موقع متخصص بالشؤون الصينية

التحديث الصيني النمط يضخ حيوية جديدة لتوسيع التعاون الصيني-العربي

0

وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:
وسط الجهود المتواصلة التي تبذلها الصين لدفع عملية التحديث الصيني النمط، تتدفق كثير من الصناعات الناشئة التي تتماشى مع رؤى الدول العربية للسعي إلى التنوع الاقتصادي والتحول الرقمي، ما يسهم بالتالي في توسع آفاق التعاون الصيني-العربي من المجالات التقليدية مثل الطاقة إلى ميادين جديدة مثل التصنيع الذكي والزراعة الحديثة والتنقل الذكي، الأمر الذي يشكل وضعا تعاونيا متعدد المستويات.

وفي هذا السياق، أعرب عبد الله محمد أبو الغيث، نائب رئيس مجلس الشورى اليمني، خلال مقابلة صحفية على هامش الدورة الـ11 لمؤتمر الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية التي عقدت في العاصمة الصينية بكين مؤخرا عن إعجابه بمسار التحديث الصيني النمط، مشيرا إلى أن الصين حققت قفزة سريعة وعالية وموفقة في التحديث في جميع مجالات الحياة وقطعت شوطا كبيرا في تقدم العلم والمعرفة والابتكار والذكاء الاصطناعي.

وفي أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، تبرز مزرعة صحراوية تم إنشاؤها بالتعاون بين مجموعة “شوقوانغ” لصناعة الخضروات، وهي شركة صينية مشهورة في مجال الخضراوات، وبين شركة “سلال” الرائدة في مجال المنتجات الغذائية والتكنولوجيا الزراعية في إمارة أبوظبي. ويمكن للموظفين في المزرعة تعديل درجات الحرارة والرطوبة في الوقت الفعلي وإتمام الري والتسميد في المزرعة من خلال تطبيق الهاتف المحمول. وبالإضافة إلى ذلك، تتميز المزرعة بالقدرة على إمداد الطاقة الكهربائية الخضراء للدفيئات من خلال حلول التخزين الضوئي الذكية.

وتتمتع هذه المزرعة الصحراوية بالقدرة على توفير ألفي كيلوغرام من الطماطم وألفي كيلوغرام من الطماطم الكرزية وثلاثة آلاف كيلوغرام من الفلفل الملون يوميا في موسم درجات الحرارة المرتفعة.

وخلال شهر مايو الماضي، وقعت مجموعة “شوقوانغ” وشركة “سلال” شراكة استراتيجية لاستثمار أكثر من 120 مليون درهم إماراتي (الدولار الأمريكي يساوي حوالي 3.67 درهم إماراتي) في إنشاء مجمع ذكي للتقنيات الزراعية في منطقة العين على مساحة تقارب 100 ألف متر مربع.

وسيعتمد هذا المشروع على تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات لتحسين كل مرحلة من مراحل الإنتاج من الزراعة الدقيقة إلى عمليات ما بعد الحصاد وزيادة الكفاءة التشغيلية، حيث يشمل ذلك أنظمة تحكم مناخي ذكية وريا آليا وروبوتات خاصة للحصاد ومختبرات بحث وتطوير تعتمد على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي.

أما في مجال التنقل الذكي، فتجذب الأسواق الواعدة في الدول العربية شركات صينية لتعميق التعاون معها.

 

طائرة مسيرة لنقل الركاب من طراز “إي إتش 216- إس” لشركة “إيهانغ” تحلق بين ميناء الدوحة وقرية كتارا الثقافية في مدينة الدوحة. (صورة مقدمة من شركة “إيهانغ”/شينخوا)

 

وخلال شهر نوفمبر الماضي، أكملت طائرة مسيرة لنقل الركاب من طراز “إي إتش 216- إس” طورتها شركة “إيهانغ” الصينية الرائدة في مجال مركبات الإقلاع والهبوط العموديين الكهربائية، رحلتها بين ميناء الدوحة وقرية كتارا الثقافية في مدينة الدوحة عاصمة دولة قطر، ما مثل أول رحلة لها بين نقطتين داخل مدينة في الشرق الأوسط وقدم نموذجا صينيا لتعزيز تطبيق سيناريوهات النقل الجوي المتقدم المستقبلي للمنطقة.

ومن قبل، كانت شركة “إيهانغ” قد شاركت في برنامج لتطوير نظام النقل العام الموجه نحو المستقبل في أبوظبي وانضمت إلى مجمع صناعة المركبات الذكية وذاتية القيادة في أبوظبي، كما أبرمت شراكة استراتيجية مع شركة “وينجز للخدمات اللوجستية” للإسهام في تنمية النقل الجوي الذكي في دولة الإمارات، فيما أكملت طائرات دون طيار تابعة لشركة “إيهانغ” رحلات في دبي وأبوظبي أيضا.

ومن جانبها، حصلت شركة “تشونغتونغ” الصينية للحافلات خلال شهر فبراير الماضي على طلب شراء من دبي يشمل 91 حافلة ركاب. ومن بين ذلك، يبلغ عدد الحافلات الكهربائية بالكامل 40 حافلة، ما سجل أكبر طلبية للحافلات الكهربائية بالكامل في دولة الإمارات. كما يعد ذلك المرة الأولى التي تدخل فيها علامة تجارية صينية للحافلات نظام النقل العام في دبي.

وقالت الشركة إن جميع الحافلات مزودة بأنظمة ذكية متقدمة تشمل مراقبة سلوك السائق والعد التلقائي للركاب فضلا عن توفير خدمات “الواي فاي” ومنافذ شحن الهواتف المحمولة وتصميم الأرضية المنخفضة وحوامل الدراجات ومقاعد مخصصة للأطفال.

وتابعت أن هذه الحافلات المخصصة للمناخ الخاص بمنطقة الخليج مجهزة أيضا بنظام متقدم لإدارة حرارة البطاريات، ما يضمن عملها بشكل مستقر حتى في درجات الحرارة العالية التي تتجاوز 50 درجة مئوية وفي ظل العواصف الترابية.

وفي هذا السياق، قالت لجين سليمان الباحثة السورية في مركز أبحاث الإمارات التابع لجامعة تشجيانغ للعلوم الصناعية والتجارية إن التعاون الصيني-العربي يمثل نموذجا واعدا لأنه يجمع بين خبرة الصين العملية في التنمية وبين طموح العالم العربي لبناء مستقبل أكثر استقلالا وازدهارا.

وأشارت سليمان إلى أن التعاون الصيني- العربي برز خلال السنوات الأخيرة كأحد النماذج الجديدة في العلاقات الدولية التي تقوم على الاحترام المتبادل ومشاركة الخبرات لا على فرض التبعية.

وأضافت سليمان: “إن تبادل الخبرات في الحكم والإدارة لا يهدف إلى نسخ التجارب، بل إلى استخلاص القيم المشتركة التي تمكننا من صياغة طريقنا الخاص نحو التحديث والذي يجمع بين الهوية الوطنية والانفتاح العالمي وبين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية”.

وبدوره، قال أبو بكر بشير محمد مستشار رئيس الوزراء لجمهورية الصومال الفيدرالية إن التجربة الصينية في الحكم والإدارة أثبتت خلال العقود الماضية أن النجاح ليس وليد الصدفة، بل نتاج رؤية طويلة المدى وتخطيط إستراتيجي صارم وقدرة فائقة على تحويل التحديات إلى مشاريع ملموسة تلبي تطلعات الشعوب.

وأضاف: “من المدن الذكية إلى التحول الرقمي، ومن إدارة البنية التحتية العملاقة إلى الحوكمة المؤسسية الدقيقة، تقدم الصين نموذجا يمكن للدول العربية الاستفادة منه بشكل عملي وواقعي، لا كنقل أعمى أو غير رشيد للنماذج، بل كإلهام لبناء قدرات محلية مؤسسية ترتقي بالإدارة العامة وتحسن الخدمات وتعزز الشفافية والكفاءة”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.