موقع متخصص بالشؤون الصينية

أمريكا ما زالت أسيرة الماضي

1

موقع الصين بعيون عربية ـ
الدكتور سمير حمدان*:
بعد سنوات من البلطجة السياسية والاقتصادية الأمريكية ضد معظم دول العالم، ومن ضمنها حلفائها في أوروبا وتركيا عضوة الناتو، بقيت الصين وروسيا على رأس القائمة كأعداء.
كلنا يتذكر جنون الرئيس السابق دونالد ترمب عند وصول فيروس كورونا لبلاده، إذ سارع لتسميته بالفيروس الصيني، وبادر للانسحاب من منظمة الصحة العالمية بحجة أن الصين تسيطر عليها. وهكذا، أظهرت جائحة كورونا نزق القيادة الأمريكية وجعلتها تتخبط في كل الاجراءات، وكان أكثرها ضرراً للشعب الأمريكي عدم أخذ خطورة الفيروس بعين الاعتبار، حيث تسارع عدد الضحايا والمصابين، وأصبحت الولايات المتحدة الدولة الأولى في العالم في عدد الوفيات والإصابات.
وفي ظروف تلحق الأذى بالبشرية جمعاء كهذه، كان من المتوقع أن تضع أمريكا يدها في يد الصين وروسيا وبقية دول العالم لابتكار أنجع الحلول لمقاومة الجائحة والتشارك العلمي في توفير بيئة مناسبة لإنتاج لقاحات مضادة للفيروس، وهذا ما لم يحصل بالطبع.
ومع مجيء الإدارة الجديدة بقيادة بايدن، كان من المتوقع أن تعيد هذه الإدارة النظر في كل السياسات التي ألحقت الضرر بالعالم، ومن ضمنه أمريكا نفسها. لكن العقل الباطن الأمريكي أعاد للواجهة تصريحات عنصرية وفوقية. القيادة الأمريكية الجديدة تتوعد بمعاقبة الصين وكأن الصين رجل صبي من الماضي يعمل أجيراً في أحد مصانعها.
تنسى أمريكا ـ أو تتناسى ـ أن الصين أمة عظيمة لها من التقاليد والتاريخ والجذور ما يفوق ما لدى أمريكا بألاف السنين. الصين دولة تستند إلى تاريخ ضارب الجذور، وأثبتت التجربة على مدار المائة عام المنصرمة أن الصين عملاق خرج من قمقمة، ولقد أنجزت هذه الدولة في مجال العلوم والاقتصاد وفي كثير من النواحي أكثر مما أنجزته أمريكا.
لقد رسخت الصين ثقافة الأمن والسلام والازدهار لكل شعوب العالم. وكانت السياسة الصينية القائمة على قاعدة “رابح ـ رابح” مفتاح علاقاتها مع دول العالم. وكانت فكرة إحياء طريق الحرير التي رصدت لها الصين المليارات أكثر المبادرات جرأة على المستوى العالمي. ومع الوقت انضمت عشرات الدول للمبادرة وأصبحت أمراً واقعا لا فرار منه. وربما يكون النجاح الصيني هو ما أرعب القيادة الأمريكية التي بنت وتبني نجاحاتها على الحروب واستغلال الشعوب والدول الفقيرة. في الوقت الذي لم يخرج فيه جندي صيني خارج بلاده الا للمساهمة في مهمات قوات حفظ السلام العالمية، فإن القوات الأمريكية تعيث فساداً في أمكنة كثيرة في العالم.
بات في حكم المؤكد أن العالم مل الوقوف على ساق واحدة، ولم يعد مقبولاً ضرب القانون الدولي بعرض الحائط والاحتكام لسياسة الغطرسة والقوة ولعب دور الشرطي الأمر الناهي للسيطرة على القرار العالمي. أمريكا لا تريد الإقرار طواعية بأن العالم قد تغير ولا تريد أن تتعلم من تجاربها الفاشلة في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وأفغانستان.
ستشهد الأيام القادمة نهوضاً صينياً وروسياً غير مسبوق. وعلى أمريكا أن تتواضع وتضع يدها في أيديهما لتحقيق الأمن والرفاه والاستقرار لكل دول الكوكب. وبعكس ذلك ستجد أمريكا نفسها وكأنها ثور يناطح بقرون من خشب.
*باحث مهتم بشؤون الصين ـ من الأردن.

تعليق 1
  1. محمد عبدالقادر يقول

    التنين قاد ليدوس الحمار و الفيل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.