تحقيق إخباري: المحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة في السويد تثير آمالا عالمية
يجذب مبنى روزنباد التاريخي، الكائن على ضفاف مياه بحيرة مالارين الصافية كالمرآة، اهتماما دوليا هذا الأسبوع، حيث تعقد الصين والولايات المتحدة جولتهما الثالثة من المحادثات التجارية رفيعة المستوى.
يُعقد اجتماع ستوكهولم في مكتب رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، ويأتي عقب المحادثات التجارية التي جرت بين الصين والولايات المتحدة في جنيف في مايو ولندن في يونيو. وتشكل هذه المناقشات جزءا من الجهود الجارية الرامية إلى تخفيف التوترات الثنائية وتهدئة الخلافات المتعلقة بالرسوم الجمركية التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي.
بدأ الصحفيون بالتجمع أمام موقع الاجتماع في وقت مبكر من صباح الاثنين. وبحلول الوقت الذي وصل فيه المسؤولون التجاريون حوالي الساعة الثانية بعد الظهر بالتوقيت المحلي (12:00 بتوقيت غرينتش)، كان أكثر من 60 صحفيا من جميع أنحاء العالم قد احتشدوا في المكان. وأعرب مراسل رويترز عن أمله في “تحقيق شيء ملموس – ربما تمديد إضافي للرسوم الجمركية أو وضع مسار نحو تخفيفها”.
ورحب رئيس الوزراء كريسترسون بهذا الحدث عبر منصة التواصل الاجتماعي ((إكس)) قائلا “أتطلع إلى الاجتماع مع ممثلي الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية على الأراضي السويدية. أهلا بكم في السويد!”

ومنذ مايو، تعمل الدولتان على تنفيذ التوافق الذي تم التوصل إليه خلال مكالمة رئاسية جرت مؤخرا. وتتمحور هذه الجهود حول خفض الرسوم الجمركية المفرطة والهدف المشترك المتمثل في تهدئة الاحتكاكات بين أكبر اقتصادين في العالم.
وتُعد محادثات ستوكهولم الاجتماع الثالث من نوعه في غضون ثلاثة أشهر، وتأتي قبل أيام قليلة من انتهاء فترة هدنة جمركية مدتها 90 يوما اتفق عليها الجانبان. كما أن اقتراب موعد 12 أغسطس يزيد من ضرورة عقد هذا الحوار، الذي يؤكد التزام البلدين بحل خلافاتهما عن طريق التفاوض وليس المواجهة.
ووصف كريسترسون اجتماع ستوكهولم بأنه “تطور إيجابي”، مشيرا إلى أن تأثير هذا الاجتماع يتجاوز التجارة الثنائية إلى حد كبير. وقال إن “هذه المناقشات تؤثر بشكل كبير على التجارة العالمية والاقتصاد العالمي”.
وأيد أولف بيرسون، رئيس مجلس التجارة السويدي-الصيني، هذا الرأي قائلا إن “الحروب التجارية – لا يوجد فيها فائزون”، مشيرا إلى أنه “بالنسبة للعديد من الشركات السويدية التي لديها حصص في كل من السوقين الأمريكي والصيني، فإن الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة يُعد أمرا حيويا”.
وأشاد بالمحادثات الجارية واصفا إياها بأنها “خطوات في الاتجاه الصحيح”، وشدد على أن أي تحرك للحد من التوترات سيكون موضع ترحيب من قبل الشركات السويدية.

واستحوذت الجولة الثالثة من المحادثات التجارية على اهتمام المراقبين الدوليين. ومن جنيف إلى لندن والآن ستوكهولم، يُنظر إلى هذا الزخم المستدام نحو الحوار باعتباره عاملا بالغ الأهمية في ظل فترة تكتنفها حالة من عدم اليقين الاقتصادي.
وفي نفس السياق، أفادت هيئة الإذاعة الوطنية الفنلندية ((يلي)) بأن الجانبين يسعيان إلى إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، وهي بادرة يُنظر إليها على أنها يمكن أن تكون مفيدة للمشهد التجاري العالمي الأوسع نطاقا.
فقد ذكر فيليب مونييه، الخبير الاقتصادي السويسري والمدير التنفيذي السابق لـ((جريتر جنيف بيرن))، وهي وكالة للترويج الاستثماري في غرب سويسرا، أن “التحدث أفضل بكثير من عدم التحدث”. لافتا إلى أنه “من المهم جدا مواصلة الحديث بروح طيبة”.
ومن جانبه، أشار يان نوريتش، أستاذ دراسات الصين والاقتصاد السياسي العالمي في كلية كينغز كوليدج بلندن، إلى أنه “رغم صعوبة حل بعض الخلافات الاقتصادية والتجارية الأعمق على المدى القصير، إلا أن إجراء المزيد من المحادثات الثنائية يمكن أن يساعد في تخفيف التوترات ويؤدي إلى تقدم تدريجي في مجالات معينة”.
ويتفق المحللون في أن إحراز تقدم ملموس سوف يتطلب من الجانبين الالتقاء في منتصف الطريق وترجمة الإجماع رفيع المستوى إلى سياسات عملية قادرة على استعادة الثقة في العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

ومع دخول المفاوضات إلى ما يطلق عليه المراقبون “المياه العميقة”، يزداد تعقيد المواضيع المطروحة. وتتطلب هذه المرحلة تواصلا صريحا، وتفاهما متبادلا، واستعدادا لتضييق هوة الخلافات من خلال الحوار البناء.
وأشار المراقبون إلى أن التاريخ أثبت أن استقرار العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة يصب في صالح البلدين ويعود بالنفع على العالم بأسره.
وقد استرعى الحراك خارج مبنى “روزنباد” فضول المارة، ومن بينهم سائح أسترالي تحدث مع الصحفيين قائلا “نحن نشعر بالفعل بثقل الرسوم الجمركية العالية. حظا موفقا لكم جميعا!”