أهمية الذكاء الاصطناعي في تطوير التبادل الثقافي بين الصين والعالم العربي
موقع الصين بعيون عربية –
فاطمة لمحرحر*:
يبدو أنه بحلول القرن الجديد، أصبح الذكاء الاصطناعي يتمتع بإمكانات هائلة لتسريع التقدم، حيث أصبحنا نقف عند حقبة جديدة يعمل فيها الذكاء الاصطناعي على تغيير حياتنا بسرعة فائقة، مما سيغير بشكل كبير الطرق الني نعمل بها ونتعلم بها، وحتى تلك التي نعيش بها؛ ففي كل سنة نرى تقدما يحرز في جميع أنحاء العالم من أجل توسيع نطاق بالاستفادة من الدعم المقدم من الذكاء الاصطناعي لحل المشكلات التي يعرفها العالم،بهدف إحداث أثر على الصعيد العالمي.
اليوم يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الثقافية على نطاق واسع، كما هو الحال بالنسبة للتصوير الثلاثي الأبعاد في إعادة بناء التراث، أو إنتاج أعمال فنية يفوق مستواها ما يبدعه الفنانون والمصممون والنحاتون، أو ضمان مستوى عال من التعلم المستمر حسب قدرات كل طالب على الاستيعاب والتقييم.
وجدير بالذكر في هذا السياق، بأن العامل الثقافي من بين العوامل المؤثرة في السياسة الخارجية الصينية مع الدول العربية، وقد أدركت الصين هذا الأمر بالعمل على إضفاء الطابع المؤسساتي على استراتيجيتها الثقافية، من خلال إنشاء معاهد كونفوشيوس في مختلف الدول العربية، إضافة إلى سعيها لإنشاء المراكز الثقافية الصينيةبالتعاون مع الجامعات أو المنظمات في البلدان المستقبلة، في محاولة للانتشار على نطاق واسع من خلال نسج شبكة ثقافية عبر العالم العربي للترويج لحضارتها، ادراكا منها لأهمية الجانب الثقافي في تعزيز التعاون في المجال الاقتصادي مع الدول العربية، خاصة وأن هناك فرصا كبيرة للتعاون الثقافي بين الصين والبلدان العربية اللذين تجمعهما الكثير من المشتركات، مثل التحديات التنموية والعقلية الشرقية المحافظة.
وارتباطا بما أسلفنا، فإن التعاون الثقافي يشكل مكونا أساسيا للحوار بين الثقافة الصينية والعربية، انطلاقا من الدور الاستراتيجي المتوقع أن تلعبه الصين على الساحة الدولية، ويمكن القول في الوقت نفسه أن هناك عددا من التحديات الثقافية التي تواجه الدول العربية والصين في علاقاتهما، وهي تحديات ناتجة من حاجز اللغة وعامل البعد الجغرافي.
وبالتالي، فإن التغلب على هذه المعوقات سيساعد دون شك في تعميق التفاهم المتبادل لتحقيق المنفعة المتبادلة، وتعزيز التبادل الثقافي بين الجانبين، وفي هذا السياق يمكن للذكاء الاصطناعي أن يشكل أداة مهمة لتطوير التبادلات الثقافية نظرا للدور الرئيسي الذي أصبحت تلعبه الآلات الذكية في تقديم المعرفة وتحفيز الابداع والمشاركة، خاصة في ميادين التعليم والثقافة، فالنُهج العديدة للذكاء الاصطناعي ستسمح للدول العربية والصين من انتاج أعمال ثقافية قد تؤدي دورا في تسريع عملية التنمية الثقافية، كما يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تساهم أيضا في توطيد جسور التعاون الثقافي وتقريب وجهات النظر والمواقف حول قضايا المنطقة العربية.
وهكذا، فإن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يمثل بالنسبة لبكين والعالم العربي وسيلة لتحقيق أهدافهما التنموية؛ من خلال ضخ التمويل في البحث لدعم قدرات الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، في إطار المشروع الجيوسياسي والدبلوماسي لمبادرة الحزام والطريق الذي يعد بمثابة منصة لإيجاد منافذ اقتصادية وصناعية لأبْطال الذكاء الاصطناعي.
* أكاديمية وباحثة سياسية