موقع متخصص بالشؤون الصينية

من خلال قرية قديمة.. رصد جهود الصين في حماية بحيرة أرهاي الشهيرة

0

بالدخول إلى قرية قوشنغ المطلة على ضفاف بحيرة أرهاي في مدينة دالي بمقاطعة يوننان جنوب غربي الصين، يمكن الزوار رؤية منازل أبناء قومية باي التقليدية ذات الجدران البيضاء والقرميد الرمادي والطرق الصخرية الرمادية النظيفة، ويرجع تاريخ القرية التقليدية الجميلة هذه إلى أكثر من ألف عام.

ولكن لم تكن المناظر الجميلة دائما كما هي عليه الآن. انخفضت جودة المياه في بحيرة أرهاي بسرعة منذ ثمانينيات القرن الماضي تزامنا مع التطور الاقتصادي والنمو السكاني في حوض البحيرة.

وفي الماضي، كان هناك العديد من الأنزال الريفية ومنازل السكان المحليين في قرية قوشنغ مبنية على حافة البحيرة، وتم تدمير الخط الساحلي الطبيعي لها. فلم يتضرر المنظر الطبيعي الجميل للبحيرة فحسب، بل كانت مياه الصرف الصحي تُصرّف مباشرة في بحيرة أرهاي، مما تسبب في تعرضها للتلوث الشديد.

وانتشرت الطحالب الزرقاء والخضراء بشكل مبالغ في بحيرة أرهاي في عامي 1996 و2003. وبدأت مقاطعة يوننان أعمالا طارئة لحماية بحيرة أرهاي من خلال طرق وسبل مختلفة منذ عام 2006.

 

 

أما في الوقت الراهن، فتم بناء خزان لتجميع مياه الصرف الصحي لكل أسرة في قرية قوشنغ، ويتم تصريف مياه الصرف الصحي المنزلية في شبكة أنابيب تجميع المياه بعد ترسيبها.

وعند مدخل قرية قوشنغ، تتصل 8 أحواض ببعضها البعض مشكلة نظام أحواض يزيد حجمه عن 20 مو (حوالي 1.33 هكتار)، وتتدفق مياه الصرف الصحي الناتجة عن الري والتسميد إلى الأراضي الرطبة وتمتصها النباتات المائية قبل أن تدخل المياه الصافية إلى بحيرة أرهاي في النهاية.

هذا وتم بناء ما إجماليه 19 مصنع معالجة لمياه الصرف الصحي، وشبكة أنابيب لتجميع مياه الصرف الصحي يبلغ طولها الإجمالي 4660 كيلومترا، و135 محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي بالقرية، وبذلك تم بناء نظام كامل لجمع ومعالجة مياه الصرف الصحي في حوض بحيرة أرهاي. ومن بينها، هناك ستة مصانع حديثة للمياه المستصلحة تحت الأرض تقوم بمعالجة مياه الصرف الصحي التي تجمعها شبكة الأنابيب، وتدفقها إلى أحواض المياه والأراضي الرطبة لاستخدامها في الري الزراعي وري الغابات، مما يضمن عدم دخول قطرة واحدة من المياه الملوثة إلى بحيرة أرهاي، وفي نفس الوقت يحسن من كفاءة استخدام موارد المياه أيضا.

 

 

كما بُنيت في قرية قوشنغ عدة منظمات أكاديمية يطلق عليها اسم “فناء العلوم والتكنولوجيا في أرهاي”، والتي تحصل على الدعم العلمي من قبل الأكاديمية الصينية للهندسة، كما تضم فيها عدد من المعلمين والطلاب من جامعة الصين للزراعة وغيرها من الجامعات المعنية بمجال الزراعة، حيث يعملون جاهدين على المساهمة في حماية بحيرة أرهاي وإنعاش القرى في آن واحد باستخدام قوة العلوم والتكنولوجيا، ولإيجاد سبل تحقيق التوازن المربح بين الحماية الإيكولوجية والتنمية الزراعية في منطقة حوض بحيرة أرهاي.

وقال تانغ بوه ون، وهو طالب دراسات عليا في جامعة الصين للزراعة: “إنه أمر ذو قيمة كبيرة ويستحق العناء أن أساعد في تقليل انبعاثات الأراضي الزراعية وتخفيف العبء على منطقة بحيرة أرهاي، إلى جانب مساعدة المزارعين على زيادة الإنتاج والدخل من خلال المعارف المهنية المتخصصة التي تعلمتها”.

وبالإضافة إلى ذلك، تم تحويل المستنقعات الأصلية إلى حدائق للأراضي الرطبة، وتمت استعادة الخط الساحلي على ضفاف البحيرة الذي كانت تشغله الأراضي الزراعية والأنزال الريفية إلى خط ساحلي طبيعي ذي مياه نقية وتمت استعادته إيكولوجيا. هذا وتتحول حماية بحيرة أرهاي باستمرار من “حوكمة بحيرة واحدة” إلى “حوكمة أحواض الأنهار” و”حوكمة النظام الإيكولوجي”. وبعد أعمال الحماية المستمرة، ووصل معدل جودة مياه الأنهار الـ27 التي تتدفق مياهها في بحيرة أرهاي إلى درجة عالية وممتازة، وتم تقييم جودة مياه البحيرة على أنها مياه ذات جودة ممتازة لمدة ثلاث سنوات متتالية.

 

وأما الآن، فينمو نبات الأوتليا المستدقة، المعروف بأنه “مقياس لجودة المياه”، بشكل طبيعي وغزير في بحيرة أرهاي، ويمكن رؤيته في كل مكان تقريبا في البحيرة. كما قامت مدينة دالي بدعم وتعزيز زراعة نبات الأوتليا المستدقة باعتبارها قطاع أخضر صديق للبيئة، حيث تم زراعة أكثر من 100 هكتار منها في قرية سونغتشيوي الواقعة على روافد بحيرة أرهاي، وتجاوزت قيمة إنتاجها السنوي 18 مليون يوان (حوالي 2.53 مليون دولار أمريكي)، الأمر الذي يساهم في زيادة دخل القرويين بطريقة صديقة للبيئة.

فعلاوة على ذلك، منذ عام 2018، لقد تم نقل 7270 شخصا من 1806 أسر على بعد 15 مترا من بحيرة أرهاي للاستعادة الإيكولوجية بعدما كانت منازلهم على حافة البحيرة، وتم إخلاء الأرض لبناء ممر بيئي حول البحيرة ومنطقة عازلة على ضفافها واستعادة مناظرها الطبيعية.

إن التغييرات التي حدثت في قرية قوشنغ هي مجرد مثال مصغر لعملية حماية بحيرة أرهاي المستمرة لسنوات عديدة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.