موقع متخصص بالشؤون الصينية

لماذا المتشائمون مخطئون بشأن الإقتصاد الصيني

0

وكالة أنباء شينخوا-

مقالة خاصة:

وسط أحدث نوبات تفشي كوفيد-19 في الصين، ظهرت مغالطات في وسائل الإعلام الغربية، من تضخيم معاناة الصين من خسارة الاستثمار الأجنبي والركود الاقتصادي المفترض إلى اتهام الصين بزيادة حدة أزمة سلسلة الإمداد العالمية وجر الاقتصادات الأصغر إلى “فخاخ الديون”.

وتتمثل الغاية النهائية المتوخاة من هذه الادعاءات الغريبة في تشويه سمعة اقتصاد الصين وسياسة “صفر كوفيد” الديناميكية الخاصة بها.

ويحضرنا هنا قول مفاده “لا أحد لديه أساس وجيه للاستناد عليه”.

— الاستمرار كوجهة استثمارية مثالية

أولا، كل ما هو مطلوب هو إجراء مراجعة بسيطة للبيانات الثابتة والمقابلات مع المطلعين على الأعمال التجارية لتجنب الاعتقاد السخيف بأن رأس المال الأجنبي يغادر الصين.

في الأشهر الأربعة الأولى، توسع الاستثمار الأجنبي المباشر في البر الرئيسي للصين، في الاستخدام الفعلي، بنسبة 26.1 في المائة على أساس سنوي ليصل إلى 74.47 مليار دولار أمريكي. وشهدت البلاد 185 مشروعا رئيسيا تمت إضافتها حديثا خلال هذه الفترة، باستثمار أجنبي يزيد عن 100 مليون دولار لكل مشروع.

وتظهر هذه الأرقام مرة أخرى أن الصين لا تزال واحدة من الوجهات المفضلة للمستثمرين العالميين.

وفند جون روس، المدير السابق للسياسة الاقتصادية والتجارية في لندن، وجهة النظر التي تدعو الشركات الأجنبية لمغادرة الصين أو تقليل الاستثمار فيها ، مؤكدا أن أهم شيء هو تبين الحقائق.

وفيما يتعلق بالتوازن بين ضوابط كوفيد-19 والتنمية الاقتصادية، قال روس إن “الصين تعاملت مع ذلك بنجاح كبير، وهذا بالتالي يساعد اقتصادها على الانتعاش بسرعة”، مسلطا الضوء على أن “النتائج تثبت أنه نظرا لأن الاقتصاد نما بسرعة كبيرة، فإن هذا يجعله أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر”.

وأشار تقرير حديث صادر عن غرفة التجارة الأمريكية في جنوب الصين إلى أن أكثر من 70 في المائة من الشركات التي تم تقييمها لديها خطط لإعادة الاستثمار في الصين لعام 2022، و58 في المائة تعتبر أن العائد الإجمالي على الاستثمار في الصين أعلى من الأماكن الأخرى.

في الواقع، على الرغم من التقلبات المؤقتة التي تواجه الاقتصاد الصيني، فإن العديد من البنوك الاستثمارية العالمية، مثل مجموعة غولدمان ساكس وجيه بي مورغان تشيس، لا تزال تحدد شانغهاي كهدف للاستثمارات الكبيرة في السنوات المقبلة، حسبما ذكرت صحيفة ((فاينانشال تايمز)).

من الواضح أن المستثمرين بعيدي النظر يعتقدون أن الانتكاسات قصيرة الأجل في الاقتصاد الصيني لن تعرقل نمو الأعمال على المدى الطويل.

— الزخم الاقتصادي يظل قويا

بالرغم من أن الاقتصاد الصيني واجه العديد من الصعوبات والتحديات حتى الآن هذا العام، فأنه ما يزال من السابق لأوانه الاعتقاد بأن النمو الاقتصادي للبلاد يتباطأ.

وباعتبارها واحدة من أوائل الدول التي استأنفت العمل والإنتاج، أصبحت الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي سجل نموا إيجابيا في عام 2020، مع تجاوز ناتجها المحلي الإجمالي 114.4 تريليون يوان (حوالي 18 تريليون دولار) في عام 2021. وتشير هذه الإنجازات إلى أن الأساسيات الاقتصادية للصين قوية بما يكفي للحفاظ على زخم نموها.

وبالرغم من الضغوط الحالية، لا تزال الأساسيات دون تغيير، ولا يزال الاقتصاد يتمتع بمرونة قوية وإمكانات هائلة ومساحة واسعة للمناورة والاستدامة على المدى الطويل.

وقالت كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، في أبريل، إن الصين قادرة على تعزيز اقتصادها وسط رياح معاكسة لأن لديها مساحة سياساتية “واسعة”، سواء من حيث السياسة النقدية أو السياسة المالية، مضيفة أن نمو الصين “لا يزال في منطقة إيجابية”.

وبالمثل، في مقابلة حديثة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، أشار خيري تورك، أستاذ الاقتصاد في كلية ستيوارت لإدارة الأعمال في معهد إلينوي للتكنولوجيا في شيكاغو، إلى أن الاقتصاد الصيني يعطي الأولوية للنمو الهيكلي على المدى الطويل بدلا من المدى القصير، مبينا أن لديه ثقة كاملة في قطاعات التجارة الخارجية الصينية القوية. وقال: “أشعر بالتفاؤل الشديد بشأن تحقيق البلاد لإمكاناتها”.

في مواجهة التحديات، وبفضل عدد كبير من التدابير الداعمة للنمو، بدأ الاقتصاد الصيني بداية ثابتة هذا العام، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.8 بالمائة على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة الأولى.

وقالت جيري تشانغ، الرئيسة التنفيذية لبنك ستاندرد تشارترد (الصين)، لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مقابلة مكتوبة مؤخرا، إن “هذا إنجاز جيد، مستفيدا من الأداء الاقتصادي ودعم قوي المنطلق للسياسات الكلية في الشهرين الأولين”.

وأضافت تشانغ أن “تأثير الوباء والمخاطر الجيوسياسية العالمية قد يستمر على المدى القصير، بيد أننا نعتقد أن أساسيات اقتصاد مرن وذي إمكانات عالية ومزدهر في الصين لا تزال سليمة”.

— عامل استقرار لسلسلة الإمداد العالمية

زعمت وسائل الإعلام الغربية أن معركة الصين ضد كوفيد-19 قد تؤدي إلى أزمة في سلسلة الإمداد. وبدلا من إلقاء اللوم على الصين، ينبغي لهم أولا التفكير في عوامل “إلغاء العولمة” والحمائية التي تدعو إليها بلدانهم.

في حين أن الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى تمر باضطرابات في سلسلة الإمداد بسبب أزمة نقص العمالة وتراكم هائل للبضائع في العديد من الموانئ، لعبت الصين دورا حيويا في الحفاظ على استقرار سلاسل الإمداد العالمية عبر قاعدتها الصناعية الصلبة وسلسلة الإمداد المرنة والسياسات القائمة على العلم.

وفي الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى أبريل/ نيسان، زاد إجمالي واردات الصين وصادراتها بنسبة 7.9 في المائة على أساس سنوي ليصل إلى 12.58 تريليون يوان (حوالي 1.9 تريليون دولار)، مما يثبت أن الصين نجحت في تقليل تأثير الوباء السلبي على التجارة.

وبالرغم من أن نقل البضائع عبر المنطقة في بعض أجزاء الصين قد عطلته مؤقتا الموجة الجديدة من أوميكرون، فإن معظم سلاسل الإمداد داخل البلاد تعمل بسلاسة. وتستأنف المصانع المتأثرة الإنتاج تدريجيا، ما يسمح للصين بمواصلة المساهمة في استقرار سلسلة الإمداد العالمية.

وذكرت شبكة ((سي إن بي سي)) في 16 مايو/ أيار أن “الصين ما تزال ممسكة بمقاليد الأمور فيما يتعلق بسلاسل الإمداد العالمية”. وفي نفس المقال، نقلت عن فيشروت رانا، وهو خبير اقتصادي مقيم في سنغافورة يعمل في وكالة “ستاندرد آند بورز غلوبال” للتصنيفات الائتمانية، قوله إن “الصين ما تزال في وسط مركز شبكة الإلكترونيات” في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وأضاف رانا أن “الانتقال بعيدا عن التصنيع المحلي لن يكون كبيرا بما يكفي لتغيير طبيعة دور الصين في سلسلة الإمداد الشاملة”.

— شريك بلا قيود سياسية

تستمر وسائل الإعلام الغربية في اتهام الصين بوضع “فخاخ الديون” على الصعيد العالمي، وخاصة في البلدان النامية.

الإقراض هو ببساطة اتفاق اقتصادي للحصول على تمويل خارجي بغرض التنمية الاقتصادية، في حين أن الديون ذات الظروف السياسية القاسية أو الأغراض الخبيثة هي “فخاخ”. ويهدف الصخب الإعلامي الغربي إلى تسييس القضايا الاقتصادية وتشويه تعاون الصين مع الدول الأخرى.

والواقع أن حصة الصين من الديون الخارجية للعديد من البلدان النامية أصغر مما يعيه البعض.

وقال تشو يويوان، وهو زميل باحث كبير في معاهد شانغهاي للدراسات الدولية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه حتى عام 2020، كانت أمريكا اللاتينية هي المنطقة ذات أعلى نسبة ديون في العالم. وتأتي معظم هذه الديون الخارجية للمنطقة من الأسواق المالية الدولية، حيث “وول ستريت” وبعض البنوك التجارية الغربية كجهات لاعبة رئيسية، وليست الصين.

وأفاد تشو أنه يمكن رؤية حالات مماثلة في أفريقيا، مشيرا إلى أن حجم الأموال المقترضة من القطاع المالي الخاص قد ارتفع بسرعة، ليصبح أكبر مصدر للديون الخارجية.

وعلاوة على ذلك، ورغم أن الصين لم تقدم العديد من القروض مثل البنوك الغربية، فإن استثماراتها وقروضها محل ترحيب أكبر.

وبحسب مقال نشر في مجلة ((ذا ديبلومات))، فإن العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تفضل الاستثمار الصيني على البدائل الأمريكية والأوروبية، لأن الدول الغنية تعتبر البلدان النامية عالية المخاطر ومنخفضة العوائد وغالبا ما تفرض شروطا مرهقة.

وباعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، توفر الصين فرصا سوقية مثيرة لجميع البلدان، مما يضخ زخما في النمو الاقتصادي العالمي.

وقال مقال رأي في صحيفة ((التلغراف)) أن “صعود الصين، واقتصادها القوي، ما يزال بفارق كبير أهم قصة في القرن الـ21”.

ورغم أنه قد تكون هناك بعض المطبات على المدى القصير، فإن التنمية الاقتصادية الطويلة الأجل في الصين تظل رهانا مؤكدا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.