موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين تقف على الجانب الصحيح من التاريخ لمكافحة مرض “الحمائية” المستعصي في العالم

0

وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
مع تواصل انحسار وباء فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، حسمت الصين أمرها وعزمت الصين الوقوف إلى الجانب الصحيح من التاريخ، على الرغم من تزايد موجات الأفكار الحمائية في العالم، بينما تتمسك بمبدأ التعددية ودعم العملية الديمقراطية للعلاقات بين المناطق والدول المختلفة، والسعي وراء التطور والتنمية من خلال الانفتاح والتعاون والفوز المشترك، مع التأكيد على أن موقفها من دعم بناء اقتصاد عالمي منفتح لم يتغير.
لقد أصدر مجلس الدولة الصيني مؤخرا بشكل رسمي، الخطة الكلية لبناء ميناء تجارة حرة في أكبر منطقة خاصة اقتصادية في الصين، مقاطعة هاينان. في خطوة جديدة ترمز لفتح الصين أبوابها بشكل أوسع على العالم، الأمر الذي يطلق العنان للمناقشات على نطاق واسع في عموم البلاد بشكل خاص وفي أرجاء العالم بأسره بشكل عام، خصوصا في ظل تفشي أفكار الحمائية وكأنها جائحة مستعصية في بعض الدول.
وفي الشهر الحالي ، أصدرت وزارة التجارة الصينية 24 تدبيرا خاصا لدعم نمو منطقة تجارة حرة في مقاطعة هوبي بوسط البلاد، تتمركز على تجارب بناء قاعدة وطنية للتجارة الخارجية وتجارة التجزئة الإلكترونية العابرة الحدود وغيرهما من التجارب الاصلاحية المتعمقة.
كما أشار لي كه تشيانغ رئيس مجلس الدولة (مجلس الوزراء) في مؤتمر صحفي بعد اختتام الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني (دورة البرلمان الوطنية السنوية) المؤجلة بنحو شهرين بسبب تفشي كوفيد-19، أشار إلى أن طريق تنمية الاقتصاد مع اغلاق أبواب الدولة سيكون طريقا مسدودا، لأنه يعود لفترة تاريخية لا تصلح للآن، وهي الفترة الزراعية القديمة في التاريخ، مؤكدا أن الصين تتمسك بمواصلة توسيع تعاوناتها مع العالم في الخارج، وتصدر مزيدا من التدابير لتوسيع انفتاحها.
ووصف لي انفتاح كل دولة في العالم بأنه كالهواء بالنسبة إلى الانسان، وبأنه أمر لا يجوز الافتقار إليه حتى ولو للحظة قصيرة.
وأوضح أيضا أن الصين لن تخطط لأية استراتيجية بدون اعتمادها على قوانين السوق، بل ستسعى وراء تحقيق المزيد من الانفتاح بين مختلف الاسواق، والمحافظة على استقرار السلاسل الانتاجية العابرة للحدود وسلاسل التوريد والامدادات بين مختلف المناطق والدول.
ومن المقرر أن يقع ميناء هاينان للتجارة الحرة الذي يتميز بـ “صفر رسوم جمركية” و”سهولة الدخول والاقامة” وغيرها من ميزات الموانئ الحرة العالمية الرائدة في جميع انحاء المقاطعة الواقعة بأقصى جنوبي البلاد، وثاني أكبر الجزر في الصين.
وحتى عام 2025، أي بعد 5 سنوات فقط، ستُلغى الرسوم الجمركية المفروضة على بعض السلع المستوردة من الخارج في ميناء التجارة الحرة في هاينان المطلة على بحر الصين الجنوبي، وعلاوة على ذلك، ستبسط بشكل ملحوظ اجراءات الموافقة من قبل الحكومات المحلية لبناء مشاريع الاستثمارات في المقاطعة إلى مستوى “بسيط للغاية”، ويُزال كل ما يُعرقل نمو تجارة الخدمات العابرة للحدود .
ومن المخطط أن تتحقق سهولة وحرية التجارة في المقاطعة الجزيرية مع حلول عام 2035، فضلا عن السهولة والحرية للاستثمارات وسيولة الرساميل وتدفقات الموارد البشرية عبر الحدود ، ما سيحقق سهولة وحرية لنقل البضائع المادية والمعلومات غير المادية بشكل سليم ومنظم، وذلك من ضمن الاهداف الرئيسية لبناء ميناء التجارة الحرة في الجزيرة التي ستلعب دورا متكاملا مع منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة.
وعلى الرغم من التأثيرات السلبية الكثيرة الناجمة عن الحمائية، وبالنسبة إلى الصين، فإنها تضع أعمال انشاء آلية اقتصادية مفتوحة على أعلى المستويات العالمية في أولوياتها .
وتماشيا مع التغلب على العقبات التي خلفتها جائحة كوفيد – 19 في العالم، تحاول الصين انجاز تطورات جديدة في هذا الصدد من خلال عدة خطوات رئيسية تستهدف تنفيذ مبادرة “الحزام والطريق” بجودة وكفاءة بالاشتراك مع المناطق والدول الأخرى، إلى جانب المحافظة على استقرار قواعد تجارتها الخارجية وتدفق الاستثمارات الأجنبية فيها.
ومن ضمن هذه الخطوات الجديدة، تبرز الدولة دورا رائدا للمناطق الخاصة الاقتصادية مثل جزيرة هاينان ومدينة شنتشن، وتعزز أعمال التجارب المتعمقة الجارية فيها للإصلاح والانفتاح.
وعلاوة على ذلك، تفوض الدولة المزيد من السلطات والصلاحيات إلى المناطق التجريبية المخصصة للتجارة الحرة، وتعجل خطوات التجارب الاصلاحية فيها في سبيل بلورة المزيد من النتائج الإيجابية المفيدة لإصلاح النظام القائم في الدولة وتعميم تجاربها في انحاء البلاد.
وبعد اصدار الصين الخطة الكلية لبناء ميناء تجارة حرة في هاينان، أعلنت مصلحة الدولة للطيران المدني أن البلاد سوف تفتح الحرية السابعة للطيران المدني (Seventh Freedom of The Air ) في الجزيرة أمام شركات الطيران الأجنبية، ومن ناحية أخرى، تخطط لإصدار القائمة السلبية لتجارة الخدمات في ميناء التجارة الحرة في الجزيرة لتوفير معاملة وطنية لمقدمي الخدمات الأجانب.
أما في المناطق الوسطى والغربية في البلاد، فسيتم إنشاء المزيد من المناطق التجريبية للتجارة الحرة. فعلى سبيل المثال؛ تخطط بلدية تشونغتشينغ ومقاطعة سيتشوان في جنوب غربي الصين، لإنشاء مجموعة من منصات نموذجية مفتوحة في إطار منطقة سيتشوان – تشونغتشينغ للتجارة الحرة.
وتنشط منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي في شمال غربي الصين، في كسب فرص إنشاء منطقة تجارة حرة فيها، تماشيا مع استراتيجية تنميتها لبناء قاعدة صناعات في آسيا الوسطى ومحور تجاري ولوجستي يرتبط بدول في وسط وغربي وجنوبي آسيا.
ويعد الحفاظ على استقرار وسلامة زيادة استثمارات البر الرئيسي الصيني في الخارج مهما لاقتصاد الصين التي تركز أعمالها في هذا المجال على تحسين هيكلة استثماراتها في الخارج، وذلك من خلال تعزيز تعاونها مع الأطراف الأجنبية من حيث الطاقة الإنتاجية، وتقوية تعاونها مع الشركاء في توسيع الأسواق للطرف الثالث.
وخلال تفشي جائحة كوفيد-19، حصلت شركة الصين للسفن الشركة الصينية الوطنية لبناء السفن على طلبات إنتاجية بقيمة أكثر من 20 مليار يوان لمشروع الغاز الطبيعي المسال في دولة قطر .
وأشارت إحصاءات رسمية إلى أن الحجم السنوي لاستثمارات مؤسسات الدولة التي تديرها الحكومة المركزية في الخارج حافظت على مستوى يتخطى 300 مليار يوان في السنوات الثلاث الأخيرة.
وتنشط الصين في المشاركة في حوكمة الاقتصاد العالمي، وتؤكد على صيانة آلية التجارة الدولية المتعددة الأطراف، وتدفع نحو إنشاء مناطق إقليمية للتجارة الحرة على مستوى عالٍ مثل منطقة الصين – اليابان – كوريا الجنوبية للتجارة الحرة، والاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ (Comprehensive Progressive Trans-Pacific Partnership).
وفي الوقت ذاته؛ تواظب الصين على ترجمة نتائج الدورة الثانية لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي إلى واقع، وتدفع قدما أعمال بناء ممرات اقتصادية تربط الصين بمنغوليا وروسيا وباكستان وشبه جزيرة الهند الصينية، إضافة إلى تعزيز نشاط قطارات الشحن الصينية -الأوروبية .
وكشفت أحدث الاحصاءات الجمركية أن ميناء آلاشانكو الذي يمر به أكثر من 70 بالمائة من إجمالي قطارات الشحن الصينية – الأوروبية، قد شهد نمواً كبيراً بنسبة 68.4 بالمائة من حيث عدد القطارات الذي وصل إلى 453 قطارا في مايو المنصرم على أساس سنوي، على الرغم من التأثيرات السلبية الناجمة عن كوفيد-19.
ومع ذلك، لا يزال الحفاظ على استقرار الصادرات والواردات بشكل أساسي محورا مهما للصين في العام الحالي، حيث تشجع البلاد على القيام بالمفاوضات التجارية والمعارض الاقتصادية عبر الانترنت، وتطوير تجارة المحلات الالكترونية عبر الحدود، إضافة إلى تحويل منتجات المصدرين نحو الأسواق المحلية وغيرها.
وأشارت الاحصاءات إلى أن حجم صادرات وواردات المحلات الالكترونية الصينية عبر الحدود في الربع الأول من العام الحالي نما بنسبة 34.7 بالمائة على أساس سنوي رغم انخفاض إجمالي التجارة الخارجية الصينية بنسبة 6.4 بالمائة في نفس الفترة.
لقد نفذت الصين إجراءات تقليص القائمة السلبية لزيادة تدفق الرساميل الأجنبية إلى البلاد علاوة على تعميق أعمال الانفتاح في قطاعات الخدمات والمالية والتصنيع والزراعة لاستغلال الاستثمارات من الخارج.
وسلطت الأرقام الواردة من وزارة التجارة الضوء على تدفق الاستثمارات الأجنبية في الصين في العام الحالي، لافتة إلى أن الحجم المضاف للاستثمارات الأجنبية المستخدمة في البر الرئيسي الصيني قد بلغ 286.55 مليار يوان بانخفاض 6.1 بالمائة قياسا إلى نفس الفترة من العام الماضي، غير أن الرقم في ابريل المنصرم شهد ارتفاعا بمعدل 11.8 بالمائة ليصل إلى 70.36 مليار يوان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.