وجهاز للتعامل مع دخول الأجانب وإقامتهم وتوظيفهم. وعلى الجانب الآخر، تعتبر هجرة الأجانب عبئاً على المجتمع الصيني في ظل حركات الإرهاب والجريمة العالمية المنظمة والنشاطات المعادية ونتج عن ذلك، المزيد من التأكيد على الضوابط والأمن القومي، بالإضافة إلى تقديم الخدمات والمعاملة المتساوية للجميع.

وفي حين يسعى الجميع للحصول على شيء من كعكة الاقتصاد الصيني المتنامي، يترتب على الصين تشديد سياسات إدارة الهجرة وإعادة النظر في مشروعية فائض الهجرة الاقتصادية، أوالمخاطرة بالدخول في تعقيدات غاية في الصعوبة تنعكس على نسيجها الاجتماعي والثقافي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.