مقالة خاصة: نمو الاقتصاد الصيني يتحدى المشككين الغربيين

وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:

ارتفعت مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية في الصين، وهي مؤشر رئيس لقوة الاستهلاك، بنسبة 4.6 في المائة على أساس سنوي في أغسطس، بزيادة 2.1 نقطة مئوية عن الشهر السابق، حسبما أظهرت بيانات المصلحة الوطنية للإحصاء يوم الجمعة الماضي.

عندما عاود البعض في الغرب كلامهم بالسوء عن الاقتصاد الصيني، رأى العديد من المراقبين الدوليين الوضع بشكل مختلف. وبعد رؤيتهم للصورة الوردية للتعافي المطرد في البلاد، أشاروا إلى أن الاقتصاد الصيني يتمتع بالمرونة والنشاط ويميل إلى اتجاه صعودي شامل.

–تعاف مطرد

لقد واصل الاقتصاد الصيني التعافي على مسار سليم عموما من الانتعاش.

وفي النصف الأول من هذا العام، سجل الناتج المحلي الإجمالي للصين نموا بنسبة 5.5 في المائة، ما يزيد بشكل ملحوظ عن نسبة العام الماضي البالغة 3 في المائة، وهي الأسرع بين الاقتصادات الكبرى. وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 5.2 في المائة هذا العام، ويسهم بثلث النمو العالمي.

وأظهرت أحدث البيانات ارتفاع الناتج الصناعي ذي القيمة المضافة في الصين، وهو مؤشر اقتصادي مهم، بنسبة 4.5 في المائة على أساس سنوي في أغسطس. وبلغ الرقم الخاص بمؤشر إنتاج الخدمات 6.8 بالمائة، أي أسرع بمقدار 1.1 نقطة مئوية عن الشهر الماضي.

وقال خيري ترك، أستاذ الاقتصاد في معهد إلينوي للتكنولوجيا في شيكاغو، لوكالة أنباء ((شينخوا))، في مقابلة أجريت معه مؤخرا، إن “جميع المؤشرات تشير إلى نمو سليم”.

 

 

وفي حديثه عما يحدث هنا، قال إن صناع السياسات الصينيين معروفون بتفكيرهم الطويل المدى.

وفي أوائل سبتمبر، أنشأت الصين مكتبا تابعا لأعلى جهاز تخطيط اقتصادي في البلاد مهمته تعزيز تنمية اقتصاد القطاع الخاص. وجاء ذلك في أعقاب مجموعة من السياسات الرامية إلى تعزيز نمو هذا القطاع.

وقال لويغي غامبارديلا، رئيس الجمعية الرقمية الصينية-الأوروبية: “يمكن أن تعزى مرونة الاقتصاد الصيني إلى السياسات المستهدفة المصممة لتعزيز النمو، مثل كشف الحكومة المركزية مؤخرا عن 31 إجراء لتحفيز نمو الشركات الخاصة”.

ويعتقد أن الصين لا تزال تتمتع بمستقبل واعد من النمو طويل الأجل على المدى الطويل.

وتظهر المزيد من الدلائل انتعاش الاقتصاد الصيني. وقد كتبت صحيفة ((فايننشال تايمز)) في تقريرها الأخير بشأن رؤى السوق: “السياحة الداخلية تنتعش على نطاق واسع. ولا تزال مبيعات السيارات في الصين مرتفعة هذا العام على الرغم من الانخفاض الطفيف في يونيو ويوليو. وقد أعلنت شركة علي بابا للتو عن عودتها إلى نمو قوي في المبيعات في نتائج الربع الثاني”.

–تحول إلى الأفضل

وبفضل الصناعات والقطاعات التنافسية الناشئة، يتحول اقتصاد الصين من نمو عالي السرعة إلى نمو عالي الجودة، ما يجعل الاقتصاد أكثر استمرارية.

وشهدت الأشهر السبعة الأولى من هذا العام ارتفاعا في الاستثمارات الصينية في صناعات التكنولوجيا الفائقة بنسبة 11.5 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يزيد بشكل ملحوظ عن نمو استثماراتها الإجمالية. وفي يوليو، نما إنتاج الخلايا الشمسية ومنتجات مركبات الطاقة الجديدة بنسبة 65.1 في المائة و24.9 في المائة على التوالي.

 

وتعليقا على المحركات الجديدة للاقتصاد الصيني، قال نائب رئيس مجلس إدارة بورصة ناسداك، روبرت ماكوي، إن الجيل القادم من الشركات التي تركز على بعض التقنيات الأكثر ابتكارا يتم بناؤها هناك في الصين.

وقال ماكوي في منتدى الأعمال الأمريكي-الصيني الذي عقد مؤخرا في نيويورك: “يستمر الناس هناك في بناء أعمال تجارية مبتكرة، وهذا يوضح سبب استمرار قوة الاقتصاد الصيني، وسيظل قويا لعقود قادمة”.

وقالت جيني جونسون، الرئيس والمدير التنفيذي في شركة إدارة الاستثمارات العالمية (فرانكلين تمبلتون) “إنك تتحدث عن اقتصاد يولد مهندسين أكثر من أي دولة أخرى في العالم كل عام، ومن ثم من الابتكار، أعتقد أنه ستكون هناك فرص (للاستثمار)”.

وترى مجلة ((سبايكد))، وهي مجلة الكترونية بريطانية متخصصة في السياسة والثقافة والمجتمع، أن قدرة الصين على الصمود في وجه الاضطرابات تختلف عن الغرب في المقام الأول بسبب قوة أساسيات الإنتاج لديها. وقالت المجلة في مقال لها إن الصين لا تزال بلا شك قوة التصنيع العظمى في العالم، فهي مسؤولة عن ما يقرب من 29 في المائة من الإنتاج الصناعي في العالم.

وقالت إن الصين “تتصدر العالم حاليا في إنتاج السيارات الكهربائية وبطاريات السيارات الكهربائية ومعدات اتصالات الجيل الخامس والطائرات التجارية بدون طيار وأجهزة إنترنت الأشياء والمدفوعات عبر الهاتف المحمول والخلايا الشمسية”، وهي “مؤشرات تدل على استمرارية الصين اقتصاديا”.

–كلام لا يمكن الدفاع عنه

وقال كريس تورينز، نائب رئيس غرفة التجارة البريطانية في الصين، مؤخرا في مقابلة مع تلفزيون ((بلومبرغ)): “أنا غير مقنع في الواقع بفكرة أن الاقتصاد الصيني يعاني من مشكلة نظامية خطيرة”.

وأضاف أن نمو الصين يمضي في الاتجاه الصحيح مع ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي.

وقالت جونسون خلال جلسة في مؤتمر فوربس العالمي للرؤساء التنفيذيين في سنغافورة، إنه من المبالغ فيه الزعم بأن فرص الاستثمار في الصين قد انتهت.

وعلى النقيض من المشككين، فإن المزيد من الناس يثقون في إمكانات الصين.

وقالت صحيفة ((ساوث تشاينا مورنينغ بوست)) مؤخرا في مقالة “إذا أخذنا تجربة الاقتصادات المتقدمة الأخرى كمرجع… فإن مجموعة الدخل المتوسط في الصين لديها القدرة على مضاعفة حجمها الحالي”.

وأشار التقرير إلى أن التوقعات ستجعل الصين سوقا لا يقاوم بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات.

 

 

وفي مقال رأي نشرته صحيفة ((نيويورك تايمز)) في يوليو، قال الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل بول كروغمان إن الاقتصاد الصيني لم يصل بعد إلى الحدود التكنولوجية، لذا ينبغي له أن يتمتع بآفاق أفضل من حيث النمو السريع في الإنتاجية.

وكتب السفير الصيني لدى الولايات المتحدة شيه فنغ في مقال نشرته صحيفة ((واشنطن بوست)) مؤخرا “لقد أصبح المزيد من الأصدقاء الأمريكيين يدركون أن فكرة أن الصين يمكن أن تنهار اقتصاديا… هي خيال محض”.

وفيما يتعلق بالتوقعات التي تطفو على السطح بين الحين والآخر بأن الاقتصاد الصيني سينهار، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ: “ما انهار هو مثل هذا الخطاب، وليس اقتصاد الصين”.