موقع متخصص بالشؤون الصينية

قضية “الصينية” في “الإسلامية”

0

marwan-soudah-chinese-islamic

موقع الصين بعيون عربية ـ
مروان سوداح*:
كنت سعيداً لتجوالي في صفوف عديدة تنشغل بعملية تعليم اللغة الصينية في الكلية العلمية الاسلامية العريقة، المتخذة من موقعٍ مميز في جبل عمّان مقراً تاريخياً لعمائِرها. في الحقيقة، لم أتوقع مطلقاً أن أجد تلاميذ وتلميذات نجباء يتحدثون الصينية بطلاقة ويُسر أذهلني. إذ كنت أعتقد، أن أمر الصينية في الإسلامية، تعريفي باللغة والثقافة والحضارة الصينية التي عمرها أكثر من خمسة ألاف سنة مُتّصلة.
في حضوري مساقات “الصينية” “بالإسلامية”، التي هي تعليم اللغة الصينية في الكلية العلمية الاسلامية، كان تحضيراً وتنسيقاً مُسبَقاً من جانب استاذة اللغة الصينية في الكلية، السيدة جو شينغ فانغ، وإسمها المُحبّب والمُختصر هو “جوليا” ، مع إدارة الكلية وأساتذة واستاذات قسم اللغة الصينية من الصينيين، الذين ابتعثهم معهد كونفوشيوس الصيني الدولي للتدريس في الكلية، بتوظيفات مالية وفعالياتية ومعنوية صينية رفيعة وعلية ترتوي بنكرات ذات.
في قضية تدريس الصينية في الكلية الإسلامية لمست نجاحات باهرة ومستمرة، وتدريس متّصل وناجح منذ سنوات عديدة، جمع أكثر من ثلاثمئة تلميذ وتلميذة ناشطين عقلياً وفاعلين فعلياً من تلاميذ الكلية. الصينية كانت بدأت في الكلية مع نظام تعليمي تدريسي مُستقدَم مِن فرموزا، وانتقل الى منهاجٍ واستاذاتٍ وأُساتذةٍ وعمليةٍ علميةٍ متكاملة اتفق عليها مع جمهورية الصين الشعبية وعلى حسابها الدولتي، ومن ميزانيتها، وبجهودها الرسمية للتدريس، وبتضامن من إدارة الكلية العلمية الاسلامية التي فتحت مَجالِها العلمي الحيوي أمام الصينيين، ليجوُلوا في صفوفٍ بين طلبتها وطالباتها، يَبثّون فيهم العِلم والاحتكاك بالحضارات، مُستذكِرين ومُستحضِرين العلاقات الاردنية والعربية الصينية التي عمرها أكثر من الفي سنة، والتي تم تدشينها منذ بدء طريق الحرير الصيني، الذي كانت محطاته المزدهرة تمر من خلال مُدنِ الاردن وقراه وباديته ونواحيه، من خليج العقبة جنوباً، الى أرابيلا شمالاً، مروراً بالبترا النبطية وعمّون وسالتوس السلطية وغيرها.
ما لَفَتَ إنتباهي هنا في القضية الصينية على وجه الخصوص، هو إعادة التاريخ لنفسه بصورٍ مُبدِعةٍ، لكن خواتيمها واحدة ولطيفة ومنتجة، وهي تلتقي وتبدع وتخلِّق الجديد برغم الهوّة الزمنية الطويلة التي تفصل بين لحظة البدء والمحطات التاريخية التي تليه. وقد لاحظت وتابعت مسألة وجود عملياتية دوران تاريخية هادئة لا يمكن ان تنتهي أو تخمد، لكونها تكمن في عَقل التاريخ نفسه، وفي شكلِ مُحفِّزَاتِ نهضوية راسخة في بذورِهِ الاستنهاضية الكامنة في الأقاليم المختلفة بأرض الحضارة العالمية، التي لا يُمكنها بدورها، أن تتوقف أو ترحل أو تنتهي، مهما تكاثفت المُحبِطات التاريخية ومهما تكاتفت عليها. فاستعادت التاريخ لوقائعه ومحطاته، تجد تجلياتها في صور جديدة ومُبدِعةٍ، وشعبيةٍ وشاملةٍ في عصور لاحقة مهما استطالت، قد لا يَخطر عودتها للبروز على بالٍ، فتكون تجلياتها واستحضاراتها في مزيد من إحتكاك الحضارات واستعادتها الموضوعية واستجلابها حتى الى أرض تكاد تكون صحراء مُقفزة، فتستيعد خضرتها ويناعتها، وهو ما تم في الاردن وفي علاقات الاردن الثقافية مع الارض الصينية الام التي انطلقت منها أُولى قوافل طريق الحرير نحو الاردن وشعبه بقبائله السابقة.
في الكلية، استقبلتني الاستاذة لمى عدنان سلهب، مديرة البرنامج الأمريكي للصفوف الأولية المختلطة، وشرحت لي أن تدريس اللغة الصينية يتم ضمن البرنامج الأمريكي وتقديم التعليم التفاعلي، حيث يكون التلميذ جزءاً من عملية إتخاذ القرار، وذلك باستخدام أساليب تناسب قدرات كل تلميذ على حدة. وقد تبنّت الكلية الاسلامية برنامجاً رائداً وطموحاً لتعليم الصينية، ليمتلك التلميذ مهارات الاتصال كافة، ليكون بالتالي ركيزةً فاعلةً في المجتمعين المحلي والعالمي. بالإضافة لذلك، وفي سعي الكلية الدؤوب، تشكيل شخصيات متكاملة على المستوى الأكاديمي والاجتماعي، تجد تجلياتها في تقديم منهاج يَطرح موضوع الريادة، ومهارات الحياة بصورة شائقة وتفاعلية. Road to Success
marwansudah@hotmail.com
*صحفي متخصّص بالشأن الآسيوي ورئيس الاتحاد الدولي للصُحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.