موقع متخصص بالشؤون الصينية

السياحة الصينية.. إستثمار أمثل وذكي

0

alaa-sagheh-chinese-tourism

موقع الصين بعيون عربية ـ
علاء ساغه*:

لا يُشكك إثنان في أن السياحة الصينية تعتبر مورد مالي مهم لعدد كبير من دول العالم. كما لا يمكن التشكيك في ان التفاهم مع الصين سياحياً يمكنه ان يدر على خزينة أية دولة واردات مالية ضخمة، تشكل بنداً لا يمكن التخلي عنه في ميزانيتها الوطنية، والشيء نفسه ينطبق حتى على الولايات المتحدة الامريكية، الى حيث يتوجّه سنوياً عدد كبير من السياح والزوار والمستثمرين الصينيين.
وتعتبر السياحة واحدة من الصناعات الكبرى في العالم، وفي هذا الصدد تقول احصاءات منظمة السياحة العالمية، ان عدد السياح الذين يتنقلون بين دول العالم بلغ في العام 2014 ملياراً و135 مليون سائح، بينما بلغت العائدات 1٫5 تريليون دولار، منها تريليون و245 مليونا من السياحة، (إقامة، طعام، شراب، ترفيه، تسوّق)، و221 مليار دولار من النقل الجوي، وبذلك يكون متوسط نسبة النمو نحو 4 بالمئة، مقارنة بعام 2013 حيث كان عديد السياح ملياراً و87 مليون سائح، والعائدات شكلت 1٫4 تريليون دولار. وتشغل الصين المركز الرابع من حيث عديد سياحها الى دول العالم.
وفي السياحة الصينية العربية، نلاحظ ان المغرب هو الدولة العربية الاولى التي تولى السياحة الصينية جُل اهتمامها، بينما وعلى الاغلب، لم تنتبه بقية الدول العربية الى الاهتمام اللازم والواجب للسياحة الصينية. فالمغرب دولة بحرية متميزة، تقع شوائطها على المحيط الاطلسي غرباً، وتغسلها مياه البحر الابيض المتوسط شمالاً، وفيها يتمتع السياح بكل مقومات السياحة الرفيعة من ثقافية واستجمامية وترفيهية، بل وسياحة المطبخ المغربي الشهير، والحمّام المراكشي، ولطف المغاربة صغارهم وكبارهم، وترحيبهم بالاجنبي، فقد جُبلَ هؤلاء على احترام مكانة السياحة والسياح منذ زمن قديم، فضلاً عن ان النشاط الاقتصادي يجمع المغرب والصين ويُبرِز عدة قواسم مشتركة تتمثل في التاريخ والتقاليد والثقافة، كما أن السياحة تعد جسراً لتجسيد الصداقة وتعزيز التعاون الثنائي، وعاملاً لازماً يدفع إلى استكشاف المغرب للصينيين بصفتهم سائحين ومستثمرين.
لهذا كله ولغيره، تشكّل السوق الصينية واحدة من أبرز الأسواق التي تراهن عليها الحكومة المغربية بقوة في تفعيل إستراتيجيتها السياحية الرامية إلى استقطاب 20 مليون سائح في أفق العام 2020. وبالنسبة للعاملين في مجال السياحة المغاربة، فإن ارتفاع نصيب الصينيين في سوق السياحة الدولية يُغري بتشجيعهم على زيارة المملكة وهو ما سيساهم في إنعاش الاقتصاد المغربي الذي يعتمد بشكل كبير على العملة الصعبة المتحصلة من عائدات السياحة. وبرأي المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة عبد الرفيع زويتن في هذا الصدد، فإن قمة الفيدرالية الدولية للمدن السياحية، التي سيحتضنها المغرب في سبتمبر المقبل، ستمكّن من تكثيف التدفقات السياحية بين المملكة والصين، ومشيراً الى أن هذه القمة، التي ستحتضنها مدينتا الرباط وفاس، تهدف إلى تنمية وجهة المغرب في الصين والتعريف أكثر بالمملكة وثقافتها وتاريخها، بغية تكثيف التدفقات السياحية بين البلدين.
وقد تم اختيار مدينتي الرباط وفاس في سبتمبر الماضي ببكين لاحتضان القمة المقبلة للفيدرالية الدولية للمدن السياحية، حيث تقدمت المدينتان في التصويت على مدن أخرى تزخر بمؤهلات سياحية كبيرة من قبيل روما وواشنطن ولوس أنجلوس.
المغرب اكتشف اهمية الصين مُبكراُ، لكون الدولة الصينية أول مصدر للسياح على المستوى العالمي، فهي تزوّد السياحة العالمية بأكثر من 100 مليون سائح صيني سنوياً، يحققون مداخيل سياحية تفوق 110 مليارات دولار !. لذلك، تنادى وزير النقل المغربي عزيز رباح الى ضرورة ان يفتح المغرب خط جوي مع الصين العام الحالي، لتشجيع الشركات الصينية على الاستثمار في المملكة، بغية تسريع الدخول مع الصينيين في شراكة، ولتسريع وتيرة إنجاز المشاريع الكبرى بالمغرب، ولاسيّما في قطاعات السكك الحديدية والموانئ والطرق والمطارات والمناطق اللوجستية، واصفاً العلاقات مع الجانب الصيني بأنها “شراكة ذكية” مع المغرب.
ومن الجدير ذكره والتنويه إليه، أنه وخلال السنوات الثلاث الماضية بلغت عائدات القطاع السياحي بالمغرب 20 ملياراً و230 مليون دولار، فيما حقق القطاع خلال الفترة ذاتها رقم معاملات قدر ب 36 مليار دولار. وسجل عدد الوافدين على المغرب زيادة سنوية قدرت ب 8 بالمائة وزادت الطاقة الإيوائية ب 30 ألف سرير، فضلا عن توفير 50 ألف فرصة عمل. ويشغل القطاع السياحي بالمغرب نحو 480 ألف شخص، وتجاوز عدد السياح الذين زاروا البلاد عتبة 10 ملايين سائح خلال 2013 . وتسعى الحكومة المغربية في أفق العام 2020 استقطاب 20 مليون سائح، وخصصت لبلوغ هذا الهدف استثمارات مهمة تزيد على 15 مليار دولار ستوجه للبنية التحتية السياحية من وحدات فندقية ومنتجعات وقرى سياحية.
لِما تقدّم كله ولغيره، نأمل ان يولي الاردن عناية خاصة بالسياحة الصينية، سيّما للوضع الاقتصادي المحلي الذي يتوسل المزيد من الدعم، ولأن مئات الوف الخريجين من الجامعات والمدارس الاردنية لا يجدون عملاً، واعتقد ان الدفع باتجاه تطوير السياحة الاردنية بصورة حقيقية سيّما مع جمهورية الصين الشعبية، صارت مطلباً مهماً، وستغدو حال احتضانها بنداً رئيسياً في الموازنة الاردنية، وفي رؤى كل عائلة اردنية، وستكون استثماراً ذكياً للاردن والاردنيين.

*ناشط سياحي وعضو في الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب اصدقاء الصين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.