موقع متخصص بالشؤون الصينية

تركيب جهاز حاسوب كمي في مختبر بشرقي الصين

0

وكالة أنباء شينخوا-

مقالة خاصة: 

حول مجمد يشبه المظلة معلق من السقف في مختبر في مدينة خفي بشرقي الصين، كانت مجموعة من العلماء منشغلين بتركيب واحدة من أكثر الآلات المخترعة تعقيدا على الإطلاق – حاسوب كمي.

لعب الباحث والمهندس لي شاو وي دورا رئيسيا في هذه المهمة، وهو يأخذ بحذر شديد مكعبا بحجم راحة اليد من صندوق. وتم إعداد هذا الجهاز المعبأ الثلاثي الأبعاد، وهو معالج كمي بسعة 176 كيوبتا، لتحقيق تسارع حسابي ساحق لا يمكن لأجهزة الحاسوب التقليدية حاليا أن تحققه، وهي قدرة تُعرف باسم “التفوق الكمي”.

يحتوي هذا المعالج على تقاطعات جوزيفسون مطبوعة بدقة بدلا من الترانزستور المعقد. ويتميز تقاطع جوزيفسون، وهو هيكل يقل حجمه عن ميكرون، بطبقة رقيقة من أكسيد الألومنيوم محصورة بين طبقتين من الألومنيوم.

عندما تقترب درجة الحرارة من الصفر المطلق، ستظهر طبقتان من الألومنيوم مقاومة صفرية أو كهربائية فائقة التوصيل لتشكيل حالات كمومية تعزز القدرة الحسابية المتنامية بشكل كبير.

ولكن الآن، تم إغلاق رقاقة الدائرة الكمومية داخل علبة معدنية بها ما يقرب من 200 ثقب يمكن توصيلها بالأسلاك المتدلية من المجمد أعلاه.

وقف لي على طاولة، واستغرق حوالي ساعتين لإكمال أعمال التوصيل. وقد تم إنشاء أكثر من عشرة نماذج أولية مدفوعة بالموصلية الفائقة خلال السنوات الست الماضية، ومن بينها نموذج تسو تشونغ تشي 2.1 المرموق، والذي يصدر صوتا متكررا في مختبر آخر في المبنى.

الجدير بالذكر أن تسو تشونغ تشي 2.1، الذي سُمي على اسم عالم صيني قديم، هو نظام حوسبة كمومية قابل للبرمجة بسعة 66 كيوبتا تم إنشاؤه في عام 2021، ويمكنه أداء دوائر كمومية عشوائية واسعة النطاق وأخذ عينات أسرع بنحو 10 ملايين مرة من أسرع حاسوب عملاق في ذلك الوقت.

بدوره؛ قال لي، الذي يعمل في جامعة الصين للعلوم والتكنولوجيا:” مثل تسو تشونغ تشي 2.1، يحتوي النظام الجديد أيضا على 66 كيوبتا رقميا بالإضافة إلى 110 كيوبتات إقتران”، مضيفا: “يجب أن أوصل كل كيوبت بالسلك المقابل، وإلا فقد يفقدون السيطرة”.

وتمكن الفريق بعد ذلك من تعبئة النظام الكمي في عبوات مفرغة متغيرة الحجم تشبه دمية ماتريوشكا الروسية، واستخدام الهيليوم السائل للمساعدة في تحقيق بيئة عمل صفرية مطلقة.

يُذكّر نموذج الحاسوب الأولي الأسطواني الشكل شيوي يوي، باحث ما بعد الدكتوراه، بـ”زوردون” من كوكب “إلتار”، بطل المسلسل التلفزيوني الأمريكي الخارق “باور رينجرز”، الذي لم يكن لديه سوى دماغ غارق في جرة.

من جانبه؛ قال شيوي إن النظام قيد التجميع، وهو نسخة طبق الأصل من تسو تشونغ تشي 2.1، ومن المتوقع أن يتم ربطه بمنصة سحابية للحوسبة الكمومية، مما يجعله متاحا للمؤسسات البحثية الأخرى وحتى الجمهور.

في عام 2019، أعلنت “غوغل” عن وجود معالج فائق التوصيل بسعة 53 كيوبتا يسمى “سيكامور”، والذي أدى مهمة أخذ العينات العشوائية الكمومية في 200 ثانية، وقال المصممون آنذاك إن أسرع حاسوب فائق في العالم سيستغرق 10 ألف عام لإنتاج مخرجات مماثلة.

يعتبر تسو تشونغ تشي 2.1 ذو سعة 66 كيوبتا أسرع بمليون مرة من السرعة التي يمكن أن ينتجها سيكامور في عام 2019. وأضاف شيوي:” الحوسبة فائقة التوصيل هي طريق تقني يُعتقد أنه أفضل إستراتيجية لتطوير الحوسبة الكمومية إلى مرحلة يمكن فيها استخدام مهام مماثلة للمهمات التي تؤديها أجهزة الحاسوب للأغراض العامة”.

كما ابتكرت مجموعة أخرى من العلماء من جامعة الصين للعلوم والتكنولوجيا نموذجا أوليا للحاسوب الكمومي، يسمى جيوتشانغ (اسم كتاب رياضية قديم في الصين)، بإستراتيجية تعتمد على الفوتون. وقد تم عرض جيوتشانغ 2.0 في عام 2021 على أنه نفذ مهمة أخذ عينات البوزون الغاوسي، وهي خوارزمية محاكاة كلاسيكية، حيث تم اكتشاف 113 فوتونا، وهو أسرع بسبتيليون مرة من أسرع حاسوب عملاق موجود في العالم.

وضع هذان الطريقان التقنيان الصين في طليعة تطوير وتسويق الحوسبة الكمومية، مما دفع البلاد لتصبح واحدة من القادة العالميين في هذا المجال.

تعد الصين أيضا موطنا لعدد من الشركات الناشئة التي تعمل على التكنولوجيا الكمومية مثل شركة أوريجين كوانتوم، وهي شركة يونيكورن التي يقع مقرها في مدينة خفي والتي أطلقت “أوريجين كيو كلاود”، وهي منصة للخدمات السحابية للحوسبة الكمومية مكدسة بالكامل.

حاليا، تتفوق أجهزة الحاسوب الكمومية في بعض المهام الأقل عملية مثل أخذ العينات العشوائية الكمومية وأخذ عينات البوزون الغاوسي. وفي المستقبل القريب، من المتوقع أن تدفع أجهزة الحاسوب الكمومية الأكثر عملية الذكاء الاصطناعي إلى آفاق جديدة، وأن تصمم أدوات ومواد كيميائية وأدوية جديدة تماما.

بعد أن حققوا التفوق الكمي، يركز العلماء في سباق الحوسبة الكمومية العالمي الآن بشكل أكبر على تحسين أداء الجهاز من خلال التركيز على تصحيح الأخطاء وعمر تشغيل الكيوبت.

وفي هذا السياق؛ قال شيوي: “باستخدام الخوارزميات المعروفة، قد يتطلب تصحيح الخطأ التلقائي العالي الجودة لنموذج الحوسبة الكمومية آلاف الكيوبتات. وأيضا، لا تزال هناك حاجة إلى بذل جهود لإطالة مدة الحالات الكمومية حتى يمكن استخدام الكيوبتات للقيام بالحساب لأطول فترة ممكنة”.

واستطرد شيوي أن هناك حاجة إلى المزيد من القوى العاملة للمشاركة في الأبحاث الكمومية لتحقيق مثل هذه الأهداف. وهذا هو سبب عملهم الجاد لربط أنظمة جديدة بمنصة سحابية.

وأردف شيوي بقوله إنه يمكن للجمهور تسجيل الدخول إلى المنصة مجانا ومحاولة إنشاء برامج حوسبة كمومية للمساعدة في تحديد المزيد من الخوارزميات.

وأضاف شيوي:” فقط العب كما شئت.. من يدري متى يمكن لعبقري أن يخترع خوارزمية ممتازة تدفع التكنولوجيا الكمومية إلى الأمام، وتبشر بثورة معلوماتية ثانية”.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.