موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق: احترام الشواغل الأساسية شرط لازم لتسوية النزاعات التجارية

0

وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
خلال الجولة التي اختتمت لتوها من المحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، زادت واشنطن التعريفات الجمركية الإضافية، على ما قيمته 200 مليار دولار أمريكي من الواردات الصينية، من 10 في المائة إلى 25 في المائة، وهي خطوة تأسف بكين لها أسفا شديدا وستكون مضطرة للرد عليها عبر اتخاذ الإجراءات المضادة اللازمة.
وكما أكدت الصين مرارا، فإن فرض تعريفات إضافية ليس حلا للمشكلات. التعاون والتشاور هما فقط الطريق الصحيح للمضي قدما، وأية تسوية يجب أن تقوم على أساس احترام كل منهما للشواغل الأساسية للآخر.
أظهرت أحدث جولة من المحادثات التجارية مرة أخرى أقصى درجات إخلاص الصين. إذ أنه على الرغم من التهديد بالتعريفة الأمريكية، تصرفت الصين بطريقة مسؤولة وحافظت على إرسال وفدها إلى واشنطن لمواصلة المشاورات.
وأثبتت أيضا مرة أخرى أنه لا فائز يخرج من أي حرب تجارية. وهزّت أحدث حركات واشنطن لاستغلال عصا التعريفات سوق رأس المال العالمي وأضرت به، وهو ما يمثل تحذيرا آخر بأن مثل هذه التحركات الأحادية ليست ضارة فقط لكلا البلدين، بل للعالم بأسره.
للحديث بصورة عادلة، حقق الجانبان، بعد 11 جولة من المشاورات الاقتصادية والتجارية رفيعة المستوى، تقدما كبيرا في مجالات مثل تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية وتوسيع نطاق الوصول إلى الأسواق وتشجيع تجارة بينية أكثر توازنا؛ ومع ذلك تظل الخلافات حول القضايا التي تنطوي على الشواغل الأساسية للصين.
وكما قال نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو خه بعد الجولة الأخيرة من المحادثات بأن المشاورات لم تخرج عن مسارها. التحولات والانعطافات في المفاوضات أمر لا مفر منه. ومع ذلك، فإن الصين لن تتنازل مطلقا عن القضايا المبدئية.
وعلى نحو مطمئن، أبدى كلا الجانبين استعدادهما لمواصلة المشاورات، واتفقا على الاجتماع مجددا في بكين في المستقبل. كل هذه الرسائل الإيجابية يمكن أن توفر للعالم المزيد من الأسباب للتفاؤل الحذر بشأن آفاق المشاورات الصينية الأمريكية.
مع ذلك، من أجل تسوية الخلافات ودفع المحادثات، يجب على الجانبين احترام الشواغل الأساسية لكل منهما الآخر، والالتقاء ببعضهما البعض في منتصف الطريق على أساس الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة.
وكما صرح ليو، فإن الصين تريد اتفاقية تعاون تتسم بالمساواة والكرامة. لقد ثبت مرارا وتكرارا أن الخلاصة، أو الخط الأحمر، لاستمرار المناقشات يكمن في احترام المصالح الجوهرية والشواغل الرئيسية لكل منهما الآخر.
وتعد النتائج المتساوية والمربحة للطرفين بمثابة ضمانات أساسية للجانبين للتوصل إلى اتفاق نهائي. وأي حوار يقوم فيه طرف بإكراه الآخر بهدف تحقيق نتيجة مواتية لطرف واحد لن يؤدي إلا إلى انحراف المشاورات عن مسارها.
وذكرت مصادر أنه ما تزال هناك خلافات حول ثلاث قضايا رئيسية تتعلق بالشواغل الأساسية للصين، وهي إزالة كافة التعريفات الجمركية الإضافية، وحجم البضائع المشتراة، وتوازن صياغة النص.
ويشترك كل من مجتمع الأعمال والمزارعين بالولايات المتحدة في الدعوة لإزالة التعريفات الجمركية الإضافية لواشنطن على الواردات الصينية. وفي رسالة مشتركة من أكثر من 140 جمعية تجارية في الولايات المتحدة، قالوا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن التعريفات الجمركية الإضافية المفروضة على الصين هي في الواقع زيادة ضريبية على الشركات والمستهلكين بالولايات المتحدة، الأمر الذي سيؤدي إلى تسريح العمال وتأخير الاستثمارات وارتفاع الأسعار، من بين آثار سلبية أخرى.
لحل الخلافات ودفع المشاورات إلى الأمام، يتعين على الجانبين تحديد الاتجاه العام للتعاون وإظهار المزيد من الحكمة في السعي نحو “أكبر قاسم مشترك” بين البلدين.
بعد أربعين عاما من إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة، فإن الخيار الصحيح الوحيد للبلدين هو العمل معا من أجل المنفعة المتبادلة. وكان التعاون الاقتصادي والتجاري الذي يتسم بالمساواة والمنفعة المتبادلة بمثابة “حجر الصابورة” و”المروحة الدافعة” في العلاقات الصينية الأمريكية حيث زاد حجم التجارة بينهما من أقل من 2.5 مليار دولار أمريكي إلى 630 مليار دولار في العقود الأربعة الماضية.
وأصبح الاقتصادان متشابكين على نحو لا ينفصم في سلاسل التوريد العالمية في ظل العولمة الاقتصادية.
لمواكبة هذا الاتجاه، فإنه من الأهمية بمكان أن يحافظ كلا الجانبين على التركيز الإستراتيجي ومحاولة تعزيز الثقة المتبادلة وحل خلافاتهما بشأن القضايا الأساسية.
يشكل هذا اختبارا للحكمة لكلا الجانبين حول ما إذا بإمكانهما استيعاب الشواغل الأساسية لبعضهما البعض وإعادة المحادثات التجارية إلى المسار الصحيح لحل المشكلات مع التمسك بمبادئ وخلاصات كل منهما.
علاوة على ذلك، يتعين على كل من الصين والولايات المتحدة أن تضع في اعتبارها استمرارية وتعقيد وصعوبة خلافاتهما الاقتصادية والتجارية وبذل المزيد من الصبر والمثابرة.
وكما أظهر كل من التاريخ والواقع، فإن المحادثات والمشادات قد تكون أمرا طبيعيا بالنسبة لبكين وواشنطن في طريق حل الاحتكاكات الاقتصادية والتجارية بينهما. والصين، رغم معارضتها الحازمة لأي نوع من أنواع الحرب التجارية، فهي على استعداد تام لمواجهتها، وفي الوقت نفسه ستظل عقلانية في المحادثات المستقبلية.
ومثل الدخول في الجولة الأخيرة من سباق الماراثون، سوف تتفاوض الصين والولايات المتحدة على نص الاتفاقية، نقطة بنقطة. وستكون بكين أكثر صبرا في مواجهة الصعود والهبوط في المفاوضات، وستكون مستعدة تماما لمواجهة جميع أنواع المخاطر والتحديات، مع التحلي براحة البال.
تتمتع الصين، ذات الأساس المتين والإمكانات الهائلة بالإضافة إلى القدرة القوية على مقاومة المخاطر، بالثقة والتصميم والقدرة على مواجهة التحديات والمخاطر المستقبلية.
وهي مقتنعة أكثر من أي وقت مضى أنه فقط من خلال تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح، وتعزيز النمو عالي الجودة وبناء سوق محلية قوية، يمكن للصين أن تكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات واحتضان مستقبل أكثر إشراقا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.