موقع متخصص بالشؤون الصينية

تنامي القوة الصينية في القارة السمراء

0

وكالة الصحافة الفرنسية:
رسخت الصين علاقتها الاقتصادية مع القارة الأفريقية خلال السنوات القليلة الماضية، إذ بلغت قيمة التجارة بين الجانبين نحو 120 مليار دولار خلال العام الماضي (93 مليار يورو) مقابل 20 مليار دولار (15,45 مليار يورو) قبل عشر سنوات.

والصين التي بدأت قبل 60 عاما بإرسال عمال لشق طرق وبناء سكك حديد في أفريقيا، تضخ منذ 15 عاما استثمارات كثيفة فيها للحصول على المواد الأولية الضرورية لانطلاقتها الاقتصادية. ويعقد منتدى للشراكة بين الصين وافريقيا كل ثلاث سنوات منذ 2001، ووعدت الصين خلال المنتدى الأخير في 2009 بتقديم 10 مليارات دولار من القروض.

وفي قلب العاصمة أديس أبابا، يرمز المقر الجديد للاتحاد الأفريقي الذي يعلو كل المباني الأخرى، وشيدته الصين ومولته وتم تدشينه أمس، إلى تنامي القوة الصينية في القارة.

ويقول الخبراء إن هدية بكين هذه، تؤكد أيضا أن السلطات الصينية لم تعد تريد الظهور بمظهر من يريد التركيز فقط على الاستثمار في المواد الأولية والبنى التحتية والعلاقات الثنائية في افريقيا.

وذكر اليكس فينس مدير الشؤون الافريقية في مركز شاتام هاوس للدراسات في لندن «دائما ما بدت الصين غير قادرة على التحاور مع مناطق القارة الافريقية ومنظماتها». وأضاف أن «تشييد مقر الاتحاد الأفريقي يعطي انطباعا مغايرا بالكامل».

وقد استثمرت الصين 200 مليون دولار (154 مليون يورو) لتشييد المبنى الذي يبلغ ارتفاعه 99,9 متر ويتألف من ثلاثين طابقا وهو الأعلى في المدينة كما يقول مصمموه. ودفع الصينيون حتى ثمن الأثاث وقدموا القسم الأكبر من معدات البناء واستخدموا فريقا من 1200 عامل صيني واثيوبي وبدأوا العمل منذ يناير 2009 لإنهاء عمليات البناء في الوقت المحدد. ويدشن المسؤول الصيني جيا كوينجلين المقر الذي يستضيف اليوم وغدا القمة الثامنة عشرة للاتحاد الأفريقي. وهو يضم ثلاثة مراكز للمؤتمرات ومكاتب لـ 700 شخص ومدرجا مخصصا للمروحيات، ويتصدر واجهته تمثال من البرونز لكوامي نكروما الرئيس الغاني السابق ومؤسس الوحدة الافريقية.

وليست لدى الصين أوهام حول النفوذ الحقيقي للاتحاد الأفريقي الذي غالبا ما تعطل تحركاته الخلافات بين دوله الأعضاء الخمس والأربعين.

وكشف جان-بيار كابيستان أستاذ العلوم السياسية في جامعة هونج كونج المعمدانية أن «الصين تقيم علاقات جيدة جدا مع الاتحاد الأفريقي، لكنها تعرف أن هذه المنظمة لا تملك فعليا أي سلطة وأنها تواجه صعوبات في اتخاذ القرارات». ومع ذلك، قدر الصينيون أهمية الاستثمار في الاستقرار السياسي في القارة، بما يتخطى العلاقات الاقتصادية البحتة. واعتبر فينس أن «الصين أعادت النظر في طريقة التعامل مع أفريقيا. اعتقد أن الربيع العربي، خصوصا (الثورة) في ليبيا لم تكن متوقعة من قبل الصين».

وقد وعدت الصين في ديسمبر بـ 4,5 مليون دولار (3,5 مليون يورو) لقوة الاتحاد الأفريقي للسلام التي تحمي المؤسسات الانتقالية الصومالية ضد الإسلاميين الشباب. وقدمت الصين أيضا مساهمة كبيرة لمهمات الأمم المتحدة لحفظ السلام في السودان وبوروندي، كما تقول منظمة سيف ذي وورلد غير الحكومية. أما الاتحاد الأفريقي فلا يستطيع إلا الترحيب بهذه الجهة المانحة الجديدة وخصوصا منذ الغموض الذي نجم عن سقوط معمر القذافي في ليبيا وحسني مبارك في مصر، البلدين اللذين كان كل منهما يسهم حتى الآن بحدود 15% في موازنة الاتحاد الأفريقي، كما تفيد الأرقام الرسمية. ويقول منسق المشروع، الأثيوبي فانتالون مايكل إن المباني الجديدة ستتيح للاتحاد الأفريقي استضافة مؤتمرات دولية وتقديم صورة افضل عن افريقيا وتمتين الصداقة الصينية-الأفريقية. وأضاف «أنها تشهد على أن هذه العلاقة ستستمر فترة طويلة».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.