موقع متخصص بالشؤون الصينية

مقالة خاصة: حيل مُعتادة يستخدمها الإعلام الغربي لتشويه سمعة الاقتصاد الصيني

0

وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:

أثارت مجموعة من التقارير الإعلامية الغربية المثيرة والمتحيزة حول اقتصاد الصين الدهشة في الآونة الأخيرة، ما لفت الانتباه إلى بعض الحيل القديمة التي تستخدمها وسائل الإعلام تلك لتشويه سمعة الاقتصاد الصيني.

إن المعايير المزدوجة، والعمى الانتقائي، والروايات الكاذبة، والتلاعب بالإحصاءات، على سبيل المثال لا الحصر، تعد من بين الحيل المُعتادة التي تستخدمها بعض وسائل الإعلام الغربية عند تصوير المشهد الاقتصادي للصين، في إطار تخطيطها لتشويه أداء ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

واستخدام مثل هذه الحيل منتشر في ظل التحيز الإيديولوجي العميق الذي جعل العديد من الصحفيين الغربيين عاجزين عن تقييم أداء الصين الاقتصادي تقييما موضوعيا، بل إن بعض وسائل الإعلام تدفعها الأرباح إلى اللجوء إلى التشهير والإثارة.

— معايير مزدوجة صارخة

أدى تبني بعض وسائل الإعلام الغربية لـ”معايير مزدوجة” عند كتابة تقارير عن الاقتصاد الصيني إلى تحيز جماعي، الأمر الذي أسفر بدوره عن تقارير بزوايا متماثلة ووجهات نظر متطرفة.

نتيجة لذلك، فإن هذه المنافذ الإعلامية كثيرا ما تتأرجح بين ما يسمى بنظرية “الانهيار الصيني” ونظرية “التهديد الصيني”، اعتمادا على الأداء الاقتصادي للصين في أي لحظة.

على سبيل المثال، أشارت تقارير صدرت مؤخرا إلى أن التباطؤ الاقتصادي في الصين يؤثر على اقتصادات الدول الآسيوية المجاورة للصين. وعلى وجه التحديد، أرجعت صحيفة ((وول ستريت جورنال)) التحديات الاقتصادية في بلدان مثل اليابان وكوريا الجنوبية إلى الظروف الاقتصادية غير المواتية في الصين، في حين زعمت صحيفة ((فاينانشال تايمز)) أن اقتصادات كوريا الجنوبية وأستراليا وغيرها تضررت بفعل التباطؤ الاقتصادي في الصين.

ومن غير المستغرب أن تتجاهل هذه التقارير عن قصد الأسباب الرئيسية وراء التحديات التي تواجهها هذه البلدان، مثل سياسات “فك الارتباط” التخريبية وعمليات التدخل في السوق التي تدبرها الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، اختارت (التقارير) التغاضي عن حقائق مثل متوسط مساهمة الصين في النمو الاقتصادي العالمي الذي تجاوز نظيره في مجموعة الدول السبع في الفترة من 2013 إلى 2021 ومعدل النمو السنوي للصين في السنوات الأخيرة الذي تجاوز بكثير متوسط معدلات نمو الاقتصاد العالمي والاقتصادات المتقدمة.

وبينما تشوه تلك التقارير السياسات الاقتصادية للصين، فقد تجنبت عمدا الإشارة إلى إجراءات حمائية مثل قانون خفض التضخم الذي أقرته الولايات المتحدة ويتضمن أحكاما بتقديم مبالغ دعم مرتفعة.

 

— التلاعب بالإحصاءات

غالبا ما يصور صحفيو وسائل الإعلام الغربية أنفسهم على أنهم مهنيون يعتمدون على البيانات لإثبات ادعاءاتهم. بيد أنه عند إلقاء نظرة فاحصة يتبين لنا أن ما يسمى بـ”الاحتراف المهني” قد أصبح أجوف بفعل تلاعبهم بالإحصاءات في إطار جهودهم لرسم صورة وردية للاقتصادات الغربية وتصوير الاقتصاد الصيني على نحو قاتم.

من الأمثلة الواضحة على ذلك المقال الذي نشرته مجلة ((الإيكونوميست)) في 26 أغسطس، وأكدت فيها أن معدل النمو السنوي للصين في الربع الثاني بلغ نسبة مخيبة للآمال قدرها 3.2 في المائة، مقارنة باقتصاد أمريكي قوي على ما يبدو سجل معدل نمو سنوي بلغ قرابة 6 في المائة.

فقد تعمد (المقال) تجاهل البيانات الصادرة عن الهيئة الوطنية للإحصاء في الصين، والتي كشفت عن معدل نمو سنوي في الربع الثاني بلغ 6.3 في المائة. وبدلا من ذلك، أختار ذكر معدل نمو ربعي نسبته 0.8 في المائة وتوقع هذا المعدل خلال الأرباع الثلاثة المقبلة لحساب معدل النمو السنوي، وهو ما أسفر عن رقم أقل من البيانات المحسوبة على أساس سنوي.

في المقابل، استند التقدير بأن الاقتصاد الأمريكي سيشهد “نموا نسبته 6 في المائة تقريبا” إلى تنبؤ من نموذج صادر عن فرع بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، حتى على الرغم من أن البنك نفسه حذر من أن هذا التنبؤ لا يمكن الاعتماد عليه وتجاوز توقعات السوق بأكثر من الضعف.

وإذا تم حساب نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للولايات المتحدة وفقا للطريقة التي اُستخدمت لتقييم الاقتصاد الصيني، فستبلغ نسبته 2.1 في المائة في الربع الثاني من عام 2023، أي أقل من نظيره في الصين.

إن مثل هذا التلاعب بالبيانات باستخدام أساليب إحصائية غير قابلة للمقارنة بعيد كل البعد عن الصحافة المهنية. وهو مضلل على أفضل الفروض.

— العمى الانتقائي

في 30 أغسطس، استشهدت صحيفة ((بيزنس إنسايدر)) بتقرير صادر عن شركة ((جيه كابيتال ريسيرش))، وهي شركة استثمارية، تدعي فيه أن المؤشرات الرئيسية للاستثمار، مثل كمية الأسمنت والزجاج المنتجة، قد اختفت.

واتهم التقرير الصين بحجب مؤشرات اقتصادية هامة، مشيرا إلى أن اقتصاد الصين في حالة سيئة للغاية.

وقد أربك هذا العديد من المحللين لأن الهيئة الوطنية للإحصاء في الصين أصدرت في وقت مبكر من يوم 15 أغسطس بيانات مفصلة عن المنتجات الرئيسية، بما في ذلك الأسمنت والزجاج.

وهذا يجعل المرء يتساءل عما إذا كانت شركات الاستشارات السوقية والمنافذ الإعلامية المالية في الغرب قد تجاهلت البيانات، أو ما إذا كانت قد أصبحت عمياء بشكل انتقائي.

ولكن هناك أمر واحد مؤكد: ألا وهو أن التقليل من بث الأنباء الإيجابية عن الاقتصاد الصيني ونشر الذعر والتضليل يشكلان تكتيكا شائعا تستخدمه وسائل الإعلام الغربية لتشويه سمعة الصين.

فعلى سبيل المثال، تنشر العديد من المنافذ الإعلامية الغربية بلهفة بيانات الواردات والصادرات الجمركية الصينية في حين تتجاهل إلى حد كبير بيانات ميزان المدفوعات.

ويرى المحللون أن البيانات الجمركية أقل موثوقية بسبب الاختلافات في الإجراءات الجمركية بين البلدان والتقلبات الموسمية الكبيرة، في حين أن بيانات ميزان المدفوعات، التي تنطوي على ممارسات محاسبية عالمية موحدة، تُقدم رؤى أكثر جدوى.

والسبب العميق وراء هذه التغطية التفاضلية هو أن بيانات ميزان المدفوعات في الصين ظلت مستقرة إلى حد كبير وأن نسبة هذه البيانات إلى الناتج المحلي الإجمالي كانت أيضا ضمن نطاق معقول، الأمر الذي يجعل من الصعب استغلالها لخدمة نية وسائل الإعلام الغربية في مهاجمة الصين.

ومن ناحية أخرى، توفر البيانات الجمركية، المعرضة لتقلبات موسمية كبيرة، أرضا خصبة لنشر روايات سلبية عن الاقتصاد الصيني.

وقد سلط تقرير ميزان المدفوعات الصيني لعام 2022 الضوء على نمو نسبته 19 في المائة في فائض تجارة السلع مقارنة بعام 2021، وهو ما أكد مرونة سلاسل الصناعة والإمداد في الصين، والنمو السريع لديناميات صادراتها.

كما أشار التقرير إلى تقلص العجز في تجارة الخدمات بنسبة 9 في المائة، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى نمو الدخل من تجارة الخدمات الإنتاجية الناشئة.

علاوة على ذلك، سلط الضوء على أن الاستثمار الأجنبي المباشر لا يزال قناة مستقرة لتدفق رؤوس الأموال، قائلا إن كل من الآفاق طويلة الأجل للاقتصاد المحلي الصيني وأسواق الصين الواسعة مازالت تجذب استثمارات رأسمالية دولية طويلة الأجل. ولكن من المؤسف أن وسائل الإعلام الغربية تجاهلت هذه البيانات الإيجابية.

 

 

— توقعات مضللة

مع قيام الصين بتحسين سياساتها الخاصة بالوقاية من الوباء ومكافحته، تعمدت وسائل الإعلام الغربية بناء رواية تشير إلى أن السوق الاستهلاكية في الصين لابد أن تشهد طفرة “انتقامية” فورية، ويجب على الاقتصاد الصيني الحفاظ على “انتعاشه القوي”. وأي انحراف عما يسمى بـ”التوقعات” يتم تفسيره عمدا على أن اقتصاد الصين في مأزق كبير.

وجادل الخبير الاقتصادي الأسترالي قوه شنغ شيانغ بأن هذه الرواية منفصلة عن الواقع والحس السليم. فهي تتلاعب بتوقعات السوق ثم تستفيد من الأخبار السلبية عن “التقصير في تحقيق التوقعات” لتقويض ثقة السوق، الأمر الذي يؤدي إلى إدامة دورة من التوقعات المضللة.

أما كريس تورينز، نائب رئيس غرفة التجارة البريطانية في الصين، فأكد أن الصين في عامها الأول من تعديل سياسات الوقاية من الوباء. وأن مؤشرات مختلفة أظهرت أن اقتصادها يتعافى ويتحسن تدريجيا.

وأشار تورينز إلى أنه بينما تواجه الدول الغربية صعوبات عديدة في الانتقال من تعديل سياسات مكافحة الوباء إلى تشجيع الانتعاش الاقتصادي، ينبغي على العالم الثقة في الاقتصاد الصيني والتحلي بالصبر تجاهه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.