موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين بذلت جهودا متضافرة لمساعدة العالم على مواجهة الجائحة

0

اختتمت الدورة الـ76 لجمعية الصحة العالمية، التي ركزت على “إنقاذ الأرواح، وتعزيز الصحة للجميع”، أعمالها في جنيف بسويسرا.

انعقدت جمعية الصحة العالمية هذا العام في وقت لم تعد فيه جائحة كوفيد-19 تشكل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا، ويتقدم العالم نحو العودة إلى الحياة الطبيعية. وفي هذه اللحظة الحاسمة، أكدت الجمعية على ضرورة التأمل في الماضي، وتعزيز الاستجابة للأمراض، والاستعداد للجوائح وغيرها من التهديدات التي قد تحدث في المستقبل.

خلال السنوات الثلاث الماضية، واجهت البشرية تفشيا مفاجئا لجائحة مع عدم كفاية الاستعداد. وطوال هذه الفترة العصيبة، بذلت البلدان، بما فيها الصين، جهودا متضافرة لمعالجة هذه الأزمة الصحية العالمية غير المسبوقة. وعلى الرغم من مواجهة العالم لتحديات أولية ولحظات من عدم اليقين، إلا أنه اكتسب دروسا قيمة ورؤى ثاقبة للمستقبل.

 

 

— الحياة مهمة

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في تقريره الذي قدمه إلى الدول الأعضاء في الدورة الـ76 للجمعية، “لقد كانت لحظة ارتياح وتأمل”، مشيرا إلى أنه على الرغم من أنه من المشجع رؤية الحياة تعود إلى طبيعتها، إلا أن الكثير منا ما زالوا يحملون بداخلهم حزنا على من فقدناهم وشعورا بأنه لم يكن هناك داع لأن يكون الأمر على هذا النحو.

لم يؤد إعلان حالة طوارئ صحية عامة في 30 يناير 2020، وهو أعلى مستوى من التنبيه العالمي المنصوص عليه في اللوائح الصحية الدولية الملزمة قانونا، إلى استجابة عاجلة ومنسقة وعالمية. وفي مواجهة الأزمة الصحية المفاجئة، اتخذت مختلف البلدان خيارات مختلفة فيما يتعلق بإستراتيجيات الاستجابة الخاصة بها.

ومن جانبها اختارت الصين، التي يصل عدد سكانها إلى 1.4 مليار نسمة، حماية سلامة وصحة شعبها.

إن الإجراءات الحاسمة التي اتخذتها الصين في الوقت المناسب، ومنها عزل المدن الكبيرة وبناء مستشفى تضم ألف سرير في غضون 10 أيام فقط وتقاسم المعلومات المهمة مع العالم دون تأخير، لم تقم بحماية صحة وحياة مواطنيها فحسب، بل وفرت للدول الأخرى وقتا ثمينا للاستعداد، وبذلك اضطلعت بدور هام في الجهد العالمي لمكافحة المرض.

وبدوره ذكر مايكل شومان، رئيس الرابطة الاتحادية الألمانية للتنمية الاقتصادية والتجارة الخارجية، أن الشعب الصيني “يحمي العالم من انتشار أسرع من خلال استعداده لتقديم تضحيات وأيضا التزامه”، مضيفا “إنه يستحق احترامنا ودعمنا النشط والقوي”.

وفي نفس السياق، قال تيدروس “لولا جهود الصين، لكان عدد الحالات خارج الصين أعلى بكثير”.

 

— تقاسم المعلومات دون تحفظ

إن مساهمة الصين في المكافحة العالمية للجائحة تتجاوز النجاح في السيطرة على معدلات الإصابة داخل حدودها. فقد قدمت بسخاء مساعدات إلى دول أخرى وتقاسمت بتفانٍ خبرتها القيمة، وأنقذت في نهاية المطاف أرواحا لا حصر لها في جميع أنحاء العالم.

وقد قال تساو شيويه تاو، نائب رئيس اللجنة الوطنية للصحة في الصين، أمام الدورة الـ76 لجمعية الصحة العالمية إنه بالإضافة إلى الإمدادات، أرسلت الحكومة الصينية أيضا 38 فريقا طبيا من ذوي الخبرة إلى 34 دولة للمساعدة في مكافحة كوفيد-19.

وذكر الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش “إننا نعرب لهم عن خالص امتناننا، وخاصة لإرسالهم خبراء في المجال. لقد أثبتوا أنهم نعم الأصدقاء في أصعب الأوقات، إذ كان وقتا نكافح فيه من أجل حياة الشعب الصربي”.

وخلال الجائحة، عرّض عدم المساواة في الحصول على اللقاحات الجهود العالمية لمكافحة الفيروس للخطر. وفي مواجهة ذلك، كانت الصين أول بلد يقترح جعل لقاحات كوفيد-19 منفعة عامة عالمية والتنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات كوفيد-19. وقد أعطت هذه التحركات دفعة كبيرة نحو سد فجوة التحصين العالمية.

على مدى السنوات الثلاث الماضية، قدمت الصين أكثر من 2.2 مليار جرعة من لقاحات كوفيد-19 إلى أكثر من 120 دولة ومنظمة دولية، ومثل هذه المساهمة الكبيرة قدمت دعما حيويا للبلدان النامية في معركتها ضد جائحة كوفيد-19.

كما لعبت التكنولوجيا الصينية دورا في تعزيز قدرة العالم على مكافحة كوفيد-19.

فبالإضافة إلى التعاون مع مؤسسات مشهورة مثل معهد بوتانتان في البرازيل لإجراء تجارب سريرية أساسية، وسعت الصين نطاق تعاونها ليشمل دولا نامية أخرى، بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر وإندونيسيا، لمساعدتها في تعزيز الإنتاج المحلي للقاحات.

وقد مكّن هذا التعاون البلدان من الوقوف على أقدامها أثناء الجائحة، كما عزز الاعتماد على الذات بين الدول النامية.

ومن جانبه قال عضو مجلس الشيوخ الدومينيكي آريس إيفان لورنزو “في الوقت الذي كان فيه العالم غارقا في ظلام حالك بسبب هذه الجائحة، تقدمت الصين ومدت يد العون لنا، فأظهرت (روح) التضامن والتعاون”.

 

 

— الصحة للجميع

على الرغم من تضاؤل تأثير كوفيد-19، إلا أن الصعوبات والتضحيات التي تحملناها خلال هذه السنوات الثلاث تذكرنا بضرورة تعزيز التعاون وخلق مستقبل تتاح فيه لكل شخص إمكانية الحصول على الخدمات الصحية التي يحتاج إليها.

خلال تقريره إلى الجمعية، قال تيدروس إن جائحة كوفيد-19 لها آثار كبيرة على الأهداف المتعلقة بالصحة في إطار أهداف التنمية المستدامة، التي لها موعد نهائي هو عام 2030، وكذا على كل من أهداف “المليارات الثلاثة”.

تدعو المبادرة الخمسية، التي تم الإعلان عنها في جمعية الصحة العالمية لعام 2017، إلى ضمان حصول مليار شخص آخرين على تغطية صحية شاملة، وحماية مليار آخرين بشكل أفضل من حالات الطوارئ الصحية، وضمان تمتع مليار آخرين بصحة ورفاه أفضل.

وقد أحرزت البلدان تقدما في توفير التغطية الصحية الشاملة، حيث يستفيد منها اليوم نحو 477 مليون شخص. بيد أنه حذر من أنه إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإن أقل من نصف سكان العالم سيكونون مشمولين بنهاية العقد”، وهذا يعني أنه يجب علينا على الأقل مضاعفة الخطى”.

تعد الصين دائما مساهما في التعاون العالمي في مجال الصحة العامة. وفي عام 2020، طرحت الصين الرؤية المتمثلة في بناء مجتمع عالمي للصحة للجميع.

وبهذه الروح، قدمت الصين إمدادات لمكافحة الجائحة إلى 153 دولة و15 منظمة دولية، وشاركت في استضافة أكثر من 300 من أنشطة التبادلات المتعلقة بالوقاية من الجائحة ومكافحتها وكذا العلاج الطبي مع أكثر من 180 دولة ومنطقة وأكثر من 10 مؤسسات دولية.

وفي هذا الصدد، قال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إن الدعم الذي قدمته الصين ومساعدتها أظهرا للعالم روح الوحدة والتعاون.

في الواقع، يمتد دعم الصين إلى ما هو أبعد من الجائحة ويمكن أن يرجع تاريخه إلى ستة عقود مضت.

منذ وصول أول فريق طبي صيني إلى الجزائر في عام 1963، أرسلت الصين حوالي 30 ألف موظف طبي إلى 76 دولة ومنطقة عبر خمس قارات، مع التركيز بشكل أساسي على أفريقيا، حيث قدمت 290 مليون عملية تشخيص وعلاج للأفارقة، وفقا لما ذكرته لجنة الصحة الوطنية الصينية.

وقال جونز ألبوكيركي، وهو عالم أبحاث في مختبر كيزو أسامي لعلم الأمراض المناعية التابع لجامعة بيرنامبوكو الفيدرالية لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مقابلة أجريت معه مؤخرا، إن اقتراح الصين بناء مجتمع عالمي للصحة للجميع “ممتاز”.

وأكد تيدروس في كلمته الختامية في جمعية الصحة العالمية على أهمية وجود مجتمع صحي عالمي يخدم الجميع.

“عندما يتعلق الأمر بمسببات الأمراض، فكلنا واحد، وهذه هي الطريقة التي يجب أن ننظر بها إلى أنفسنا: أمة واحدة، تتقاسم كوكبا واحدا، وتعمل معا من أجل هدف واحد — وهو بلوغ أعلى مستوى ممكن من الصحة للجميع”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.