موقع متخصص بالشؤون الصينية

تغيير النظام في سوريا لا يمكن أن يكون عن طريق التدخل الخارجي

0


صحيفة الشعب الصينية:
تعتبر المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول خطا أحمر. حيث أن تغيير أي النظام عن طريق التدخل الخارجي يدفع ثمنه الشعب، كما يؤثر ذلك أيضا على نظام العلاقات الدولة بالكامل.

إن المخرج الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي. لكن الاضطرابات التي شهدتها وساطة كوفي عنان والتأخير في تنفيذ قرارات مجلس الأمن في ذات الصلة يرجع إلى ثياب بعض الدول على طريقة التدخل الخارجي لتحقيق تغيير النظام السوري.

الشعب السوري هو من لديه القرار فقط في إنهاء الحياة السياسية لقادتهم. كما أن قرار إبقاء أو الإطاحة بهم لا يمكن أن تكون إلا بموافقة داخلية، وسيحترمه المجتمع الدولي. وإن تغيير النظام عن طريق الشعب سوف يسرع من إيقاف النزاع الدموي ،ويضمن المصالحة الوطنية،وسوف تتاح الفرصة لإعادة إحلال السلام.

إن قرار اختيار الحزب الحاكم في أي دولة يقرره الشعب وليس القوى الخارجية، وهذا طبعا لا يخص سوريا فقط، بل قضية مبادئ دولية. حيث أن الخلط بين الحق والباطل سوف يدفع ثمنه الشعب. وليبيا درس ينبغي الاستفادة منه. حيث أن تدخل منظمة حلف شمال الأطلسي لطي صفحة عصر القذافي كلفت أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء الليبيين، إذ لم يدرس من قبل في كيفية شفاء الشعب الليبي من جروح هذه الحرب.

صدرت “مجموعة العمل” من اجل الأزمة السورية مؤخرا بيانا الذي توصل إليه مختلف الأطراف المشاركة جاء فيه بأن القضية السورية ستدخل مرحلة الانتقال السياسي خلال الفترة القادمة. حيث ذكر البيان بوضوح، ضرورة جمع مختلف الأطراف بما في ذلك الحكومة السورية الحالية والمعارضة وشخصيات أخرى، وفقا لـ”آلية إدارة انتقالية” والاعتراف المتبادل. وكان لهذه التسوية السياسية للازمة السورية أهمية كبيرة. وإن تجاهل مجموعة العمل للتوافق الثابت، ووضع التخلص من قادة سوريا كهدف أساسي يزيد من الصراع الدموي، وجوهره يقع في القصد الاستراتيجي لإنشاء ” نموذج التدخل في المستقبل” على حساب الكوارث الإنسانية في سوريا.

إن استخدام التحالف العسكري الأقوى عالميا الصواريخ البالستية لتغيير نظام بلد صغير ليس صعبا. وإن الأصوات التي تنادي بالتدخل الخارجي لتغيير النظام، للحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية مليئة بالإحساس بالعدالة والمسؤولية. لكن أ ليست الهجمات والتفجيرات بعد 10 سنوات من تغيير النظام كارثة إنسانية أيضا؟ فمنذ بداية القرن الجديد ثبت الحروب مرارا وتكرارا أن ” الديمقراطية” و” الإنسانية” ستار القوى الخارجية التي تسعى به لتحقيق مكاسب شخصية.

إن عدم الموافقة على تغيير النظام عن طريق التدخل الخارجي، ليس فقط نابع من مسؤولية المحافظة على استقرار وسلامة شعوب تلك الدول ،بل أيضا للحفاظ على النظام الدولي القائم حاليا. كما أن المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية هي المبادئ التوجيهية الأساسية التي حددها ميثاق الأمم المتحدة. ويجعل شعوب العالم تتطلع إلى إنقاذ الأجيال القامة من ويلات الحروب، والعيش بسلام مع بعضها البعض.

يعتبر احترام المعايير الأساسية لميثاق الأمم المتحدة احتراما للحكمة البشرية كما إرساء حجر الزاوية في بناء الأمم المتحدة. وكما قال كوفى أنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، فى ربيع عام 2003 عندما حاولت الولايات المتحدة إقناع المنظمة بمنحها تفويض لشن ضربة عسكرية على العراق “أعرف أن هناك آراء مختلفة في الكونغرس الأمريكي ، لكنها لا تهمنى، فلا تستطيع الأمم المتحدة تغيير رئيس دولة. وهذا غير مشروع في إطار المنظمة”.

كما كتب وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر مقالا في ” واشنطن بوست”في شهر يونيو هذا العام، ذكر فيه أن البلدان الأوروبية وقعت على معاهدة ويستفاليا الشهيرة عام 1648 التي تتضمن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وهذا القانون ينبغي التمسك به وإلا فإن العالم سوف يشهد فوضى عارمة.

ليست هناك معاهدة تعطي الصالحية لبعض القادة الأجانب الإطاحة بقادة دول أخرى أو طلب منهم الاستقالة من منصبهم. وإن الوصفة الطبية للتعامل مع الشؤون الدولية من اختصاص الأمم المتحدة وليس التدخل الخارجي.

إن الالتزام بالمبادئ والتشجيع للتوصل إلى التسوية السلمية في الأزمة السورية، وترويج لاستقرار الوضع في منطقة الشرق الأوسط، هو موقف الصين الثابت. حيث يرعى هذا المصالح الجوهرية للشعب السوري، كما يعكس الشعور الصيني العالي كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي بالمسؤولية لتحقيق السلام العالمي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.