موقع متخصص بالشؤون الصينية

المفتاح السحري لآسيا وحامله الصيني (قونغ )

0

mostafa-aboualaynein-china-envoy

موقع الصين بعيون عربية ـ
مصطفى أبو العينين*:
أكدت زيارة المبعوث الصيني الخاص للسلام بالشرق الاوسط قونغ شياو شينغ، اهتمام الصين البالغ بالأحداث العالمية التي في جزء كبير منها وبخاصة أحداث منطقتنا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، أُم القضايا، والاعتداءات الاسرائيلية المستمرة والمتكررة على شعب فلسطين العربي، والتي من شأنها تقويض عملية السلام والآمان وهي تقوضها حالياً، بالإضافة الى ما يجري على الساحة السورية من أحداث مؤلمة ومأساوية يومياً ومنذ سنوات خمس، وما يتبعها من لجوء وهجرة عدد كبير من المواطنين السوريين الى أصقاع العالم، وتبعات ذلك على الدول المُضيفة لهم، وانعكاساتها السلبية على الجانب الانساني والاجتماعي لهؤلاء اللاجئين والبشرية عموماً.
وجاءت وجهة النظر الصينية متوافقة مع النظرة الاردنية حِيال مختلف القضايا، فقد أكد الطرفان خلال لقاء قونغ في عمّان مع وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة، إذ أكدت كل من القيادتين في كلا البلدين ضرورة إيجاد حل سياسي وسلمي ودائم وشامل وناجز لقضايا المنطقة، وبمشاركة جميع الأطراف المعنية فيها مباشرة، مايوفر الأمن والسلام للجميع، ويوقف عذابات الامم، ويُعطي كل ذي حق حقه المسلوب.
ويَلفت للانتباه تأكيدات المبعوث الصيني خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر السفارة الصينية بعمّان، الى ان الصين تنظر بقلق الى التصاعد المستمر للاحداث والقضايا التي تجري في المنطقة. لذا، نحن نفهم ان تصريحات قونغ تعني ان بكين ستقوم بلعب دور أكثر إيجابية وفعالية موضوعية، وبالتنسيق مع الدول المعنية بالمنطقة والعالم، لإيجاد حلول سياسية ودبلوماسية لمختلف القضايا العالقة، وهو ما يَعني ان المبعوث قونغ سوف يستمر بزيارة المنطقة ومتابعة تطوراتها عن كثب بالذات، لصياغة موقف رسمي صيني يتطوّر مع مختلف تطورات أحداثها، ذلك ان التحدّث مع مسؤولي دول المنطقة يتطلب تصعيداً في الموقف الصيني، ومطالبة مختلف الأطراف العمل في توجّه واضح لصالح السلام الشامل والسريع، الذي تحتاجه المنطقة نفسها وشعوبها بالذات، التي ما إنفكت تتطلع الى مساهمة الدول الصديقة على مِثال الصين في عمليات السلام والآمان وتوفيرها لدول وشعوب الإقليم الاوسطي.
والمبعوث قونغ إذ اوضح بمفتاحه السحري اللافت ان الحل العسكري لن يُحقّق للمنطقة ما ترجوه من الأمن والآمان والتنمية والازدهار، إنما يعكس الموقف الصيني الذهبي دولةً وشعباً، الذي تتبعه بكين في سياستها مع الدول الجارة لها، وشعوب الاقليم الآسيوي برمتها، أي ان الصين تتاغم مع نفسها في طروحاتها السياسية وتطالب بسلام ناجز لا يُعيق التنمية في أسيا، فلا يمكن لمشاريع ومبادرات الصين وبخاصة مبادرة الرئيس شي جين بينغ الموسومة” الحزام والطريق” ان تزدهر في كل شعوب اسيا بدون السلام الشامل ووأد الصراعات، وبلا طرح تصورات سلامية حقيقية من جانب المهتمين زعماءً وشعوباً.
لذا، تهتم الصين بمطالبة “جميع الأطراف المعنية”، ان تقف جنباً الى جنب في نبذ ومكافحة الارهاب وحل قضاياها، بعيداً عن الحل العسكري، وهو موقف صيني مبدئي في حياة جمهورية الصين الشعبية من مختلف قضايا الانسانية والبشرية، يتواصل في مختلف القارات والحقب الزمنية.. وهو مُفتاح سحري للرخاء العام والشامل ورغادة حياة كل فرد في أسيا بالذات، التي هي قارة الحضارة، وقارة مُولّدة للثقافات الخالدة التي نهلت منها اوروبا وامريكا، وليس العكس.
وفي القضية السورية، لفتت الصين انظارنا بشدة من خلال مبعوثها للمنطقة، الى أنها ترّكز حالياً على الوضع في سوريا، إلا ان ذلك لا يعني إهمال قضايا المنطقة الاخرى، اذ ان جميع قضايا المنطقة مرتبطة ببعضها إرتباطاً وثيقاً، كما قضايا أسيا كلها مترابطة ومتشابكة، لأن كل قضية تؤثر على الاخرى بنفس القدر وبالإتجاه المعاكس، ومن الطبيعي ان يكون التركيز عليها جميعاً ودون استثناء، ما يؤكد البصيرة البعيدة للقيادة الصينية التي تقود دولة كبرى، وتطرح مبادرات كبرى على وزنها وبحجمها، لتتعرف على رأي الشعوب بها ومصلحتها بها، بصداقة وبلا تغوّل.
الصديق المبعوث قونغ تحدث بلسان قيادته التي تلاحظ ان هناك توترات تجري في الساحة الفلسطينية واليمنية والليبية وايران والعراق وغيرها، ولا يجب عزل واحدة منها عن البقية، أو تهميشها، وان الصين تدعو الى إيجاد موقف موحّد من المجتمع الدولي إزاء هذه القضايا، وان يُؤخد بعين الاعتبار الأبعاد الانسانية والضرورات الاقتصادية والحتميات الاجتماعية الناجمة عن هذه القضايا من هجرات ولجوء وما ينتج عنها، لحلها في سياق مُتّصل ومُفيد ضماناً لإزدهار جَمعي للكل بالذات، وهو كذلك نفس المفتاح السحري لتقدّم أسيا وانتشالها من الاستكبارية التي انهكتها وماتزال تتسلط عليها من طرف قوى اجنبية طامعة بها..
*صحفي وكاتب وناشط في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.