موقع متخصص بالشؤون الصينية

الحرف الصيني جماليات تشكيلية وإبداعية

1

mostafa-aboualaynein-chinese-words

موقع الصين بعيون عربية ـ
مصطفى ابو العينين*:
هناك تشابه كبير في اللغتين العربية والصينية من حيث الشكل ومكنونات التشكيل الجمالي ، والامكانيات الغير المحدودة للابداع التشكيلي في حروفها – صورها ، وتطويع تلك الحروف بحسب رغبات الفنان والخطاط و المشتغل بالحرف والكلمة . فاللغة الصينية هي الأكثر حروفاً – صوراً بين اللغات كافة.
وفي الخط الصيني نجد كذلك أحد الخطوط العربية الذي ظهر في الصين ، لدى المسلمين فيها ، وهو متأثر بالكتابة الصينية الى حد كبير سيّما لأنه ترعرع بين ظهرانيها ، و يخطّ الفنان لابداعه بفرشاة مصنوعة من شعر الحصان ، عوضاً عن القلم المستخدَم في الخطوط العربية الأخرى ، و من أشهر خطّاطيه نور الدين مي غوانغ تشانغ .
تقول المراجع الصينية ، أن أصل تاريخ الحروف الصينية يَعود إلى أكثر من ثلاثة آلاف وخمسة الآف سنة ، وبالذات إلى سلالة شانغ (أوُ يين) . وفي ذلك العهد ، كانت الكتابة تتم بالنقش المحفور على عِظام و أصداف السلاحف والثيران . وفي الإبداعات اليدوية والإضافات العقلية الصينية ، كانت الكتب الضخمة مع شرائح الخيزران إحدى الابداعات المتصلة في تاريخ الامة الصينية . وكانت تستخدم ريشة الخيزران و السخام الأسود كحبر ، ومايزال للآن يستخدم عمود الخيزران في الفن التشكيلي منذ اصول الصينيين .
وفي التاريخ الصيني نقرأ ، أن فهرسة رسومات الصينيين التشكيلية تمت بسرعة في البلاد الصينية ، فقد ولد هذا العِلم وكأنه ملازم لطبائع الصينيين ونمطيتهم الملتزمة بتوليد ورعاية وتأبيد الحضارة والثقافة . وبعض المراجع تقول أنه في ذلك العهد السحيق عندما بدأت الحضارة ترافقت بفنون تشكيلية ، حيث اكتسبت الآثار التشكيلية معنىً كبير في حياة الصينيين ، ومِن ثمَّ في الحضارة الصينية العريقة وإن كانت اسرار بعض الصور لم تحل رموزها للآن ، وبقيت معانيها غير معروفة . والحضارة الصينية ضاربة جذورها ، كالعربية ، في أعماق التاريخ ، وهي تشمل الكثير من الرموز والصور التي تتمثل في نواحي الديار الصينية ، كما وفي الديار العربية لدى المسلمين بالصين ، حتى يومنا هذا.
يَتمّيز الخط الصيني بفيضان تعبيراته الانسانية على نطاق واسع . و الخط الصيني يعتبر الأكثر شهرة بين الخطوط الاخرى ، ربما بسبب كُثرة الحروف – الصور الصينية ، التي كانت تتكاثر عَبر التاريخ ويزداد عددها بمرورها بسلالات عديدة من الأباطرة الذين كانوا يحافظون على ازدهار اللغة وفنونها في قصورهم الفخمة .
وقد كانت الفرشاة بأحجامها المختلفة ، ومنها الطويلة جداً، قَدر قامة الفنان الصيني نفسه بل واحياناً كانت أعلى منه قامةً . وكان هذا علامة الإبداع والتميز لدى الفنان ، الذي كانت مأثرته تبرز مع حَركات لديه الاثنتين عندما يُبدع على مسطّحات كبيرة المساحة . فتلك الصورة وآلية الصورة الابداعية تختلف عن مَثيلتها الإبداعية لدى التشكيلي والخطّاط العربي ، الذي يَعتمد على حَركة معصمه ودروانه…
لنتعلم الخط الصيني والفنون التشكيلية الصينية التي تفيض منه وتتكاثر في خط مستقيم ومباشر ، كما سياسة الصين ونهجها الفلسفي ، ولنتعلم ونعرف أساسيات الكتابة الصينية ، وخطوطها الأساسية وخطوط سياستها ، ولنتعرف على شخصياتها وانماط رسمها المختلفة وتفكيرها ، فالخط الصيني رشاقة ويعكس الفنان والخطاط فيه شخصيته ، لكن الشخصية الصينية تظهر في تشكيلياته بلا منازع ، حتى وإن لم يرغب الفنان والخطاط بذلك ، لأنها تفرض نفسها بقوة ولا يمكن لأحد إقصاء تلكم الشخصية عنه ولا عن حكاياه الالفية.
• كاتب وخطّاط وعضو في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب اصدقاء الصين ومتخصص بالنشر عن الخطوط الصينية .

تعليق 1
  1. مروان سوداح يقول

    مقالة مهمة ولطيفة بقلم الاعلامي الاردني العزيز مصطفى ابو العينين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.