موقع متخصص بالشؤون الصينية

اقتصاد الصين يعود للسباق بقوة!

0

economy1.497631
موقع الاسلام اليوم:
من المزمع أن يكشف الرئيس الصيني, شي جينبج, ورئيس وزرائه لي كه تشيانج الشهر المقبل النقاب عن أولويات الصين لإصلاح السياسة الاقتصادية بالنسبة للعقد المقبل، برغم أن بعض المتشائمين بدءوا بالفعل في رفض الإصلاحات باعتبارها قليلة، ولا تتسم بالجرأة كما أنها جاءت متأخرة.

قبل عقد من الزمان، أخفق الجيل السابق من الزعماء في الحد من نفوذ الشركات المملوكة للدولة واستكمال الإصلاحات الاقتصادية التي كان من المقرر إجراؤها في خلال التسعينات, بيد أن احتمالات هيكلة اقتصاد الصين فيما يتعلق بتعزيز دور السوق وتوفير فرص أكبر للشركات الكبيرة والمتوسطة وتخصيص رأسمال أكثر كفاءة وتحسين التوازن بين الاستهلاك والاستثمار- هي أفضل مما كانت عليه في أي وقت منذ التسعينات.

هناك أربعة أسباب للتفاؤل فيما يتعلق باقتصاد الصين:

أولاً: قادة الصين يفهمون بوضوح أن نموذج النمو الاقتصادي في الصين في حاجة إلى تغيير.

يظهر ذلك جليا في خطابات كل من الرئيس الصيني ورئيس وزرائه رأسمالهما السياسي للخطر من خلال تشجيع الإصلاح الاقتصادي، كما قاما بوضع الخطط واعتماد البرامج التجريبية, مثل منطقة التجارة الحرة في شانغهاي, ومن شأنها تعزيز السوق وترشيد تخصيص رأس المال، على سبيل المثال من خلال السماح لمزيد من المنافسة الأجنبية، ومزيد من التذبذب في أسعار الفائدة.

أما الإصلاحات الأخرى، والتي تشمل تحرير أسعار الفائدة على الودائع، فلا تزال في حاجة إلى إعداد, ولكن تجربة تحرير أسعار الفائدة على القروض تعتبر خطوة إيجابية للغاية، وهذه هي إشارة بكين إلى أنها قد تفتح المزيد من القطاعات الاقتصادية أمام المنافسة من خلال معاهدة الاستثمار الثنائية مع الولايات المتحدة.

ثانيا: قادة الصين الجدد لديهم من القوة ما يكفي لممارسة الضغط من أجل إحداث تغيير.

يبدو ذلك من خلال تاريخ الإصلاح الاقتصادي الصيني أن القيادة المركزية القوية أمر ضروري، كان الرئيس الصيني السابق دينج شياو بينج المخطط، الذي لديه العزيمة والذي قام بإصلاحات الصين الأولى في عام 1978 وإعادة تنشيطها في 1992, أما تشو رونج جي، رئيس الوزراء في عهد الرئيس جيانج تسه مين، فقد نجح في إصلاح النظام الضريبي والصناعات التي تسيطر عليها الدولة، والتي مهدت الطريق لانضمام الصين إلي منظمة التجارة العالمية في 2001.

لكن منذ ذلك الحين، توقفت الإصلاحات وكان السبب الرئيسي يرجع إلى تبخر الالتزام السياسي في بكين، وأشار القادة الجدد أنهم على استعداد للتحرك، وأظهرت حملة مكافحة الفساد التي بدأها الرئيس الصيني شي جيبنج رغبة في تحمل حتى الركائز الأكثر حساسية سياسياً للاقتصاد الذي تقوده الدولة.

ثالثاً: الصين لم تعد لديها الرفاهية لتأخير القيام بالإصلاحات اللازمة، فقد توسع الناتج الاقتصادي للصين ست مرات خلال الفترة بين 2002 و 2012 ليرتفع من 1.5 تريليون دولار إلى 3.8 تريليون دولار، ولكن هذا النمو ساعد على تعزيز الشعور بعدم الاكتراث، فقد نجح في اجتياز الأزمة الاقتصادية من خلال إنفاق عملاق على الأشغال العامة، ولكن كان هذا من شأنه فقط أن يؤجل يوم الحساب.

والافتراض أن الصين يمكنها ببساطة تحقيق النمو بطريقتها بعيداً عن أي مشاكل لم يعد موجودًا، فالنمو يتباطأ واتسعت فجوة اللامساواة، وارتفعت ديون الدولة المحلية والإقليمية, كما تواجه القطاعات الموجهة للتصدير في الصين رياحًا معاكسة قاسية، تتراوح بين تناقص طلب المستهلك في الأسواق المتقدمة إلى ارتفاع تكاليف العمل.

رابعاً: التوقعات العامة بحدوث تغيير هي أعلى من أي وقت مضى، وعندما تم تعيين القادة الجدد في العام الماضي، تمت مقارنتهم بأسلافهم بصورة كانت في صالحهم، حيث تمت مقارنتهم بالرئيس السابق هو جينتاو ورئيس الوزراء وين جيابو, غير أن شهر العسل بالنسبة لـشي ولي، اللذين توليا الحكم في شهر نوفمبر الماضي، قد انتهى.

وعلى نحو متزايد، يتم قياس شي ولي في مقابل جيانج الجريء، زعيم الحزب الشيوعي خلال الفترة من 1989-2002، وتشو الذي تولي رئاسة الوزراء خلال الفترة من (1998- 2003) وهكذا تتزايد الحاجة إلى حدوث تغيير, كما أن هناك زخماً لإجراء إصلاحات من شأنها عرض أسعار السوق بالنسبة للنفط والغاز وغيرهما من الموارد الطبيعية، حتى يتسنى للأسعار أن تعكس بصورة أفضل العرض والطلب بدلاً من القرارات الرسمية، وقد كان التسعير المشوه أحد أسباب عدم كفاءة الطاقة في الصين والتدهور البيئي.

ومثلما هو الحال في الخطوات الجديدة التي يتم اتخاذها نحو تحرير أسعار الطاقة، تعتبر منطقة التجارة الحرة بشنجهاي مؤشراً إيجابياً آخر، وهناك حاجة إلى المزيد، مثل زيادة فرص الحصول على رأس المال وخيارات استثمارية أكبر وحماية من مخاطر تدفقات رأس المال العشوائية، إذا ما أردنا أن تصبح شانغهاي مركزًا ماليًا عالميًا.

ومن المرجح البدء في دورة جديدة من الإصلاحات المالية، والتي من شأنها أن تؤدي إلى تخصيص أكثر ترشيداً للموارد بين الحكومات المحلية والمركزية، والتي تكافح من أجل إعادة بناء الريف ونظم الرعاية الصحية اللذين أصابهما الضعف وإدارة أكبر مشروع لتوسيع النطاق

الحضري في تاريخ البشرية بطريقة مستدامة، بينما تدفع لتنفيذ الأوامر غير الممولة من قبل بكين وتحافظ على النمو الوظيفي.

ليس بالإمكان تحقيق هذه المجموعة الواسعة من الإصلاحات المحددة بضربة، وبالتأكيد ليس في اجتماع واحد للحزب، غير أن القرارات التي من المحتمل أن تتخذ في نوفمبر ستضع اقتصاد الصين في اتجاه جديد إيجابي ودائم. الاقتصاديات المتقدمة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اعتمدت على ذلك مثلما هو الحال في الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.