موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق: الدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط بحاجة إلى عقل سليم

0

Middle east
صحيفة الشعب الصينية:
شهدت الدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط تغيرات عميقة وتعديلات بعد اندلاع حركة التغيير السياسي في المنطقة قبل ثلاث سنوات. ومن وقت ليس بعيد، أعلنت زيارة وزير الخارجية الصينية وانغ يي لخمس دول في الشرق الأوسط بشكل واضح تحول السياسة الدبلوماسية الصينية نحو الدول العربية و مواجهة القضايا الإقليمية الساخنة، وتسليط الضوء على ترقية مستوى الشرق الأوسط في الإستراتيجية الدبلوماسية العالمية للصين، وتعزيز الاستثمار الصيني في المنطقة. وفي نفس الوقت، تتوقع الدول العربية والولايات المتحدة التي تشهد انكماشا استراتيجيا في الشرق الأوسط أن تلعب الصين دورا أكثر أهمية في شؤون المنطقة. كما يتوقع الإعلام الصيني أن يكون تعزيز الدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط كبير جدا، حتى أن هناك مشاعر ايجابية عمياء. ويعتقد الخبراء أن تعزيز الصين مشاركتها في شؤون الشرق الأوسط بحاجة إلى الحفاظ على الإستراتيجية الواقعية، العمل بثقة، التحلي بالصبر، وبالتالي إنشاء عقل استراتيجي سليم.

تعزيز الثقة في الإجراءات الإستراتيجية

من المنظور الاقتصادي، أصبحت الصين أكبر دولة تجارية في العالم، فمن الطبيعي أن يفضل العالم العربي التعاون مع الصين، ويعكس الوضع الحقيقي للتجارة الصينية مع العالم العربي، حيث يحتاج العالم العربي للمنتجات الصناعية الصينية فيما تحتاج الصين لمصادر الطاقة العربية، بالإضافة إلى تزايد التعاون الاستثماري والاعتماد المتبادل بين الجانبين.

من المنظور السياسي، تشهد السياسة الدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط تحسنا نسبيا.حيث تدعم الصين الدول العربية في اختيار مسار تنمية ملائم لظروفها الوطنية بشكل مستقل،وتدعو إلى حل القضايا الساخنة في المنطقة سلميا و من خلال اللجوء إلى الوسائل السياسية ، وتعارض الصين التدخل الأجنبي وخاصة التدخل العسكري، وغيرها من المواقف السياسية الأخرى استجابة للتغيرات التي يشهدها الوضع في الشرق الأوسط، صمدت أمام اختبار الزمن، وخففت تدريجيا للاعتقاد الخاطئ لبعض الدول العربية عن الصين، كما أن عودة الأزمة السورية والقضية النووية الإيرانية مرة أخرى إلى المسار السياسي هو تثبيت أيضا لصحة موقف الصين.

من منظور ضبط الإستراتيجية الدبلوماسية الخاصة بالصين، يهتم الجيل الجديد من القيادة الصينية أكثر بالتقدم الايجابي والأعمال الفعلية، ” الحلم الصيني” ،”العلاقات الجيدة بين القوى الكبرى”، “نظرية المصلحة المتبادلة والعادلة في الدبلوماسية” وغيرها من النظريات الدبلوماسية المبتكرة، واقتراح ” إستراتيجية بناء “حزام طريق الحرير الاقتصادي” و”طريق الحرير البحري للقرن الـ21″، ورفع من مستوى مشاركتها في القضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية، الأزمة السورية، القضية النووية الإيرانية والقضايا الساخنة الأخرى، التي توفر للدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط أفكار أكثر عمقا وقبة سياسية أكثر فعالية.

الحفاظ على الصبر والحذر الاستراتيجي

أولا، عملية بناء القدرات الصينية في الشرق الأوسط ستكون شاقة وطويلة الأجل.

من ناحية القوة الصلبة، التحدي الرئيسي الذي تواجهه الصين في الشرق الأوسط هو التعارض بين استمرار توسيع المصالح الخارجية في المنطقة ومشكلة الوجود السياسي والعسكري غير الكافي، مما لا شك فيه فإن تعزيز القوة العسكرية للصين عملية طويلة الأجل.

من ناحية القوة الناعمة، تواجه الدبلوماسية الصينية مشاكل عديدة في الشرق الأوسط، منها استمرار تأثير النمط الغربي للحكم الديمقراطي والقيم الغربية المستمر على الدولة العربية التي تمر بمرحلة انتقالية، كيفية يعزز قدرة التشكيل الاجتماعي للدول العربية التي تمر بمرحلة الانتقالية، سعي كلا الجانبين لتحقيق توافق على القيم والآراء، وكيفية شرح مفهوم الدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط وتعزيز التأثير المعنوي للصين، تشكيل الصورة الدولية لدولة كبيرة مسؤولة..

ثانيا، في ظل اللعبة المعقدة بين الدول العظمى في الشرق الأوسط، ينبغي على الصين أن تكون حاضرة دائما ومستيقظة في الشرق الأوسط .

كانت منطقة الشرق الأوسط دائما مقبرة الهيمنة الاستعمارية، وعانت هيمنة بريطانيا العظمى والاتحاد السوفياتي السابق والولايات المتحدة ودول أخرى نكسات خطيرة في المنطقة. وإن مشاركة الصين في شؤون الشرق الأوسط في ظل المتغيرات الجديدة بحاجة إلى حكمة دبلوماسية وفن رائع ، حتى تعرف كيفية تحقيق التوازن بين علاقتها بروسيا وعلاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية، كيفية تحقيق التوازن بين العالم العربي وإيران وتركيا وإسرائيل ، كيفية الحكم والاستجابة للازمة في سوريا، والقضية النووية الإيرانية والقضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية، القضية الأفغانية،( خصوصا خيارات السياسية للصين بعد انسحاب الولايات المتحدة).

أخيرا، ينبغي على الصين أن تعرف بوضوح الصعوبات والتحديات التي تواجهها لتحقيق إستراتيجيتها الدبلوماسية الخاصة بها، والمبادرات لدبلوماسية.

على سبيل المثال، الرؤية الإستراتيجية المقترحة من قبل الصين والمتمثلة في بناء “حزام طريق الحرير الاقتصادي” تتضمن بلا شك على إستراتيجية الأمن الجيوسياسي، وإستراتيجية انفتاح المنطقة الغربية والتكامل الإقليمي، وتقدم الصين دلالة غنية للحوار بين الحضارات،و أفكار وآليات جديدة لعملية الإستراتيجية للقارة الاوراسية بما في ذلك الشرق الأوسط، لكن الصين لا يمكن أن تتجنب مسألة كيفية التحديد الدقيق لدلالات ومنطقة ” طريق الحرير” في ” عرض الحزام” و”طول الحزام”، و القضاء على سوء الفهم والشكوك الروسية وبعض الدول الأخرى في المنطقة، والحماية ضد التهديدات الأمنية من “قوى الشر الثلاث” التطرف والإرهاب والانفصالية،و التنسيق والتخطيط الشامل وحسن التخصيص للموارد المحلية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.