موقع متخصص بالشؤون الصينية

100 شركة صينية تستعد لغزو أسواق أوروبا انطلاقا من بروكسل

0


صحيفة الشرق الأوسط:
عبد الله مصطفى:
قال نائب رئيس الوزراء البلجيكي، فينسنت كويكنبرغ، إنه أحيط علما بأن هناك 100 شركة من الشركات الصينية الكبرى، أتمت الإجراءات المطلوبة للانتقال إلى بروكسل، كمركز انطلاق في الأسواق الأوروبية، وقالت وسائل الإعلام البلجيكية إن كويكنبرغ التقى على هامش منتدى «دافوس» مع فينج يون ثيو مدير شركة «ايجوا ديجيتال» للإلكترونيات، وتحدث معه في هذا الصدد وأخبره بأن هناك توافقا ومواقف إيجابية بين الشركات الصينية والحكومة الفيدرالية.

وعلق المسؤول البلجيكي بالقول، إن بلاده توجد على رأس قائمة الدول التي تستهدفها الاستثمارات الصينية، نظرا لموقعها الجيد في مركز أوروبا، وحيث المؤسسات الأوروبية الاتحادية، والبنى التحتية، ووجود الخبرات القادرة على تحقيق النجاح للاستثمارات. وكان وفد صيني قد زار عددا من الدول الأوروبية بينها بلجيكا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وفي فبراير (شباط) من العام الماضي وضمن إطار خطة لمواكبة تطور العلاقات التجارية بين الصين وأوروبا، وبهدف تقديم خدمات إلى الشركات الصينية العاملة في أوروبا، والأوروبية التي تستثمر في الصين، إلى جانب تقديم الخدمات المصرفية لرعايا الصين الموجودين في بلجيكا، قرر المصرف الصناعي والتجاري الصيني افتتاح أول فرع له في العاصمة البلجيكية بروكسل، وبدأ العمل رسميا. وهي خطوة اعتبرها العديد من المراقبين في بروكسل تصاعدا في النشاط المصرفي الصيني في أوروبا.

ويأتي ذلك في أعقاب الأنشطة الاقتصادية للصين في أوروبا خلال الأعوام القليلة الماضية، وحسب ما جاء في بيان لإدارة المصرف الصيني ونشرته وسائل الإعلام في بروكسل، يعمل المصرف حاليا على توسيع وجوده في أوروبا، حيث تقول الإدارة: «لدينا فروع في كل من لندن وفرانكفورت وموسكو ولوكسمبورغ، ولكننا قررنا منذ بداية عام 2011 افتتاح فروع في كل من بروكسل، وباريس، وأمستردام، وميلانو، ومدريد»، علما بأن فروع المصرف توجد حاليا بكثافة أكبر في جنوب شرقي آسيا والشرق الأوسط.

ولا تعتزم إدارة المصرف التوجه في المرحلة الأولى إلى الأفراد، بقدر ما تستهدف الشركات، وتؤكد عزمها عدم افتتاح فرع آخر في بلجيكا، حيث سيعمل الفرع الوحيد تحت إدارة الفرع الموجود في لوكسمبورغ. وقالت الإدارة: «أولويتنا حاليا هي التوجه نحو الشركات الصينية الناشطة في أوروبا».

ويعتبر المصرف الصناعي والتجاري الصيني من أهم المصارف، على المستوى العالمي من ناحية رأسماله الذي يبلغ 230 مليار دولار، متفوقا بذلك على الإنجليزي «إتش إس بي سي» 200 مليار دولار، والأميركي «جي بي» 175.6 مليار دولار، والأوروبي «بي إن بي باريبا» 83.7 مليار دولار. أما من ناحية تعداد الزبائن، فيبلغ عدد زبائن المصرف الصناعي والتجاري الصيني 235 مليون زبون في مختلف أنحاء العالم.

ويقدر المراقبون أن المصرف الصناعي والتجاري الصيني يمتلك الوسائل الكافية لتحقيق طموحات. والمصرف الصناعي والتجاري الصيني ليس الأول الذي يفتتح فرعا له في أوروبا، فقد سبقه إلى ذلك مصرف الصين، وله فروع في بلجيكا، ولوكسمبورغ، وسويسرا منذ عدة سنوات. وحسب تقارير إعلامية في بروكسل، «تنظر الأوساط المالية والاقتصادية الأوروبية بعين من الريبة إلى وجود المنافسين الجدد في السوق الأوروبية، وذلك في ظل تصاعد الأنشطة الاقتصادية للصين في أوروبا خلال الأعوام القليلة الماضية».

وقد سبق للمفوض الأوروبي المكلف شؤون الصناعة، أنطونيو تاياني، أن عبر عن هذا الشعور بدعوته إلى إقامة آلية لمراقبة الاستثمارات الأجنبية في أوروبا، بالقول: «يجب علينا التأكد أن وجود استثمارات أجنبية في أوروبا وقيام مستثمرين أجانب بشراء شركات أوروبية عاملة في قطاعات استراتيجية، لا يشكل خطرا علينا». ودعا المسؤول الأوروبي، إلى ضرورة تقنين الاستثمارات الصينية في الاتحاد الأوروبي وإنشاء آلية لمراقبتها؛ وهي تصريحات اعتبر العديد من المراقبين في بروكسل أنها واحدة من المواجهات بين عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد والشريك الصيني، ولكن البعض الآخر وجد في كلام المسؤول الأوروبي محاولة لتفادي المواجهة المباشرة مع بكين، خصوصا أنه بدأ كلامه بالحديث عن تقنين الاستثمارات الأجنبية بشكل عام في الاتحاد الأوروبي.

وحسب ما جاء في تصريحاته، دعا المفوض الأوروبي إلى مراقبة الاستثمارات الأجنبية الاستراتيجية، لا سيما الصينية منها، واقترح تاياني: «استحداث سلطة محددة تكلف التحقق من الاستثمارات الأجنبية في أوروبا»، مستوحاة من لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة الأميركية، وتابع: «إن الشركات الصينية حينما تستطيع ذلك، تقوم بشراء المزيد من الشركات الأوروبية التي تحتكم للتكنولوجيات الرئيسية في المجالات الهامة. وهذه الاستثمارات تنطوي أيضا على استراتيجية سياسية يجب على أوروبا أن ترد عليها بصورة سياسية»، حسب تعبيره.

ورأى تاياني أن «السلطة المختصة (المقترحة) ستمكننا من معرفة ما إذا كان اكتساب المعرفة الأوروبية من جانب شركات أجنبية خاصة أو عامة يشكل خطرا أم لا»، وقال أنطونيو تاياني: «إن على الاتحاد الأوروبي العمل على حماية قطاعاته الاستراتيجية عبر التحكم في عمليات السيطرة الأجنبية، وبخاصة الصينية».

واقترح المفوض الأوروبي إرساء سلطة على المستوى الأوروبي لمعاينة الاستثمارات الأجنبية أسوة بما هو متعامل به في الولايات المتحدة. وقال: «إن المؤسسات الصينية تتحرك من خلال استثماراتها الضخمة في الدول الأوروبية لدوافع سياسية تستوجب ردا سياسيا». وهذه هي المرة الأولى التي يلوح فيها الاتحاد الأوروبي منذ اندلاع أزمة الديون السيادية بالركون إلى أدوات سياسية محددة لوقف الهجمة الصينية على عدد من المقومات الأساسية للاقتصاد الأوروبي؛ وأهمها على الإطلاق قطاع النقل وتصنيع السيارات والحصول على التقنية الأوروبية المتقدمة.

وقال مراقبون إن تلك التصريحات كانت بمثابة رسالة إلى بكين وجاءت في أعقاب رسالة تلقاها الاتحاد الأوروبي، وجاء فيها: «نريد أن نرى ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قادرا على التحكم في المخاطر التي تخص الديون السيادية، وإذا كان ذلك سيتحول إلى عملية تمكن أوروبا من الخروج سريعا وبشكل جيد من الأزمة». وهذه كانت الرسالة الواضحة التي وجهتها بكين على هامش حوار اقتصادي رفيع المستوى مع الاتحاد الأوروبي، واستبقته بتصريح من جانب نائب رئيس الوزراء، وانغ كيشان، قال فيه: «إن الصين مستعدة لدعم إجراءات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لضمان الاستقرار المالي في أوروبا».

وكانت الصين قد عرضت اتخاذ مزيد من الجهود لدعم الاستقرار المالي الأوروبي. وتملك الصين أكبر احتياطي من الصرف الأجنبي في العالم، وتستوعب دول الاتحاد الأوروبي أكبر قدر من الصادرات الصينية في العالم، في حين تشكل الصين ثاني شريك تجاري للاتحاد وراء الولايات المتحدة. ويشكو الأوروبيون على غرار الأميركيين من تدني سعر اليوان، مما يعطي ميزة للصادرات الصينية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.