موقع متخصص بالشؤون الصينية

موسكو والإقليم العربي إعلامياً (1)

0

marwan-yelena-russia-media1

موقع الصين بعيون عربية ـ
مروان سوداح*
يلينا نيدوغينا*:
التقدّم العسكري الذي أحرزته موسكو في سورية، والزخم الذي يرافق حربها العادلة على الارهاب الدولي بمختلف السُبل وفي رياح متعدّدة، وتحجيمها الكبير لمجموعاته الفالتة من عِقالها، لا يَعني البتة بأنها أحرزت أو تُحرز تقدّماً إعلامياً طاغياً.
من الشجاعة أن نعترف مباشرة، بأن موسكو لم تنل للآن – وبرغم عدالة قضيتها الدولية وانسجامها مع التطلعات العربية والانسانية الاستقلالية – نجاحاً حاسماً أو نهائياً في مواجهة الحرب الإعلامية العالمية الظالمة والواسعة وسع الكون التي تُشن على روسيا والعرب لتسويد صفحتهما منذ بدايات القضية السورية.
المُلاحظ في الأجواء العربية الحالية أن وسائل الإعلام الروسية لم تعد تُحرز في غالبية البلدان العربية ومنذ إنفراط العقد السوفييتي، نجاحات إعلامية طاغية كما كان أمر إعلام السوفييت في العهد السوفييتي. ويعود السبب في ذلك كما يبدو، الى تراجع العمل والنشاط الروسيين في مجال الترجمة والخدمات الإعلامية، وتغوّل الإعلام الغربي والأمريكي الذي حلّ محل السوفييتي والروسي في البلدان العربية، وحاصر ويُحاصر أغلبية الإعلاميين العرب، ويُطبق على رقابهم وعقولهم وجيوبهم! فقد أَغلقت غالبية وسائل الإعلام ودور النشر السوفييتية السابقة أبوابها، وأُخرجت كوادرها المُخضرمة الى الشوارع، وأرغم غيرهم لقبول التقاعد القسري برغم خبراتهم الإعلامية والصحفية العظيمة، وصار التقاعد أو أُريد له أن يكون بحق هؤلاء الروس العظماء موتاً بطيئاً، ففقدت روسيا وحالتها هذه الخُلص من أصدقائها التاريخيين.
القاعدة السوفييتية للإعلام لم تستمر طويلاً بعد عهد البيريسترويكا، فقد فقدت وجودها بدون أسباب موضوعية أو حقيقة، وكان يبدو أن في الأمر شيئاً غير طبيعي، إذ صار توليد العداء لها داخل روسيا وخارجها، ولفظها، ممارسة يومية كانت خواتيمه وضع حد نهائي لوجودها الفاعل من خلال استشراء نفوذ عناصر عدوة لروسيا ومُستترة، تغلغلت في مفاصل الإعلام الروسي والعالمي، على نمط وشاكلة “دولة داخل الدولة”، وقد أفضى ذلك الى ابتعاد كثيرين من أصدقاء موسكو عنها، لسبب أنهم لم يعودوا يَجدون وسيلة إعلامية – إتصالية فاعلة تتجاوب معهم باللغة العربية، فقد أغلقت موسكو قنواتها الإذاعية التي كانت تبث بنشاط منقطع النظير، والتي كانت جَمعت حول موسكو خلال عشرت السنوات مئات الألوف من المُستمعين والمُراسِلين والمؤيدين العرب مُحبِّي روسيا، من مختلف الأعمار والمهن والتوجّهات. ومن أبرز هذه الوسائل الإعلامية التي إضمحلت واندثرت، القسم العربي لراديو موسكو، وراديو السلام والتقدم، وتوقفت أيضاً إذاعات الجمهوريات السوفييتية الاخرى التي كانت تبث بالعربية عن روسيا والاتحاد السوفييتي، في طشقند ويرفان وباكو ودوشانبيه وغيرها.
كما توقفت عن الصدور المطبوعات السوفييتية الشهيرة ومنها على سبيل المِثال لا الحصر، الصحيفة الورقية والاسبوعية العزيزة على قلوبنا – “أنباء موسكو” التي ترأّس هيئة تحريرها في نهايات السبعينات من القرن الماضي السيد عادل قربانوف – الذي كان أول مدير عام على المركز الثقافي السوفييتي في الاردن؛ كما توقفت المجلات الورقية التي صدرت بالعربية: /المجلة العسكرية السوفييتية/؛ المرأة السوفييتية/؛ /الاتحاد السوفييتي/؛ /”المدار” وكانت تصدر في بيروت/؛ و”العصر الجديد” – ونذكر بأنها كانت تصدر في القاهرة، وغيرها من المطبوعات الإعلامية الورقية.
ومقابل “التراجع” الإعلامي الروسي الكبير باللغة العربية، نجد توسّعاً وازدياداً ملحوظاً في عدد مواقع الإعلام الإجتماعي والمهني المعادية لروسيا والمناهضة للرئيس بوتين شخصياً وسياسياً، وهي مواقع تتكاثر يومياً كالنار في الهشيم، زد عليها العداء المُستمر والصاعد لروسيا والداعي لمقاطعتها سلعياً وثقافياً في مواقع الكترونية اخرى تتبع للمشتركين “العاديين !”، بخاصة الشباب منهم، ومتوسطي الأعمار، وذوي التوجهات الثقافية الغربية، ومواقع الصحافة الألكترونية العربية عموماً.
في الواقع الإعلامي المُعاش، لم يَعد عدد كبير من العرب يَعرفون سوى النزر اليسير عن روسيا وشعبها. فمكاتب وكالة انباء “نوفوستي” توقفت عن العمل في البلدان العربية، كذلك توقفت نشراتها الورقية الإخبارية اليومية التي كانت توزّع على الصحف والمؤسسات العربية. ولا نجد في الكثير من العواصم العربية مراسلين لفضائية “روسيا اليوم”، التي تحتاج برأي كثيرين من متابعيها وأصدقاء روسيا، وبرأينا كذلك، الى تصحيح حقيقي وفاعل في توجهاتها، وضرورة توقّفها عن جلد الذات الروسية، لأن ذلك يَصَبَّ في خانة خصوم روسيا، ويمدّهم بمزيد من الذخيرة في مواجهتنا جميعاً. يتبع..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.