موقع متخصص بالشؤون الصينية

الّلغتان الصّينية والروسيّة بالجامعة الاردنيّة

1

yelena-resoninenko-chinese-jordan

موقع الصين بعيون عربية ـ
الدكتورة يلينا ريزونينكو المومني*

يَكثر الحديث هذه الأيام في أوساط المُهتمين والمُتابعين للقضايا التعليمية من عرب وأجانب، كذلك في الهيئات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني، عن أهمية تعليم اللغتين الصينية والروسية في الجامعة الاردنية.

الجامعة الاردنية هي “أُم الجامعات الاردنية”، كما في تاريخها وواقعها، وكما في وضعيها التعليمي والعلمي البارزين في البلاد، وليس أخيراً في مسائل كثيرة أخرى منها على سبيل المِثال لا الحصر، جَسرِ وتعميق العلاقات الثقافية والحضارية بين الامم والشعوب، من خلال التعريف بلغاتها وألسنتها وتقاليدها وعاداتها وثقافتها. وتدريس اللغات عموماً في مساقات تعليمية راقية، هو عملية تعريف بالثقافات الإنسانية، تنعكس في مردود إنساني كبير، يفتح المجالات واسعة أمام الطلبة الاردنيين والاجانب لتعزيز مسيرة التلاقح الحضاري العالمية.

 

لذلك، ومن أجل تفعيل تطلعات الجامعة لترجمة أفكار الأنسنة والحضارة الإنسانية الواحدة الى أرض الواقع اليومي المُعاش، دأبت الجامعة على تدريس عدة لغات، من بينها الصينية والروسية. فهاتان اللغتان توفران الأرضية اللازمة في الراهن من السنين وفي المستقبل للإلمام بعالمين كبيرين ثقافياً وحضارياً، تاريخاً وجغرافيا. فروسيا والصين تشغلان منذ مئات السنين مساحة كبيرة في القارة القديمة التي تُشكّل فرناً حضارياً لا ينضب إنتاجه، تجعل من الدولتين، إضافة لوضعيتهما في الحقول الاخرى على إختلافها، لاعبان دوليان فاعلان، سيّما في تعميق وتمكين مسيرة الامم ثقافياً وحضارياً، وخزّاناً بشرياً يُنتج الجديد بلا توقف في عملية التثاقف والتحضّر، وفي رغبات توسيع علاقاتهما مع الاردن والبلدان الاخرى.

 

وفي إطار توسيع علاقات الاردن مع الصين وروسيا، يتوسّع تدريس اللغتين في الجامعة الاردنية، وفي غيرها من المؤسسات الثقافية والعلمية الاردنية، حين تُعرب جهات متزايدة في الاردن، منها المدارس والكليات والاكاديميات والمراكز الثقافية، عن رغبتها في تدريس الروسية والصينية، فيتزايد عديد المواطنين الاردنيين الدارسين باللغتين في جامعات موسكو وبكين ومدن الدولتين الاخرى، والعاملين باللغتين تجارة واستثماراً وفي مختلف المهن والمجالات.

 

وفي الاردن يتزايد سنة بعد أخرى عدد خريجي الجامعة الصينية والروسية. وبالمناسبة، يدرس الاردنيون في عدد من جامعات الصين باللغة الصينية تحديداً. لذا، نرى كيف ان الجامعة الاردنية أبدعت في مساقات تدريس اللغة الصينية، ما جذب سفارة جمهورية الصين الشعبية للجامعة الاردنية لإحياء المزيد من الأنشطة، والإحتفاء سوياً مع رئيس ورئاسة الجامعة بالأعياد الصينية على شاكلة عيد الربيع، والسنوات الصينية الجديدة، وينوّه سفراء الصين في هذه الاحتفالات الى المحطات الكبرى الفاعلة في تطوير علاقات بلادهم مع الاردن.

 

ولا بد لي في هذا السياق من الاستشهاد بتقرير كانت صحيفة “الشرق الاوسط” الواسعة الانتشار قد نشرته. يقول التقرير، أن الكلام أصبح في الكثير من الدول دارجاً عن أن تعليم الأجيال القادمة اللغة الصينية  يضمن لهم مستقبلاً جيداً في الحصول على الوظائف، لإعتقادهم، وهذا ما يؤكده الكثير من الخبراء في الاقتصاد والعلاقات الدولية، أن المستقبل خلال السنوات الـ30 القادمة سيكون “حتماً” للصين ونفوذها الدولي وعلاقاتها التجارية.

التقرير يَستطرد أيضاً، أنه وهنا بالذات تجد أن دولة مثل الأردن، نظراً لخطواتها الحثيثة مؤخراً في مجالات اقتصادية مختلفة، بدأت تُعير لهذا الجانب أهمية خاصة، ومن هنا نلاحظ أنه أصبحت في هذا البلد الصغير نسبياً عدة جهات رسمية وخاصة وأكاديمية تركّز على هذا الجانب، وتُنشئ معاهد لتعليم هذه اللغة الصينية التي أخذت تنتعش في الكثير من الدول الغربية وأميركا الشمالية.

 

يقول التقرير كذلك، أنه ولهذا بالذات فقد تأسست معاهد تعليمية للغة الصينية في الجامعة الأردنية وفي أخرى خاصة، مثل المعهد التابع للقوات المسلحة الأردنية، ومشيراً الى ان السفارة الصينية في الأردن تسعى إلى ترسيخ مفهوم الشراكة مع هذه المؤسسات الخاصة والعامة، مثل الجامعة الأردنية ومعهد اللغات التابع للقوات المسلحة الأردنية، والتي بدأت خلال السنوات الأخيرة في تعليم اللغة الصينية، وذلك من خلال تقديم الدعم المالي والمعنوي لهذه المعاهد ولخريجيها من الطلبة الذين تبدأ أعمارهم من العشرين عاماً حتى أعتاب الستين.

وفي أهمية تدريس اللغة الروسية بالجامعة الاردنية، يمكن الاستشهاد بتصريحات مدير المركز الثقافي الروسي في الاردن الدكتور فاديم زايتشيكوف، الذي نوّه في تصريحات سبق ونقلتها وكالة الانباء الاردنية الرسمية بترا والصحافة المحلية، إلى شراكة تربط المركز بالجامعة الاردنية، من خلال برنامج البكالوريوس في اللغة الروسية، في قسم اللغات في الجامعة، ومع جامعة العلوم والتكنولوجيا، ومشاركة المركز في النشاطات التي تقام في الاردن سنوياً في إطار الأيام الثقافية التي تقيمها المراكز الثقافية المُعتمدة في المملكة.

ويُنوّه المدير، الدكتور فاديم زايتشيكوف، إلى ان السنوات التي مضت تشهد على عودة نشاط المركز في المملكة، وقد شكّلت هذه الأنشطة علامة فارقة في التعاون الأكاديمي والعلمي بين روسيا الاتحادية والمملكة الاردنية الهاشمية، تمخّضت عنه مشاريع علمية في مجال النانو تكنولوجي والفضاء، ومشيراً الى ان عودة المركز للعمل، وهو كذلك ينشط بتدريس اللغة الروسية، جاء  بقرار من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى زيارته إلى المملكة في عام 2007، ومؤكداً بأن التعاون بين البلدين يتوّج بمشاريع مشتركة ما بين جهات عديدة منها: الجامعة الاردنية وجامعة الصداقة بين الشعوب في موسكو، بالإضافة للتعاون في إنتاج قمر إصطناعي صغير يُخصّص للأغراض العلمية، ومؤكداً عزم المركز والعاملين فيه على بذل المزيد من الجهود لتحقيق نقلات نوعية في علاقات التعاون الثنائي بخاصة الأكاديمية منها، ومُشيداً بجهود رئيس الجامعة الاردنية الدكتور اخليف الطراونة في تعزيز علاقات التعاون الثقافي والأكاديمي بين الاردن وروسيا الاتحادية.

……..

  • د. يلينا ريزونينكو المومني: عضو قيادة الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين، ورئيسة شُعبة اللغة الروسية بالجامعة الاردنية بعمّان.
تعليق 1
  1. مروان سوداح يقول

    مقالة ذات نظرة استراتيجية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.