نظام جديد للطاقة الكهربائية يضيء مستقبلاً أخضر
موقع الصين بعيون عربية-
عبد العزيز سلام:
أثناء زيارتي الأخيرة في النصف الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي إلى مدينة جينهوا بمقاطعة تشجيانغ الصينية لاحظت تقدمًا شديدًا في العديد من المجالات، وكنت قد قمت بزيارة إلى نفس المدينة منذ عدة سنوات، إلا أن التغير الذي حصل هائل، خاصة في المنطقة النموذجية للشبكة الكهربائية المصغرة للتفاعل المتعدد بين تخزين المياه والضوء التي تقوم بها شركة جينهوا للطاقة الكهربائية، وذلك من أجل تحقيق الطاقة المستقبلية لخلق إقتصاد منخفض الكربون”. وكان الهدف من هذه التغيّرات هو تطوير الإنتاج الإقتصادي والوصول إلى مستويات معيشية عالية الجودة، مع إستهلاك أقل للموارد الطبيعية وتلوث بيئي أقل أثرًا.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ في سبتمبر/ أيلول عام 2020، قطع تعهدًا جديًا بشأن بلوغ انبعاثات الكربون ذروتها وتحقيق حياد الكربون في الدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة. على إثر ذلك، اتخذت الحكومة الصينية ترتيبات مهمة حول تحقيق بلوغ انبعاثات الكربون ذروتها وحياد الكربون، واتخذت من النظام الجديد للطاقة الكهربائية الذي يتمحور على الطاقة الجديدة، مسارًا نحو التطور والتحول للطاقة الكهربائية.
وبالفعل بدأت مدينة جينهوا بالعمل لخلق مجتمع منخفض الكربون وهو مجتمع يتعاون فيه المواطنون مع الدولة للحد من كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الأنشطة المختلفة. وأصبحت جينهوا إحدى المدن الصينية التي حرصت على الوصول للتنمية الإقتصادية والتنظيم الإداري، وبنفس الوقت باتت الرائدة في تطوير “الإقتصاد منخفض الكربون”، هذا لأن المسؤولين فيها شعروا بأن السبيل لتشجيع الناس على العيش في مجتمع بمستوى منخفض من الكربون، يرتبط إرتباطًا وثيقًا بتطوير التكنولوجيات غير الضارة بالبيئة أو ما يسمى التكنولوجيا النظيفة.
وفي حديث مع المسؤول المرافق لوفد الصحفيين، علمنا أن شركة الطاقة الكهربائية اختارت بلدية جيانشان التي تتميز بخصائص “منطقة الحدائق” و”المنطقة الجبلية” للقيام بالأعمال التجريبية، وفقًا للخطة المحددة، وسيتم الإرتقاء بمستوى استخدام الطاقة النظيفة وزيادة كفاءة التشغيل لنظام الطاقة الكهربائية تدريجياً من خلال إنشاء نظام متكامل يجمع الموارد المتعددة لإدارة وتحكم المصادر والشبكات والحمل والتخزين وتشييد المشاريع مثل “محطات الطاقة الكهرومائية بالجريان السطحي + تخزين الطاقة”.
وأثناء الشرح جال بخاطري أنه إلى أي مدى يمكن لمصر الإستفادة من هذه التجربة النموذجية خاصة في الريف وكذلك في المدن، على ضوء شهادات المؤسسات المالية العالمية بأن الاقتصاد المصري اقتصاد واعد وفي ظل الطفرة المشهود لها في كافة المجالات التى تعيشها البلاد خلال السنوات السبع الماضية.
ولا شك أنه من أجل تحقيق الأهداف المتعلقة بتخفيض الكربون، يكون مجال الطاقة ساحة المعركة الرئيسية، ويكون قطاع الكهرباء قوة رئيسية، وتكون شبكة الطاقة محورية. في هذا السياق، تنفذ شركة الطاقة الكهربائية الوطنية الصينية على نحو كبير الإستراتيجية الجديدة لأمن الطاقة والترتيبات المعنية بـ” بتخفيض الكربون”، وتسرع ببناء النظام الجديد للطاقة الكهربائية، وقد بذلت شركة الطاقة الكهربائية بمقاطعة تشجيانغ جهودًا من نواحي متعددة مثل الإمداد والتزويد والاستهلاك للطاقة والتكنولوجيا والأنظمة، وطرحت بشكل مبتكر طريقة العمل لبناء شبكة كهربائية متنوعة ومتكاملة ومرنة بدرجة عالية.
وأثناء الجولة قمنا بزيارة مقر الشبكة الكهربائية في مدينة جينهوا التى تقع في وسط مقاطعة تشجيانغ، وتتميز بـ”المصادر الكهربائية القليلة والحمل الكهربائي الثقيل والشبكات الضيقة والتخزينات الشحيحة والتفاعل غير الكافي”.
تصنيع الشاي باستخدام الطاقة النظيفة
في شهر مايو/ أيار 2021 ، دخلت بلدية بانان جينهوا بمدينة جيانشان موسم تصنيع الشاي. بعد ترويج واستخدام المعدات المكهربة والنظيفة لتصنيع الشاي بين مزارع الشاي، أصبحت الفترة الليلية فترة الذروة في استهلاك الطاقة الكهربائية. في ظل هذه الظروف، طرحت شركة جينهوا للطاقة الكهربائية حلاً لإستخدام سيارات متنقلة لتخزين الطاقة، مما نجح في حل مشكلة الإختلاف الكبير في الحمل الكهربائي للمحولات بين الليل والنهار ومشكلة شح إمداد الكهرباء بين المواسم المختلفة. يتم شحن هذه السيارات المتنقلة عن طريق الخلايا الكهروضوئية على أسطح الوحدات السكنية في النهار، من ثم يتم استهلاك هذه الطاقة المخزنة لتوفير الكهرباء الخضراء والنظيفة لمزارعي الشاي في فترة الليل التى تشهد ذروة الإستهلاك الكهربائي.
بعد إنشاء الشبكة الكهربائية المصغرة التي تتميز بالتفاعل المتعدد بين تخزين المياه والضوء، ستبدأ هذه البلدية الصغيرة حياة جديدة “خالية من الكربون” بشكل كامل. وتشير البيانات إلى أن نسبة الطاقة الخضراء ستشكل 100٪، ونسبة الكهرباء ذاتية الإمداد ستشكل 135.91٪، ومن المتوقع ترشيد 56.6 ألف طن من الفحم القياسي وتخفيض 150.6 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كل عام بناءً على قدرة الطاقة النظيفة على توليد الكهرباء سنويًا بمقدار 200.6 مليون كيلوواط ساعة.
في مدينة ييوو، عاصمة السلع الصغيرة في العالم، يوجد جهاز تحكم ذكي لجمع الموارد المجزأة يعمل بشكل مستمر لمدة أكثر من 12 شهرًا. وقد طور هذا الجهاز شباب مهندسون بشركة جينهوا للطاقة الكهربائية، ووضعوا استراتيجية استهلاك الطاقة الكهربائية بصورة معقولة لنظام المحطة الأساسية، مما يشحن البطارية الإحتياطية بالطاقة، في الفترة التي تكون فيها أسعار الكهرباء منخفضة ويفرغها في فترة الذروة. في الوقت نفسه، يتحكم هذا الجهاز بمكيف الهواء في المحطة الأساسية حيث يتم تشغيله وإيقافه بذكاء وفقًا لتغير درجة الحرارة المحيطة به باستخدام نظام التطبيقات السحابية.
وقد أخبرني أحد العاملين في شركة الطاقة الكهربائية ان قوة الحوسبة تزيد من معدل إستخدام الطاقة المجزأة، أما النظام الجديد للطاقة الكهربائية الذي يواجه الطاقة الجديدة ذات النسبة الأعلى من التقلبات والإنقطاع، فلا يمكن فصله عن دعم البيانات وقوة الحوسبة.
هناك عامل خاص في مركز جينهوا للتحكم في توزيع الطاقة الكهربائية، عبارة عن (( روبوت )) متخصص بالتحكم الشامل ويعمل على مدار 24 ساعة كل يوم. وهو يمتلك كافة المعلومات الهائلة والواسعة النطاق في الشبكة الكهربائية، ويرسم مشاهد مراقبة ذكية ثلاثية الأبعاد في الوقت الفعلي ، ويقدر على التحكم بالشبكة الكهربائية بأكملها في غضون ثوان، ويضمن تشغيل الشبكة على نحو منخفض الكربون. يقيم الروبوت “وو كونغ” مشاهد المعاملة الذكية والتشغيل الذكي مدفوعًا بقوة الحوسبة، الأمر الذي يمكنه من التحكم الذكي والكلي في تخزين الطاقة على مستويات عديدة والتحكم أيضًا بإمدادات الطاقة القابلة للتعديل والموارد المرنة من جانب الحمل.
مصابيح موفرة للطاقة ومواقد كهربائية …
في قرية شانليانغ ببلدية دونغيانغ بمدينة جينهوا، يشهد منزل شان تشيمين الذي يعاني من الإعاقة مظهرًا جديدًا. وهو أحد المستفيدين من مشروع “المنازل السعيدة” الخيري الذي أقامته شركة الطاقة الكهربائية لصالح المعوقين. يهدف هذا المشروع إلى (إعادة إعمار) المنازل المتهالكة التى يعيش فيها المعوقين وخلق بيئة معيشية جميلة لهم.
وتساهم مثل هذه الشركات في العمل المدني، فلقد أنشات شركة الكهرباء مطعمًا خاصًا لتقديم الطعام للمسنين في قرية شانليانغ، يتناول فيه أكثر من 65 مسنًا يزيد عمرهم عن 80 عاما ثلاث وجبات يوميًا. وقامت جينهوا للطاقة الكهربائية بالتحول المكهرب لمطبخ المطعم في مشروع “المنازل السعيدة”، وذلك من أجل تقليل المخاطر الأمنية وإتاحة بيئة منظمة ونظيفة ومرتبة لكبار السن أثناء الإستمتاع بطعام صحي. يستمر مشروع “المنازل السعيدة” الخيري للمعوقين لمدة 6 سنوات، واستفاد منه 2013 شخصًا ويبلغ وقت الخدمة أكثر من 12000 ساعة.
ولقد كان تسليم مصر مؤتمر التنوع البيولوجي للصين في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي أمرًا باعثًا للسرور، لا سيما أن مصر ستستضيف قمة المناخ عام 2022 أيضًا.
وفي الخلاصة، فإن الأرض دار مشتركة للبشرية والكل مسؤول عنها، وبلوغ انبعاثات الكربون ذروتها وتحقيق حياد الكربون يعد جزءًا مهمًا في بناء مجتمع المصير المشترك للأرض. ويعد قطاع الطاقة الكهربائية الصينية كقوة رئيسية في مجال الطاقة لتحقيق “الاهداف المتعلقة بتخفيض الكربون”.