موقع متخصص بالشؤون الصينية

زعامة العالم بين أميركا والصين!

0

USAChinaFlag
صحيفة المستقبل اللبنانية:
عبدالزهرة الركابي:
حذّر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أخيراً، الصين من إنشاء منطقة دفاع جوي فوق بحر الصين الجنوبي شبيهة بتلك التي أعلنتها فوق بحر الصين الشرقي في أواخر تشرين الثاني الماضي.
و جاءت تصريحات كيري في مستهل زيارته الأخيرة إلى الفيليبين ويمكن أن تؤدي هذه الزيارة إلى تسريع التوصل إلى اتفاق حول تواجد عسكري أميركي متزايد في الأرخبيل، حيث تشهد شرق آسيا ازدياد توتر ملحوظ بين الصين وجيرانها لا سيما اليابان، ما استلزم من وزير الخارجية الأميركي جون كيري موقفاً معترضاً على سياسات بكين في بحر الصين الجنوبي.
وكانت الفيليبين قد لجأت في كانون الثاني العام 2.13 إلى محكمة تحكيم تابعة للأمم المتحدة حول سيادتها على جزر صغيرة في هذه المنطقة منها (أتول سكاربروغ) التي تقع على بعد 220 كيلومتراً وتعتبر من أبرز الجزر الفيليبينية والتي تحتلها السفن الصينية منذ العام 2.12.
هذا وقد ازداد التوتر بين بكين وجيرانها، ومنها الفيليبين، خلال السنوات الأخيرة بسبب مطالبات هذا الطرف وذاك بالسيادة على بحر الصين الشرقي، فيما تطالب الصين بالسيادة الكاملة تقريباً على هذا البحر الذي يعتبر مفترق طرق بحرية حيوية للتجارة العالمية والذي يحوي احتياطات محتملة من النفط والغاز وثروة سمكية كبرى.
من جهتها، وجهت الصين نداءً على لسان المتحدث باسم خارجيتها هوا تشون ينغ، دعت فيه اليابان إلى احترام المخاوف الأمنية العادلة والمعقولة لدول المنطقة، بعد قرار اليابان الأخير بزيادة ميزانية الإنفاق الدفاعي.
وأشار تشون ينغ إلى أن القرار الياباني الأخير سيترك تأثيراً كبيراً على الأمن في المنطقة، داعياً إياها للمساهمة في حفظ الأمن وجهود التنمية السلمية فيها، كما دعا تشون ينغ المجتمع الدولي إلى أن يتخذ أعلى درجات الحذر من الإجراءات التي أقدمت عليها اليابان.
يذكر أن الحكومة اليابانية قد أقرت مؤخراً زيادة بمعدل 5 % على مصاريفها العسكرية خلال السنوات الخمس المقبلة لشراء تجهيزات دفاعية في عز التوتر مع الصين.
وفي موقع (ذا دبلومات)، عرض زهانغ يولينغ، مدير معهد دراسات آسيا المحيط الهادئ وعضو هيئة استشارية سياسية لدى الدولة الصينية، رؤيته لمستقبل القوة الصينية الصاعدة، وكتب في مقال يقول: “منذ أن بدأت سياسات الإصلاح والانفتاح في الصين في أواخر السبعينات، كان متوسط النمو الاقتصادي السنوي في البلاد بحدود 10 %، وفي الوقت الراهن، يحتل الناتج المحلي الاجمالي للصين المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة، والصين هي اليوم أكبر مصدر ومستورد في العالم، كما أنها تملك أكبر احتياط للعملات الأجنبية في العالم، وإلى جانب الصعود الاقتصادي البارز للصين، تعاظم دور الصين بقدر مهم في التنمية والتأثير على الصعيدين الإقليمي والعالمي”.
وبحسب العديد من توقعات الخبراء والمؤسسات المتخصصة فإن الصين ستتفوق على الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030.
وقد استفادت الصين كثيراً من الاندماج في السوق العالمي والمشاركة في النظام الاقتصادي الدولي القائم، لأن هذا ساعدها على إصلاح نظام التخطيط المركزي الذي كانت تعتمده في الماضي، واستيعابها بسرعة في الاقتصاد العالمي، وهذه العملية مهيأة للاستمرار في المستقبل، لأن الصين ليس لديها أي سبب يدعوها لعكس مسار كان له مثل هذه النتائج
الإيجابية، وبحكم كونها قوة صاعدة جديدة، ستصبح الصين بطبيعة الحال لاعباً أكثر أهمية في صنع التطور على كلا الصعيدين العالمي والإقليمي.
إن صعود الصين سينهي، في نهاية المطاف، النظام العالمي الحالي الذي يسيطر عليه الغرب، ولكنه لن ينهي العالم الغربي، كما يتخوف أولئك الذين في الغرب يدقّون نواقيس الخطر، ففي عالم مترابط إلى حد بعيد، يكمن مستقبل المجتمع البشري في تعاون حقيقي من قبل جميع الأطراف.
وصحيح أن الإدارة الأميركية في خطابها السائد لم تنس التزام واشنطن بقضايا المنطقة على صعد الأمن والاستقرار والسلام، بيد أن شبكة (إيه. بي. سي.) الإخبارية الأميركية، قد أكدت في هذا الجانب أن واشنطن بدأت تتخلى عن منطقة الشرق الأوسط لدعم أحلامها بالريادة والتقدم، متوجهة بطموحاتها للاستيلاء على جنوب القارة الآسيوية.
وعلى كل حال، تظل بوادر الحرب الباردة الجديدة محصورة في آسيا الجنوبية، بيد أن هذا الحصر لا يعني عدم تطوير مواقف بكين المعادية لواشنطن في الشرق الأوسط، بينما واشنطن لن تسعى لخوض حرب جديدة في المنطقة بعد تجربتيها في العراق وأفغانستان.
يُذكر أن إدارة أوباما سبق لها وأن أعلنت عن الاستراتيجية الدفاعية الأميركية الجديدة في أواخر العام 2.12، متحسبة في ذلك تبلور أو قيام تحالف عسكري بين إيران وروسيا والصين، خصوصاً أن إستراتيجيتها الجديدة تتجه إلى الشرق الأقصى، بغرض وقف رقعة اتساع نفوذ المارد الصيني في هذه المنطقة.
واستباقاً لمنع الصين من مزاحمتها على زعامة القطب الأوحد في العالم، ولا سيما أن التقارير الاستشرافية المستقبلية في هذا الخصوص، تؤكد أن الصين قد تصبح مستقبلاً قادرة على انتزاع الزعامة القطبية من أميركا على الأكثر، وفي الأقل أن هذا المستقبل كفيل بتبلور زعامة متعددة الأقطاب، تكون الصين أحد أركانها، فإن واشنطن واعتماداً على هذه الاستراتيجية، ستوجه ثقلها العسكري والسياسي والاقتصادي نحو آسيا الجنوبية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.