موقع متخصص بالشؤون الصينية

العلوم الصينية تفرض نفسها على جائزة نوبل

0

saleh-aydarous-ali-china-nobel

موقع الصين بعيون عربية ـ
صالح عيدروس علي*:

 

منذ ظهور جائزة نوبل على الساحة الدولية، والمباشرة بتوزيعها على الفائزين بها للمرة الاولى في العام 1901م، وعلى مدى تاريخها الطويل الممتد لأكثر من قرن من الزمان، كانت الصين ذات التاريخ العريق والعلوم المتقدمة والبلد الاكثر سكاناً على وجه البسيطة، اكثر البلدان التي لحق بها الظلم التار يخي، وتلكم الظلم الذي أُلحق بها، بعدم منح احد من مواطنيها جائزة من جوائز نوبل العالمية الشهيرة، اللهم إلا في سنوات متأخرة من لحظة تأسيسها بعد نهاية الحرب العاليمة الثانية.

الصين قوبلت بالرفض تارة والقبول تارة اخرى، لكن في العام 2000م حدثت معجزة، فقد مُنحت جائزة نوبل للاداب لكاتب صيني منشق هو (غاوكسينغيان)، وهو يحمل الجنسية الفرنسية، وبرغم من أن الكاتب كان مجهولاً كما التوصيف المعروف عنه، إلا انه فاز بهذه الجائزة، وقد أرادت القوى المعادية للصين بمنحه جائزتها الدولية، افتعال إهانة للصين، و (صفعة قوية) بحسب ما عبّر حينذاك وزير الخارجية الصينين اذلي اضاف قائلاً (ان في الصين عدداً من الكتّاب المشهورين لكن لم يتم اختيار واحداً منهم، واعتقد انهم اختاروا هذا الكاتب لأهداف سياسية خفية). من جهة أخرى وصف المتحدث الرسمي بأسم جمعية الكتّاب الصينيين جين جيا نغان الفائز بأنه (فرنسي وليس صينياً)، والمفاجئ في الأمر ان فرنسا اعتبرت نفسها فائزة بنصف الجائزة!

في 11أكتوبر عام 2012م اعلنت الاكاديمية السويدية اسم الفائز بجائزة نوبل للاداب لعام 2012م وكانت للكاتب الصيني مويان، الذي يعني بالصينية (لا تتكلم )، وقد سمّى نفسه بـِ(الصامت) أو (الممتنع عن الكلام)، وباعلان حصوله على جائزة نوبل بيوم واحد قفزت مبيعات اعماله عن طريق شركة امازون من المرتبة 560 الى المرتبة 14..

في الصين نشرت الصحف الرسمية الخبر في صدر صفحاتها الاولى ؛ باعتبار اول كاتب صيني يفوز بجائزة نوبل للاداب؛ وقد اهتمت في تغطيتها للخبر بالتركيز على انه اول مواطن صيني يفوز بالجائزة طوال تاريخ البلد ، الذي تجاوز القرن؛ وقد شكل هذا الفوز اعترافاً غربياً بأهمية الادب الصيني والثقافة الصينية الاصلية ، وبمكانة الصين الدولية كقوة صاعدة كما تقول (جلوبال تايمز) – الصحيفة الصينية الرسمية الناطقة بالانجليزية؛ لأن الكاتب الصيني غاوكسينغيان الذي فاز بها عام 2000م فاز بها كمواطن فرنسي، وبعد لجوئه السياسي لفرنسا؛ كما ان حصول الناقد الادبي والناشط السياسي والرئيس السابق لنادي القلم الصيني – وهو مؤسسة ممولة بالكامل من NED الوقف القومي للديمقراطية وهو احد اذرع المخابرات المركزية الامريكية – ليو جيا وبو على جائزة نوبل للسلام عام 2010م بعد منع كتبه والحكم عليه بالسجن لتحريضه على هدم الدولة الصينية، لم تره الصين الا في سياق مخططات الغرب العدائية ضدها؛ بل ان جائزة مويان لم تسلم هي الاخرى من ردور الفعل الغربية السياسية التي نددت بمنحها لعضو في الحزب الشيوعي الصيني.

ومع منح مويان للجائزة، اشار بيتر انجلند الامين العام للاكاديمية السويدية في ستوكهولم الى مزايا خاصة بهذا الاديب اهّلته لنيل الجائزة الادبية الارفع في العالم، حيث قال (انه اديب يستخدم الواقعية الجريئة ويمزجها مع الموروث الشعبي والتاريخ والمعاصرة)، واشارت الاكاديمية في بيان تقديم الجائزة الى (ان هذا الروائي يمزج بين الخيال والواقع ووجهات النظر التاريخية والاجتماعية؛ ليخلق عالماً يرسم صورة مماثلة للصور التي ابدعها كتاب كبار امثال وليام فولكنر وغابريل غارسيا ماركيز).

اما هو شخصياً فقال عن سبب اختياره لنيل هذه الجائزة الكبيرة: (اعتقد ان السبب هو كون اعمالي تقدم صور من الحياة بأسلوب فريد ذي خصائص صينية؛وتروي قصصاً من وجهة نظر اناس عاديين؛متجاوزة الاختلافات بين الامم والاعراق).

في الخامس من أكتوبر الحالي 2015، أعلنت جمعية نوبل في معهد كارولينسكا السويدي عن منح جوائز نوبل للطب لعام 2015م الى وليام كامبل الايرلندي الاصل ، والياباني ساتوشي اومورا ، والصينية يويوتو ، لاكتشافاتهم المتعلقة بعلاجات الطفيليات على ما قالت لجنة نوبل.

وتقاسم كامبل واومور نصف الجائزة لاكتشافاتهما بشأن علاج للالتهابات الناجمة عن طفيليات الديدان الاسطوانية في حين حازت تو على نصف الجائزة الاخر لاكتشافاتها المتعلقة بعلاج جديد لمكافحة مرض الملاريا بحسب ما اوضحت لجنة نوبل.

ونوهّت لجنة نوبل الى ان (هذين الاكتشافين وفرا للبشرية وسائل جديدة قوية لمحاربة هذه الامراض التي تصيب ملايين الاشخاص سنوياً؛ومساهمتهما في تحسين صحة البشر وتقليل معاناتهم لاحدود لها).

يويوتو المولودة عام 1930م اختصاصية في الدواء وتعمل باكاديمية الصين للطب الصيني التقليدي في بكين ، وهي اول امرأة تفوز بهذه الجائزة الرفيعة. تو قامت بأول بحث حول الملاريا اواخر الستينات وذلك بدراسة الوصفات الصينية القديمة لعلاج الملاريا وسافرت لهذا الغرض الى مناطق نائية، واستطاعت اكتشاف مادة الارتيميسينين وهي المادة الفعالة التي اثبتت كفأءة عالية في علاج حالات الملاريا، ما اسهم في خفض معدل الوفيات في صفوف المصابين بها وقد استندت تو في اكتشافها الى الكتب الصينية القديمة حول طب الاعشاب من اجل دراسة العلاجات الممكنة. و يُذكر ان تو فازت بجائزة الاسكر لعام 2011م في الطب السريري بفضل اكتشافها مادتي الارتيميسينين و وديهيدرو _ ارتيميسينين لعلاج الملاريا.

القيادة الصينية ممثلة برئيس مجلس الدولة كي كه تشيانغ قدمت تهنئة لخبيرة الاعشاب تو بمناسبة الفوز بجائزة نوبل للطب لعام 2015م باعتبارها اول مواطنة صينية تفوز بجائزة نوبل في الطب، وقال في خطاب التهنئة (ان فوزك بالجائزة يعني ازدهار وتقدم الصين في المجال العلمي والتكنولوجي ويمثل اسهاماً كبير للطب التقليدي الصيني ،في قضية صحة الانسان ، ويظهر تنامي قوة الصين وارتفاع مرتبتها الدولية).

من جهة ثانية اشادة وزيرة الصحة الصينية لي بن باكتشاف تو لمساهمتها في تعزيز صحة الانسان، واضافت (تعتبر هذه الجائزة مهمة جداً ليس بسبب قيمتها العلمية الكبيرة فقط، بل بسبب قيمتها للحياة، وقد انقذت مادة الارتيميسينين حياة الملايين. الحياة هي القيمة العليا فمساهمتها في تنمية صحة الانسان هائلة والملايين يستفيدون منها وهذا هو مجد وفخر للصين، فعلينا ان نتعلم من تو لمثابرتها على الابتكار التكنواوجي وتوسيع نطاق ابحاثها و لاخلاصها في المساهمة لدفع الابتكار في العلوم الطبية الصينية و التكنولوجيا بشكل اعمق؛ولاستمرار في توفير الرعاية الصحية في جميع انحاء العالم).

وعن شعورها بعد الفوز بجائزة نوبل للطب لعام 2015م قالت يويوتو في مقابلة مع قناة CCTv : (بالنسبة الى العلماء الحصول على جائزة نوبل هو شرف كبير؛ الجائزة تمثل جهد لسنوات من الابحاث والتجارب من قبل فريق باكمله قد حققت النجاح في اكتشاف مادة الارتيميسينين.. هذه الجائزة هي مُلك لجميع العلماء الصينيي، وتظهر ان الطب الصيني التقليدي قد لفت انتباه الاوساط الاكاديمية الدولية.. اشعر بالفخر لما حققه العلماء الصينيون)..

ونحن بدورنا كعرب نعلن عن فخرنا واعتزازنا بالصين وتطوّرها وتاثيرها العلمي، ونجاحاتها بالحصول على الجوائز الدولية، وهو ما يؤكد فعالية علومها، وتقدمية هذه العلوم، وحاجة البشرية إليها، وتوظيف الصين لعلومها واكتشافاتها واختراعاتها من أجل سلامة وسلام البشرية جمعاء ، بغض النظر عن قوميات العالم وألسنة سكانه ، ولون بشرتهم واديانهم.. فهنيئاً للصين بنجاحاتها المتواصلة، وهنيئاً لنا بها والتحالف معها، والصداقة مع شعبها الناضح بالجديد دوماً.
..

*كاتب يمني؛ ممثل رئيس الاتحاد الدولي للاعلاميين والكتّاب العرب اصدقاء الصين رئيس نادي قراء مجلة الصين اليوم باليمن
هاتف محمول 00967711641740

العنوان ص.ب40107 عتق401 محافظة شبوة اليمن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.