موقع متخصص بالشؤون الصينية

معلمة شابة تضيء الطريق نحو تعليم أفضل لصالح الأطفال في الريف

0

من نافذة فصلها الدراسي، ألقت أيناقول باقولي نظرة على الزهور المتفتحة تحت السماء الزرقاء الصافية، وعندئذ خطرت لها فكرة رائعة، فقالت: “أيها الأولاد و البنات، دعونا نذهب إلى الطابق الأرضي ونأخذ دروسنا في الحديقة!”

في نسيم الربيع على هضبة بامير، علَّمت أيناقول باقولي طلابها قصيدة “أواخر الربيع”، وهي قصيدة كلاسيكية كتبها شاعر مشهور في عهد أسرة تانغ (618-907). وقالت “عندما رأيت المناظر الخلابة في الحديقة، طرأت الفكرة فجأة. كنت حريصة على غمر الطلاب في أجواء الربيع الساحرة”.

تقوم الشابة البالغة من العمر 27 عاما والمنحدرة من العرق القرغيزي، بتدريس الأدب في مدرسة جاماتيركي المتوسطة في محافظة أكتو، في أقصى غربي الصين في ولاية كيزيلسو القرغيزية ذاتية الحكم في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم.

وبعد أقل من ثلاث سنوات من عملها كمعلمة، حصلت أيناقول باقولي على تقدير واسع النطاق من زملائها وطلابها بفضل شغفها ومهاراتها التعليمية غير العادية.

أيناقول باقولي هي من سكان أكتو الأصليين، وهي محافظة صغيرة أكثر من 90 في المائة من أراضيها جبلية وتقع على ارتفاع يزيد على 4000 متر فوق مستوى سطح البحر. والحياة هناك صعبة بسبب البيئة الطبيعية القاسية التي تعيق التنمية الاقتصادية.

أمضت أيناقول باقولي سنوات دراستها الثانوية في ونتشو، وهي مدينة مزدهرة في مقاطعة تشجيانغ بشرقي البلاد، والتي تبعد أكثر من 5000 كيلومتر عن مسقط رأسها. وفي وقت لاحق، درست في جامعة بكين للمعلمين.

كانت أيناقول باقولي واحدة من أكثر من 100 ألف طالب من المناطق النائية والفقيرة في شينجيانغ تلقوا تعليما أفضل في المناطق الوسطى والشرقية من الصين، في إطار برنامج تموله الحكومة المركزية منذ عام 2000.

ويغطي البرنامج، الذي يهدف إلى إعداد مهنيين بين جميع المجموعات العرقية في شينجيانغ، جزءا من رسومهم الدراسية ونفقات معيشتهم، بما في ذلك الإقامة والنقل.

وتوفي والد أيناقول باقولي عندما كانت في الثالثة من عمرها، تاركا والدتها تكسب لقمة العيش بمفردها لتربي ثلاثة أطفال لهما. وقالت: “بدون البرنامج الذي ترعاه الحكومة، لم أكن لأحلم حتى بالذهاب إلى أي مكان خارج شينجيانغ، ناهيك عن الالتحاق بالجامعة في العاصمة”.

وقبل الحصول على وظيفة معلمة في مسقط رأسها، سافرت أيناقول باقولي إلى عدة مدن وقرى في مقاطعات مختلفة، لتتعلم عن الثقافات والتاريخ المتنوع. كما أنها تحب مشاركة تجربتها الخاصة مع طلابها وتعتقد أن هذه طريقة فعالة لإثارة اهتمامهم.

عندما تشرح قصيدة عن مكان زارته، تشارك الصور أو مقاطع الفيديو التي تحتوي على الطعام المحلي والمناظر الطبيعية، مما يوفر لطلابها فهما أفضل للمكان.

وفي هذا السياق؛ قالت توهانيم ياسين، 15 عاما، طالبة في فصل أيناقول باقولي، إنها معجبة بمعلمتها. “كلنا نعشقها. لقد فتحت لي نافذة جديدة وأقنعتنا أنه يمكن لكل فرد أن تكون له قصته الرائعة”.

ومن جانبه؛ قال آني قادر، مدير المدرسة المتوسطة، إن أكثر من 80 في المائة من الموظفين هم مدرسون شباب نشيطون أعمارهم دون 35 عاما، مضيفا أنه إلى جانب نهجهم الاستباقي وطرقهم الحماسية والإبداعية في التدريس، يتمتع هؤلاء المعلمون الشباب بحس عال بالمسؤولية.

ورفضت أيناقول باقولي عدة فرص للعمل في المدن من أجل العودة إلى مسقط رأسها في شينجيانغ. وقالت: “هؤلاء الأطفال بحاجة إلي أكثر”، مضيفة أنها ترغب في رد الجميل للمجتمع من خلال إضاءة الطريق نحو تعليم أفضل للجيل الجديد.

وتابعت قائلة: “ما أفعله له مغزى كبير. وآمل أن يتمكن طلابي أيضا من استكشاف العالم الرائع ومطاردة أحلامهم باهتمام وشغف”.

ويسعى عدد متزايد من المهنيين الشباب مثل أيناقول باقولي إلى تحقيق أحلامهم وكتابة قصصهم الخاصة في شينجيانغ، مع التطور الاقتصادي والاجتماعي السريع فيها، وبفضل السياسات التفضيلية للحكومة المركزية لتعزيز التنمية بالمنطقة.

في الوقت نفسه، تقوم الحكومة الصينية باستمرار بتحسين سياستها التعليمية وتكثيف الدعم المالي للمناطق النائية والفقيرة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.